المسيح في الأناجيل : صور متضاربة ومتناقضة ..المسيح [ راكبا على أتان وجحش ] !-الجزء الثاني/مير عقراوي

Fri, 20 Sep 2013 الساعة : 19:30

تقدمة كلمات قصار : إن الكثير مما ورد في الأناجيل يبعث على الدهشة والغرابة ، فكتبة الأناجيل ، في كثير من مواقعها بدلاً أنْ يرسموا للمسيح صورة حقيقية وواقعية له ، فإنهم رسموا له صوراً كثيرات مختلفات ، وهكذا فهم إختلقوا للمسيح من بنات أفكارهم ونسج خيالاتهم شخصيات متناقضات الواحدة مع الأخرى ، مثاله في هذا الجزء من بحثنا هو ركوب عيسى المسيح على ظهري الأتَان والجحش في آن واحد ، وفي وقت واحد :
يقول متَّى في إنجيله في هذا الموضوع ، للعلم إن إنجيل متى هو أول الأناجيل صحة لدى الكنيسة : [ يسوع في أورشليم : ولما قربوا من أورشليم ، ووصلوا الى بيت فاجي عند جبل الزيتون ، حينئذ أرسل يسوع تلميذين ، وقال لهما : < إذهبا الى القرية التي تجاهكما ، تجدا أتاناً مربوطة وجحشاً معها ، فحُلاَّ رباطها وآتياني بهما . فإن قال لكما قائل شيئاً ، فأجيبا : ( الربُّ محتاج اليهما ، فيرسلهما لوقته ) . وإنما حدث هذا ليتمَج ما قيل على لسان النبي :
قولوا لبنت صهيون : هوذا مَلِكُكِ آتيا اليك وديعاً راكباً على أتانٍ وجحش آبنِ دابَّة ) ] ! ينظر كتاب ( الكتاب المقدس ) دار المشرق ش . م . م ، بيروت / لبنان ، التوزيع : المكتبة الشرقية ، بيروت / لبنان ، جمعيات الكتاب المقدس في المشرق ، بيروت / لبنان ، ط 6 ، 1988 ، إنجيل متى ، ص 93 – 94
في طبعة أخرى يقول متى في إنجيله عن نفس الموضوع : [ ولما قربوا من أورشليم وجاؤا الى بيت فاجي عند جبل الزيتون حينئذ أرسل يسوع تلميذين ، قائلاً لهما : إذهبا الى القرية التي أمامكما فللوقت تجدان أتاناً مربوطة وجحشاً معها فحُلاَّهما وآتياني بهما ، وإن قال لكما أحد شيئاً ، فقولا : الربُّ محتاج اليهما ، فللوقت يرسلهما . فكان هذا كله لكي يتم ماقيل بالنبي القائل ، قولوا لإبنة صهيون : ( هوذا مَلِكُكِ يأتيك وديعاً راكباً على أتان وجحش أبن أتان )! . فذهب التلميذان وفعلا كما أمرهما يسوع ، وأتيا بالأتان والجحش ووضعا عليهما ثيابهما فجلس عليهما ] ! ينظر كتاب [ الكتاب المقدس / أي كتب العهد القديم والعهد الجديد ] ، تصدرها دار الكتاب المقدس في العالم العربي ، 1979 ، إنجيل متى ، ص 37 .
تعليق ، نقد ، تفنيد وتوضيح : هذا الموضوع الذي قاله متى في إنجيله فيه إشكالية وتناقض صارخين وكبيرين جدا ، هما ، أولاً : ليس من أخلاق وسلوك الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام - على الإطلاق والمسيح عيسى أحدهم أن يقولوا لأتباعهم : إذهبوا الى المكان الفلاني لكي تأتوني بالشيء الفلاني ، وإن بعدها سأل سائل ، أي صاحب الشيء ، قولوا : إن فلاناً يحتاجه ، يعني إن لم يسأل أحد ، ولم تروا أحدا فأتوني به بدون إذن من صاحب الحق ومالكه ..!
بالحقيقة إنَّ هذا السلوك الذي تحدَّث عنه متى بعيد كل البعد عن الإنسان السَوِيِّ فضلاً عن نبي جليل القدر والمكانة والخُلُق الرفيع كعيسى بن مريم – عليهما الصلاة والسلام - ، هنا نتساءل : اذا لم يجدوا صاحب الشيء كيف لهم الحق بأن يأتوا بحق لغيرهم هو ليس لهم أصلاً ، وبدون الإذن ..؟ فالكلام واضح بالقول : [ إذهبا الى القرية التي تجاهكما ، تجدا أتاناً مربوطة وجحشا معها ، فحُلاَّ رباطها وآتياني بها ] ، والأتان جمعه : أُتن ، وهو الحمارة ، أو أنثى الحمار ، وباللغة الكردية : [ ماكه ر ] . هنا وفق كلام متى : إنَّ المسيح يتصرَّفُ في مُلْك الغير ، وفي حق الغير دون إذن ، ثم بعدها قال : [ فإن قال لكما قائل ] . وهذا يعني فإن لم يرهما أحد ، ولم يقول لهما أحد شيئاً عليهما أن يأتيا بالأتان والجحش دون أيَّ إذن من مالكهما وصاحبهما الأصلي ، أي إيتيا بالأتان والجحش إليَّ سواءً كان بإذن ، أو بدون إذن ، وهذا كما يقول المثل الكردي : [ ديتم ئه زم ، نه ديتم دزم ، أي اذا رآني أحد فها أناذا ، وإنْ لم يرني أحد فأنا السارق ] ! . هذا السلوك السلبي لايليق قطعاً بعيسى المسيح ، وهو بعيد منه بُعْدَ كوكبنا الأرضي عن الشمس ، بل من المحال أن يصدر كلام كهذا من عيسى المسيح . فالأنبياء كلهم ، والمسيح أحدهم هم كانوا دعاة لمكارم الأخلاق والسجايا من النُبُل والفضائل والقيم ..!
ثانيا : التناقض الصارخ هو كيف أنَّ شخصاً واحداً يركب أتاناً وجحشاً سِوِيَّة ومعاً ، وفي آن واحد ، وفي وقت واحد .. . ؟! يقول متى كما أوردنا كلامه آنفاً : [ هوذا مَلِكُكِ يأتيكِ وديعاً راكباً على أتان وجحش آبن أتان ] !! ، ثم يردف متى بعدها : [ وأتَيَا بالأتان والجحش ووضعا عليهما ثيابهما فجلس عليهما ] !! ، أي إن التلميذان وضعا السرجين على ظهري الأتان والجحش فجلس عليهما عيسى المسيح ..!

Share |