الضمير عين الله في الأرض/المهندس علي العتابي
Fri, 20 Sep 2013 الساعة : 18:52

لكل إنسان بغض النظر عن انتمائه القومي أو الديني هديه ثمينة من الله سبحانه و تعالى تسمى الضمير أو الوجدان و الذي يعتبر رقيب على ما يفعله أو ينوي أن يفعله أو ما فعله في الماضي القريب و البعيد و المؤنب و المحاسب لما قد يقترفه الإنسان من أثم أو ذنب قد يتمثل بتجاوز بني أدم لآدميته أو انسلاخه منها أو التجاوز على حق الأخر أو الخروج من النمط الأخلاقي و القيم الانسانيه لتحقيق الغايات الغير مشروعه و فقا" لفكر البعض من أصحاب الطروحات الشاذه مثل نيقولا ميكافيللي الذي ناقش في كتابه الشهير الامير المبدأ المعروف ب الغايه تبرر الوسيله و الذي بين بأن الهدف الذي تصبو أليه يضفي الشرعيه لجميع السبل و الوسائل المتبعه لتحقيق هذا الهدف ,حيث أنه أي ميكافللي لا ينظر الى مشروعية الوسائل المتبعه لتحقيق الهدف بل ينظر الى الهدف نفسه .و في هذا المنحى نرى تغييب كامل لدور الضمير الانساني المصحح و المؤنب للنفس الاماره بالسوء و التي تستخدم الوسائل الغير مشروعه التي تحتوي في مظمونها على الظلم أذا تطلب الامر او أباحة أستخدام كل الوسائل الغير مشروعه في سبيل تحقيق الغايه المنشوده و بذلك يصبح الضمير الانساني في أجازه و عطله رسميه طويلة الامد تحول الانسان من بشر خلقه الله بأحسن تقويم الى حيوان بصورة أنسان لا يملك خطوط حمراء أو حدود شرعيه تردعه عن القيام بالمحرمات فيصبح بايلوجيا" أنسان لكنه كتكوين أخلاقي و عقلي فهو حيوان بأمتياز لا بل قد تكون بعض الحيوانات أشرف منزله منه أذا ما أنسلخ من أدميته ,و قد ناقش فرويد الضمير الانساني بطريقه مختلفه حيث أشار الى أن الانسان يملك عقلين في تكوينه الانساني و هما العقل الباطن و العقل الظاهر حيث أن العقل الظاهر يوجه ما يريد أن يتفوه به أو يقوله الانسان أو يريد أن يتقدم به من خطب و كلمات تبحث عن التملق و شراء رضا الناس أذا ما كان المتحدث منافقا" أو كاذبا بينما عقله الباطن يحمل عكس الذي يقوله أي أصبح هذا النموذج مزدوج الشخصيه لا بل منافق بأمتياز لآنه يكن في داخله ما لا يقوله على الملاء ,,و تنشط هذه الحاله عند غياب الضمير الانساني الحي الرافض للظلم و الاعوجاج حتى تتغلب الشهوات و المعصيه على ضميره و تعطل كل معاني الانسانيه بداخله فيتحول الى وحش بصورة أنسان يستخدم كل السبل لنيل ما يصبو أليه بل يبدأ العقل الباطن و الظاهر بأيجاد المبررات لما يقدم على فعله من قبائح و هي ما يطلق عليها النفس الاماره بالسوء ,,حيث أن للضمير دور الرقيب المحاسب الذي يشعرك بالعذاب أذا ما أقدمت على الباطل و يدفعك لفعل الخير و من هنا تجدر الاشاره الى أن الناس غير متساوون بعلمهم و يبقى السؤال الاهم كيف يمكن أن يتم تقويم الضمير أو ما يعرف ب التفقه بالدين الذي يغذي الانسان بالحلال و الحرام و الذي يصنع من هذا الضمير قاعدة بيانات لمطابقة أعمالنا اليوميه و مقارنتها بما كسبناه من علوم فقهيه و معرفة الحلال من الحرام و معرفة الجائز و الغير جائز ,,,,قال سبحانه و تعالى في كتابه << وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ<< حيث أن الصراع بين الهوى و الضمير حرب عبر عنها القرأن بمواضع كثيره تؤشر الى أن لكل انسان نفس أماره بالسوء تلك التي تنشط لكي تقتل الضمير الحي و تتغلب على ثوابت الخلق الحميد و تسوقه الى ممارسة الرذيله و الفسق ألا من يتغلب على هواه أو يصارع من اجل الحفاظ على ثوابته بالضد من الهوى و يستثني القرأن الكريم بدلالة الايه >>إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي << ممن يحمل العصمة و هم خارج ما نناقش اليوم لآن لهم ضمير لا ينام و لا يملكون نفس أماره بالسوء و هم ممن خلقهم الله ليعبدوه و يسبحوا له سلام الله و صلواته عليهم أجمعين,,, حاول كثير من المفكرين الغرب و غيرهم من تشويه معالم الانسانيه و تجريد الانسان من معالمه الاخلاقيه و قيمه الادميه عن طريق طرح و تبني أفكار و مشاريع تهدف الى سلخ محتوى الانسانيه و منهم نيتشه الالماني الذي يدعو الى فكرة الانسان المتطور و التي تدعو في محتواها الى أن البقاء للاقوى في ظل نظرية الانتخاب الطبيعي للانسان و التي بالنتيجه تؤشر أنتخاب الاقوى حيث أشار في كتابه أصل الاخلاق الى أن الكون خلق بكل تفاصيله على شكل أنسان قوي و أخر ضعيف و حيوان مفترس و أخر وديع لذى بالنتيجه فأن الضعيف لا مكان له و البقاء للاقوى و بقي أن نعرف أن هذا الضمير هل يحتاج الى كتابة وثيقه خطيه و أنتهى دوره أم يحتاج الى متابعه و تغذيه أنسانيه و عباده حقيقيه تقربه الى الله لكي ينشد التسديد و السير القويم كما نعرف أن رأس الحكمه مخافة الله و هل سيقيد ميثاق الشرف الذي وقعه الساسه العراقيين التمادي و القتل و الفساد و السرقه و يوقف مسلسل الدم أم ينتهي الامر بوثيقة الشرف مجرد ورقه تم التوقيع عليها حيث شرعا" تعتبر هذه الوثيقة هي عهد والله سبحانه و تعالى في محكم كتابه يقول >>> وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا<<< حيث أن الترحيب بالمبادرة أمام التلفاز فقط و بدون الالتزام بها يجعلها قصاصة ورق لا قيمه لها و يحاسب الله على خرق العهد و المواثيق الشرعيه و كما علمنا أنها وثيقة سلام و تعايش لذى بات من الظروري و مطلوب من الساسه ان يحتكموا الى الرقيب الاول و هو الضمير الذي أذا ما غاب غابت معه كل القيم جمعاء و الله من وراء القصد