السبيل الى وحدة العراقيين/طاهر مسلم البكاء
Fri, 20 Sep 2013 الساعة : 0:53

كنا ايام الدراسة نطمح ونردد امالا ً وردية عن وحدة بلاد العرب ، وكنا قد رسمنا في مخيلتنا الفتية صورة لخارطة وطن العرب الذي يمتد من الخليج العربي الى المحيط الأطلسي ، ونعلن بفرح غامر عن كبير وعظيم خطر هذه البلاد الواسعة التي ستتوحد قريبا ً الى دولة واحدة تمثلنا نحن العرب وتكون لها الأمكانات الهائلة من الثروات التي تكتنزها ارضها ومن مقومات الوحدة التي لاتتوفر لللآخرين ، وليس هذا فقط بل انها ستكون قلب امة اكبر بكثير منها هي الأمة الأسلامية .
الزمن والأحلام
اثبت الزمن اللاحق ان ما كنا نردد لايعدو عن كونه أحلام وردية ممنوعة من التحقيق ،تركت مع الزمن جروحا ً في الفكر لاتندمل ، وان الحدود المصطنعة التي تفصل بلاد العرب والتي كنا ننتظر زوالها ، قد ازدادت متانه وازدادت مسافة بحصول انفصالات جديدة في الجسد العربي وفي الفكر العربي والتوجه العربي ، فاليوم نجد العجيب والغريب ،نجد من الصعب ان نتنقل بحرية داخل وطننا الأصغر العراق ونحس خوفا ً ان أجزاءه مهددة بالتفكك وان هناك طموحا ً الى تمزيقه الى دويلات كلما تمكن القائمون على ذلك من زيادة عددها يكون أفضل لديهم وأدعى للأعتزاز ، وان هناك من يقوى بفعل مسميات حديثة على الدعوة الى شق الصف واللحمة العراقية ، ولايهتم اولئك الدعاة الجدد بما يحصل للعراق بقدر مايولون أهمية لأطماع شخصية ومخططات شيطانية من ان تتحقق على ارض الواقع ، وبرزت خطورة الأمر عندما بدءوا يسموننا بمسميات جديدة ، ويجزءون البلد الى طوائف وديانات وقوميات وأقليات ، رغم انه لايوجد في العالم كله بلد لايجمع طوائف وأعراق متعددة .
اخي وصديقي زيد
عشنا أيام الدراسة التي استمرت لأربعة سنوات ، وكنا ندرس سوية ونأكل وننام تجمعنا غرفة واحدة في القسم الداخلي في بغداد العاصمة ،رغم انه سني وانا شيعي، كنت من الجنوب من ذي قار وكان من ديالى ، وكنت اصف له جمال بساتين النخيل الممتدة على شواطئ الفرات وجمال الأهوار وطبيعتها الساحرة فيتشوق لزيارتها ،وكان يصف لي تشابك اشجار الفاكهة والحمضيات التي تشتهر بها ديالى فيشدني الشوق لزيارتها ، وكنا نصلي كل على طريقته ونتناقش في الأمور العامة ولم يحصل يوم ان حصلت أي مشادة او حساسية من نوع ما يزخر به العراق اليوم ، وقبل ايام في مكالمة هاتفية ، اشتكى لي زيد مما يحصل في ديالى واشتكيت له مما يحصل في الناصرية وتساءل كلانا عن من يقوم بكل هذا القتل وسفك دماء الأبرياء والتخريب ،وتوادعنا وكنا متفقين ان شعب العراق الطيب السجية والموصوف بالكرم وحسن المعشر لن يقوم بشئ من هذا ، أنه أمر منظم مرتب لتفكيك وحدة العراقيين التي نسجت عبر الاف السنين ، ومع عظيم الخطر وقسوة المؤامرة فأن بعض سياسيينا ينساقون بأتجاهها تحت ضغط اطماع خاصة ، حتى استفحل الأرهاب واصبحوا لايقوون على القضاء عليه ،وبدى وكأن له منظرين خاصين يعلنون بخطب حماسية مهمة النيل من وحدة الوطن تحت عباءة الدين والدين من كل هؤلاء براء ،فديننا الحنيف يدعو للوحدة بمواجهة اعداء الأمة ولايدعو الى الفرقة والشتات .
الطريق الى قوة التماسك
لاأحد يجلب الوحدة وأعادة الروح العراقية سوى العراقييون انفسهم ، وذلك بوعيهم لعميق المؤامرة التي تستهدفهم ، وفهمهم لأطماع الآخرين بثروات بلادهم ، والذين كما يبدو ، يريدون العراقيين مجزئين يدب في صفوفهم الضعف وتسري في اوصالهم الفرقة ، وعليهم عدم السماع لكل ناعق ينشد الفرقة ويعمل لها مهما كان مركزه أو منصبه ، كما ان عليهم ان لايتشاطرون ضد بعضهم البعض ، بل يوفروا هذا التشاطر لمواجهة الأعداء الذين وصلوا الى ابواب بيوتهم واسواقهم ،ويجب عليهم توحيد أهدافهم بما يجلب الأمان وتوفير الخدمات والعيش الرغيد لكل عراقي ،وان ما تكتنزه ارض العراق يكفي جميع العراقيين عندما يكون القياد بأيد امينه ،وليس صعبا ً ان يجدوا حلا ً للمشاكل الآنية التي تحصل ، كما يجب ان يكونوا على حذر شديد من الأمور التي تحمل الحساسية الدينية او المذهبية او غيرها ،كونها اسلحة نشحذها بأيدينا ونسلمها بيد اعداء العراق لذبح ابناءه وتهديم وحدته ، وان علينا ان ننظر الى المستقبل حيث يوحدنا تراب العراق ونعمل بهمة لبناء بلدنا واللحاق بركب الدول المتقدمة ما دامت فرصتنا جيدة اليوم بوجود ثروات العراق الوفيرة ، علينا تعويض ما نال بلادنا من خراب ، وتعويض ما مر من زمن دون ان نواكب مسير العالم من حولنا ،فالمعروف عن العراقيين انهم كادحون وبناة مهرة ،خصوصا ً اذا توفر لهم الحافز واذا وجد من يتمكن من شحذ هممهم وتوجيههم الوجهة الصحيحة نحو البناء .