فنُّ الكتابة و الخطابة - القسم الثاني(6)فنُّ آلكتابَة و آلخطابَة – ألقسمُ آلثّاني(6)/عزيز الخزرجي

Fri, 13 Sep 2013 الساعة : 22:08

فنُّ آلكتابَة و آلخطابَة – ألقسمُ آلثّاني(6)
ألمجالُ آلرّابع: تأليف ألكتب و آلمجلّدات؛
مجالاتُ تأليف ألكُتُبِ مُتنوعة بحسب ألمراحل و آلمستويات ألمطلوبة, لكون آلأنسان يمرُّ بعدّة مراحل خلال فترة عمره إبتداءاً من آلولادة و حتّى الممات, لذلك لا بدَّ من مراعاة ألمستوى آلفكريّ و آلنّضج ألعقليّ لكلّ مرحلةٍ.

إنّ آلأخذ بنظر ألأعتبار مسألة ألسّن يأتي كون وعي ألأنسان و إدراكهُ و نضجهُ ألعقليّ يختلف من مرحلة لأخرى, لهذا يجب مخاطبتهُ في حدود ذلك الأدارك و مستوى آلوعي عموماً, و من هنا قسّمَ العلماء ألمراحل الدّراسيّة إلى:

مرحلة ألرّوضة : و هي ألمرحلة دون سنّ ألسّادسة حيث يتمّ إعدادهم و تعليمهم لألف باء ألكتابة و الرّسم و آلعلوم و آلّلغات إعتماداً على ألمناهج و آلكتب و آلمؤلّفات ألّتي تُناسب مُستواهم للدّخول في آلمرحلة ألأبتدائية.

مرحلة ألأبتدائيّة: يكون آلطفل قد تعلّم ألف باء ألكتابة و لفظ أسماء آلأشكال و قواعد آلرّسم و آلّلّغة – و ربّما لغة أخرى بجانب لغة الأمّ بآلأضافة إلى مبادئ ألعلوم و آلحساب إعتماداً على آلكتب و آلمجلات ألمناسبة لمستوى سنّ آلأطفال في هذه المرحلة للأنتقال إلى مرحلة ألمتوسطة.
مرحلة ألمتوسطة: يكون آلطالب فيها على إستعداد لدراسة مُقدّمات و أولوّيات ألمواضيع و آلعلوم ألحياتيّة ألتي سيدرسها في آلمرحلة اللاحقة.
مرحلة ألثّانوية: و فيها يتمّ إعداد ألتّلاميذ لدخول ألجّامعة بعد حصولهم على آلمؤهلات ألمطلوبة ألتي تسمح لهم بآلتخصّص في حدود معيّنة لأداء عملٍ مُعيّن خدمة للمجتمع.
مرحلة ألجّامعة: و فيها يحصل ألطلاب على آلشّهادات ألجامعيّة ألأوّليّة و آلّتي تؤهلهم للقيام بعملٍ مّا في آلحياة لخدمة آلمجتمع.
مرحلة التّخصص: و تشمل ألدّراسات العليا ألّتي من خلالها يجتهد آلطالب للحصول على شهادة ألماجستير أو آلدكتوراه – كما بيّنا سابقاً – ليكون عنصراً هامّاً في طريق آلرّقي و آلتّطور لبناء ألحضارة آلأنسانيّة لأسعاد ألبشريّة.

لقد إعتبر آلبعض مرحلة تشكيل آلنطفة في آلأصلاب و حتّى ما قبلها لحين ألولادة مرحلة هامّة تسبق جميع ألمراحل ألمذكورة آنفاً في صياغة تكوين ألشّخصية الأنسانيّة, بإعتبار ألجّينات ألوراثيّة ألتي تنتقل عن طريق آلنطفة(الحيمن و آلأسبرم) لها أثرٌ بالغ في مستوى التربية و آلتعليم و بآلتالي إستقامة الأنسان و صلاحه, و قد أكّدت ألدّراسات ألحديثة على ذلك بينما آلأسلام أشار لذلك قبل أكثر من أربعة عشر قرناً حين أوصى بوجوب أكل لقمة ألحلال و تطهير ألطعام و آلشراب كي تكون آلنطفة طاهرة و سليمة.

و هكذا يكون لنوع آلتربيّة في كلّ مرحلة تأثيرٌ و إسلوبٌ و مستوىً يُناسب قدرات و وعي ألطالب تظهر بوضوحٍ من خلال تصرفاته و سلوكه و تعامله مع آلمجتمع خيراً أو شرّاً!

كما يجب ألقول بأنّ هناك أموراً و آداباً مُرادفة للأختصاص و ربّما تسبقهُ؛ يجب ألتأكيد عليها و أخذها بنظر الأعتبار لطرحها على ألمُعلّمين و آلمُتعلمين لتوجيههم بشكلٍ صحيح ليكونوا عناصر إنسانيّة إيجابيّة فاعلة في بناء ألحياة تتمحور معظمها في آلجانب ألأخلاقيّ و آلأدبيّ ألّتي أكّدها آلدِّين ألأسلاميّ ألحنيف, لأنّ آلعلم بدون ألأخلاق لا يُمكن أنْ تخدم آلأنسان مهما تألّق و تتطور, حيث يؤكّد نبّي آلرّحمة بقوله: [ألدّين و آلعلم تؤأمان إنْ إفترقا إحترقا], و لعلّ مصداق هذا آلحديث قد برزَ بشكلٍ واضحٍ في المجتمعات الغربيّة ألّتي إبتعدتْ عن آلأخلاق و آلقيم شيئاً فشيئاً بسبب ماهيّة النظام ألرّأسمالي, و من أهمّ ألأمور ألّتي يجب مراعاتها و تعليمها عبر جميع المراحل ألتّربوية و آلتّعليميّة كلٌ بحسب مستواه هي:
مسألة آلوجود و آلخلق و تتفرّع منها ألأسئلة المحوريّة ألتالية:
هل لهذا الكون من خالق؟
من هو؟
من أين أتينا؟
مع مَنْ أتينا؟
و لماذا أتينا؟
و كيف أتينا؟
و كيف نعود؟
و إلى أين نعود؟

إنّ أهميّة تلكَ آلأسس ألفكريّة ألتّربويّة تأتي كوننا سننطلق إلى آلحياة و آلعمل و آلبناء بروحٍ معرفيّة عاليةٍ و أرضيّةٍ صُلبة و قواعدٍ محكمةٍ و سنكون بآلتأكيد مُبدعين بمحبة الله و تأييده كعامل غيّبي فاعل و قويّ في مسيرة الأنسان كما بيّنا سابقاً, لأنّ كفاحنا و كدحنا أساساً هو إلى الله و مع الله و بآلله للخلق و مع آلخلق و بآلخلق و إلى آلخلق.

إنّ قيمة آلأنسان بآلفكر ألمُشبّع بآلأخلاق ألكريمة ألّتي يحملهُ, كمنطلق يُحدّدُ مسيرةِ ألأنسانِ و سعيه و جهاده و عملهِ في آلحياة لتحقيق ألسّعادة في آلدّارين بأتمّ وجه.

ليس آلمهم – بل لا تكفي - حجم ألأعمال و آلأموال و آلتكنولوجيا و كثرة آلبنايات و أطوالها أو ما حصلنا عليه من آلمتع بطرق غير شرعيّة, بل آلمهم و آلتّوأم ألذي لا غنى عنه هو؛ مدى صحّة و منطقية و عدالة آلفكر ألذي نحملهُ بإتجاه آلحقّ و آلمُقرّبين و آلناس أجمع و من هنا يتبيّن مدى تأثير ألمكون ألعائليّ على تربية ألأنسان و إعداده, لذلك يكون قيمة ألكتاب كمصدر أساسيّ لأفكارنا و معارفنا بما يمتاز به و يحويه من ذلك الفكر الأنساني ألنبيل ألذي تهدف إليه ألكتب من خلال طرح ألنّظريات و آلعلوم و آلأحداث بدقّة و واقعيّةٍ و منهجيّةٍ مُتطورةٍ و مُدعمة بآلأدّلة و آلأرقام ألميدانيّة و آلتحقيقات و آلمصادر ألمختلفة و بما يناسب فطرة ألأنسان حتّى يُحدث تأثيراً و تغييراً إيجابياَ في وعي ألقارئ بحيث يمكننا ملاحظتهِ و إدراكهِ من خلال سلوكهِ و تعاملهِ و حركتهِ في آلحياة و علاقاته ألأنسانيّة في آلمجتمع كَكُل.

إنّ بعض ألقُرّاء و آلباحثين يُعيدون قراءة بعض ألكتب ألقيّمة مرّات بلْ و يجعلونها مصادر أساسيّة كمناهج في حياتهم ألأدبيّة و آلعلميّة لما تحتويها من أفكارٍ و معلومات غنيّة تجذبهم بحيث تملك وجودهم و كأنّ روح ألكاتب أصبحَ حاضراً و مُسلّطاً على آلقارئ و أستاذاً لهُ و إنْ لم يكنْ قدْ إلتقاهُ من قبل و لو مرّة واحدة.

و لكلّ كتابٍ موضوعٌ و هدفٌ مركزيّ يتضمّنهُ لتثقيف ألقارئ و إقناعهُ, لذا يجب أن يمتاز آلكتاب بآلرّصانة و آلمنهجيّة و آلبيان ألواضح و آلأسلوب ألسّلسل و آلأستدلال ألمنطقيّ ألمحكم و آلبراهين ألعلميّة ألمدعومة بآلأرقام و آلصّور ألتّوضيحيّة مع آلمُخططات و آلملاحق ألمطلوبَة مع عنوانٍ دالٍ و جذّابٍ و مُعبّرٍ عن هدفيّة و مضمون وعنوان ألكتاب, فآلعنوان للكتاب كوجه ألأنسان و نظرتهِ للآخرين لأنها تُعبر عن خفايا و سريرة صاحبه.

أمّا آلأمور ألفنيّة ألأخرى من قبيل؛ حجم ألكتاب؛ نوع ألورق؛ ألأخراج ألفنّي؛ نوع ألصّور و آلبيانات؛ نوع ألخط و حجمهُ؛ جلد ألكتاب ألخارجيّ؛ ألعناوين ألفرعيّة؛ ألمقدّمة و آلمؤخرة؛ ألأخراج الفنيّ, كلّها مؤشراتٌ دالّة وهامّة لجذب ألقارئ و شدّهِ لأقتناء ألكتاب و مطالعتهِ و آلـتأثير فيه, لذا يُرجى مُراعاة ذلك و آلأستفادة ألقصوى من أهل ألفن و آلخبرة لأنجاز الكتاب على أحسن وجه.

و آلكتاب كما بيّنا يتكوّن من أبوابٍ و فصولٍ و ملاحق و مصادر و كلّ فصلٍ من أقسام, مع مُقدّمة توضحيّة لمضمون ألكتاب و هدفهُ وأهمّ المحاور فيه بحيث يجعل ألقارئ و كأنهُ فَهِمَ آلكتاب جُملةً من خلالها و كذلك آلخاتمة يجب أنْ تُلخّص و تُؤكّد فيها عبر بيانٍ واضح قيمة آلمضمون و ونتائجهُ و آثرهُ في آلمعرفة ألأنسانيّة, و لا بأس بتعريفٍ مقتضبٍ من عدّة أسطر للكتاب أو آلكاتب و أهم مؤلفاته على آلصّفحة الأخيرة من آلجّلد مع صورة جميلة للكاتب نفسه.

و لا يُخفى على آلباحث ألكريم أنّ بعض ألمؤلّفات تتكوّن من عدّة أجزاء, و بعض ألمؤلفين يُفضّلون جمعها ضمن دورة واحدة أو مجلّد واحد أو إثنين لتسهيل عرضه و تداوله لتحقيق ألهدف إجمالاً و قد يكون موضوع آلكتاب مُوحّداً أو مُختلفاً بحسب ألمضمون و آلأختصاص, و قد تكون دورة تأريخيّة أو مجموعة شعريّة أو تفسيرٍ أو تأويلٍ للكتب ألمقدسة كآلقرآن ألكريم أو آلأنجيل أو التوراة أو أية قضية علميّة تهمّ آلأنسان ألمُعاصر في هذا آلوجود.
عزيز الخزرجي  

Share |