كيف عالج الشهيد الصدر مجتمعاً ميت سريرياً !/غفار عفراوي

Mon, 9 Sep 2013 الساعة : 21:48

رأى الشهيد الصدر أن صدام وحزبه قد تحركوا ضد المجتمع العراقي عموماً والعنصر الشبابي بوجه خاص لبث الفساد والتخريب العقائدي والديني في نفوسهم لأنهم يريدون مجتمعاً فارغاً لا يفكر إلا بملء بطنه ولا يعي ما يجري حوله (ان المستكبرين يخشون الإنسان لان الإنسان الكامل يعي ويرفض ويقاوم الظلم، فهم لا يريدون إنساناً هم يريدون أجساما ذات بطن وفرج فقط) المجتمع الفرعوني:محمد علي امين:ص109.
حيث قاموا بنشر بارات الخمور وبيوت الدعارة والفجور والحث على السفور وإفراغ الجوامع والمساجد من المصلين باستخدام الحديد والنار والبطش والتعذيب. حينها كانت المرجعية الدينية تنتهج أسلوب الانتظار مع مقلديها فان جاؤوا إلى النجف أجابتهم عن أسألتهم ونظرت في مشاكلهم وإلا فلا!
لذلك وجه السيد خطباء الجمع والوكلاء الشباب من أصحاب القلوب القوية الجريئة إلى المساجد والحسينيات التي أصبحت مليئة بالمصلين ومكتظة بالشباب الرساليين الشغوفين لتعلم أصول وفروع الدين والذين أصبحوا بدورهم مبلغين في مناطقهم ومدنهم ولا زالوا يأخذون دورهم التوعوي التثقيفي، يقفون بوجه التخلف والجهل والخوف والقلق.
بعد أن كان صدام مصدراً للخوف والبطش صار هؤلاء الشباب مصدراً لرعب القيادة البعثية وناقوساً يدق ويقلق الطاغية وحزبه الفاشي حين استطاع الصدر العظيم تحويل الروح الانهزامية المترددة القلقة عند الشعب إلى روح متحدية لكل ظالم في العالم مستلهمين كل معاني البطولة والشجاعة من رجل وقف وحده في ميدان الرمي وبصدر مفتوح ليطلق صرخة الحق ويوقظ شعب أبي غيور كان بحاجة إلى منقذ يخلصه من غفوته وسباته العميق فصار مثار حسد وبغض شعوب العالم بما سطره من بطولة وملحمة كبرى ضد طاغية العصر.
استطاع الشهيد الصدر أن يغير المجتمع العراقي بصورة جذرية وبسرعة كبيرة جداً نسبة للمشاكل والأمراض التي كان يعانيها المجتمع منذ عقود وأبرزها الازدواجية في العمل والنفاق في التعامل مع الآخر ورغم أن السيد لم يأت بدين جديد إلا انه جاء بأسلوب جديد وطريقة عبقرية للوصول إلى مكنونات النفس البشرية العراقية وعلاج أمراضها وإعطاءها الوصفة السحرية وكأنه قد أمسك بعصا موسى عليه السلام فكان يغير الأشياء - كل الأشياء - كيفما أراد وبأسلوب السهل الممتنع الذي كان سهلاً عليه لكنه عصي على غيره من العلماء والفقهاء والمراجع الذين حاولوا أن يجربوا حظهم أكثر من مرة إلا أن الفشل الذريع كان حصتهم من مقلديهم بطبيعة الحال.
فماذا فعل السيد الصدر، وما العلاج الذي اكتشفه ، وكيف انصاع المجتمع له طواعية وبدون تهديد أو ترغيب كما يفعل الآخرون.
لقد كسر الشهيد الصدر الحواجز كافة بين السلطة والشعب، فبعد أن كان الناس ولعقود من الزمن قد تعودوا على الاستكانة والذلة والانصياع، أصبحوا غير مبالين بأية أوامر أو تهديدات أو ترغيبات من قبل سلطات البعث الإجرامية، وكان أمر السيد هو النافذ عندهم ومهما كان صعبا ومهما كلف الثمن وهذا الأمر انطبق على مقلديه ومقلدي المراجع الآخرين الذين وجدوا أنفسهم منقادين إليه والى فتاواه بدون شعور وشاهدنا الكثير منهم في صلاة الجمعة وفي زيارة الإمام الحسين في النصف من شعبان التي أمر بإحيائها السيد مشيا على الإقدام، فقد وجدوا ضالتهم في المخلّص من القهر والعذاب والجهل وأصبحت قلوبهم لأمره منقادة ولنواهيه مبتعدة ولا أبالغ إن قلت إن اغلب أبناء المجتمع كانوا يرون صورة أئمتهم المعصومين فيه، بل أن البعض قد تطرف كثيراً وأدعى بأن السيد الصدر هو الإمام المهدي عليه السلام وبغض النظر عن صحة أو حرمة هذا الاعتقاد فإننا نلاحظ مدى تعلق الناس به رضوان الله عليه ومدى حبهم وانقيادهم له. ورغم ان هذا الانقياد مطلوب وخصوصاً من قبل المرجعيات الأخرى التي تعمل على جمع أكثر عدد من المقلدين وتوجيب الانصياع لأوامرها بدون نقاش أو تفكير، إلا أن السيد الصدر رفض ذلك وركز على الطاعة المسؤولة لا الطاعة العمياء ورفض ان يعبده الناس كصنم لان الغاية خلق مجتمع شجاع مؤمن بالإسلام وبنفسه وبهدفه لا مجتمع منقاد لا يمتلك الشخصية المؤهلة للقيام بالواجبات العديدة التي تنتظره.

Share |