سمعة أوباما والحروب الجبانة/طاهر مسلم البكاء
Sat, 7 Sep 2013 الساعة : 0:43

جميع الحروب التي خاضتها الأمبراطورية الكبرى في هذا العصر ،هي حروب صغرى يمكن وصفها بكامل الثقة أنها حروب جبانة ،فالأمبراطورية الجديدة التي انفردت لبرهة في عمر التاريخ ،لم تشعر انها حقا ً امبراطورية كبرى بدليل أنها كانت تحاول أختيار ضحايا ليست من عداد الدول الكبرى التي تقاربها بالقوة والحجم ،ومع كل ذلك كانت تحاول انهاك الضحية ما استطاعت الى ذلك من سبيل قبل الأنقضاض عليها بعنف ،لكي تبرز بالمقابل أنها من طراز الأمبراطورات الدموية التي سادت ثم بادت .
أفغانستان هي ذات موقع جيوستراتيجي تربط شرق وغرب وجنوب ووسط آسيا وهي من الدول التي تمتلك كل صفات الدول التي تبحث عنها امبراطورية عصرنا الحالي ،فهي دولة منهكة في حروب كبرى مستمرة حيث أحتلت من الأتحاد السوفيتي السابق عام1979م ،ثم بعد رحيل السوفيت ،دارت رحى حروب داخلية مريرة بين الأحزاب العديدة المتصارعة حتى عام 1994 حيث برزت طالبان وسيطرة على البلاد في فترة قياسية وبقيت حتى هجوم الأمبراطورية الأمريكية ،وهي بهذه الصفات دولة منهكة بالكامل ولم تكن تحتاج كل القوة التي استخدمت لأحتلالها ،ولكن الأفغان بما عرف عنهم من عناد جعلوا الأمريكان ورغم الأسناد من الحلف الأطلسي يدفعون الثمن غاليا ً ويعلقون في وحول وتضاريس افغانستان .
اما العراق فدولة قد خرجت للتو من حرب طاحنة مع جارتها ايران امتدت لثمان سنوات قتل فيها مليون انسان ،وقد كان يغذيها الغرب ويصرح قادته انهم لايريدون ان يخرج أي طرف من المتحاربين منتصرا ً وكانوا يريدون استمرارها الى ابعد فترة ممكنه !
ثم حيك لصدام كمين الكويت في وقت كان السوفيت ينهارون ، ونجحت امريكا بسبب غباء صدام في حياكة اقسى حصار عرفته البشرية في تاريخها ،حيك على شعب العراق بالدرجة الأولى ،حيث ان قيادته كانت مستمرة بالنعيم وبناء القصور الفارهة ،ووقف بمواجهة العراق العدو والصديق وضرب العراق الضربة الأمريكية الأولى ولم يكن العراق في عداد الدول المناضرة لأمريكا في أي مقياس دولي ،فهو:
- دولة خارجة من حرب ضروس امتدت لثمان سنوات .
- فرض عليها وعلى شعبها حصار وقرارات جائرة ،وصلت الى لقمة عيش ومائدة العراقي وملبسه وشرابه .
- جميع اسلحتها قديمة وعفى عليها الزمن ولا قياس مع ما تمتلكه امبراطورية امريكا .
- لم يكن يملك طيران يستطيع المواجهة بسبب التقادم .
- لم يكن يملك مقاومة طائرات تحمي جيشه ومنشآته واراضيه .
- اقتصاده منهار ومدان ،وقد ازداد الأمر سوء بتوقف بيع المصدر الأقتصادي الرئيس للبلاد وهو النفط .
ومع كل التدمير الذي لحق بالبلاد فأن الأمبراطورية الجديدة حلى لها ان تعيد كرّة الدمار مرة أخرى في حرب ثانية في العام 2003 وكأن الدنيا ،لم يكن فيها سوى العراق لأبراز عضلات امبراطورية العصر ،ولو كان الهدف صدام فلم يكن يحتاج كل هذا الدمار وخراب البنى الأرتكازية للبلاد ونهبها وسرقت كنوزها .
مواصفات الحروب الجبانة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ان مثل هذه الحروب بكل المقايس والأعراف ،تعدحروب جبانة كانت القوة المهاجمة تختارفيها فريسة منهكة لتنقض عليها فيما يكون بنفس الوقت هناك تحديات أكبر من دول تخشى مواجهتها ،فقد كانت كوريا الشمالية تهدد بأمتلاك وتصنيع السلاح النووي وقد أمتلكته فعلا ً وهددت به امريكا وحلفاءها بالمنطقة ولكنها لم تواجهها كما ضربت افغانستان والعراق الذين ثبت عدم امتلاكهما لأي اسلحة من اسلحة التدمير الشامل .
أن الرئيس الحالي لأمبراطورية امريكا، التي بدى أن عمرأمبراطوريتها قصير وانها سائرة في طريق الأنهيار السريع ، أدرك مبكرا ً ان مغامرات من سبقوه لم تخدم امريكا وعرضت أقتصادها الى هزات كبيرة ،وجعلت المواطن الأمريكي يسأم من هذه العنتريات وهو يرى الجنود الأمريكان يعودون بالأكفان ،وقد تصرف بحذر وحذق شديدين حتى الآن رغم ضغوط اللوبي الصهيوني الذي كان يريد من أمريكا ان تدخل في مغامرة جديدة بضرب ايران بحجة عملها على امتلاك سلاح نووي بينما دويلة الصهاينة تمتلك فعلا ً هذا السلاح دون أي اشارة من أحد الى هذا ولا حتى العرب المستعربة أولئك الذين يتركون القدس بيد الصهاينة ويفتون بالجهاد في بلاد الأسلام وبقتل المسلمين وتخريب ديارهم ، وليس هذا فقط بل انهم اليوم يشاركون في تكاليف ضرب دول العرب وخرابها .
هل يسئ اوباما الى سمعته في سوريا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ان ضرب سوريا الذي اعلن عنه الرئيس الأمريكي ،والذي كما يبدو أنه سائر فيه بحذر شديد ،سوف يخل بالصورة التي قدمها للمواطن الأمريكي وللعالم خلال فترة حكمه التي امتدت الى دورتين رئاسيتين ، وستكون لو حصلت بنفس مواصفات الحروب السابقة لأمبراطورية أمريكا ،أي انها تصنف في خانة الحروب الجبانة ، والتي ستنقض فيها الأمبراطورية الأمريكية على ضحية تخوض حرب داخلية منذ سنتين وقد انهكت تماما ً ،غيرأنها تختلف عما سبقها كونها ستجعل اوباما يلعن اللحظة التي اتخذ فيها مثل هذا القرار وستأتي على سمعته وانجازاته خلال فترة حكمه السابقة ، فهي في منطقة ستراتيجية مهمة وسوريا أحدى دول المواجهة مع الصهاينة والتي لم توقع معهم معاهدات وأن الأمور قد تتطور الى ما هو أسوء بكثير مما في العراق ،فالحرب يمكن تحديد بدايتها ولايمكن التنبأ بنهايتها وقد كانت التجارب السابقة في العراق وافغانستان خير مثال على ذلك .