المثقف داعية اصلاح/عبدا لستار الاسماعيلي

Sat, 7 Sep 2013 الساعة : 0:32

المثقف في كل مجتمع داعية أصلاح , وحامل رسالة                     تخاطب انسانية الإنسان , ومشعل نور يرفد الحياة الاجتماعية         بما يجود به القلم من أنتاج وابداع , فهو صاحب وظيفة                      غايتها نشر الوعي وكل ماله صلة ببناء شخصية الإنسان                   بناءاً يؤدي الى إشاعة المفاهيم التربوية , والأخلاقية                    وترسيخ القيم الوطنية في المجتمع .والمثقف                                  ينطلق في أداء مهمته هذه من حصيلته المعرفيه                       وتجربته الاجتماعية وفقاً لتفاعله مع معطيات محيطه الاجتماعي .
وبذلك فأن المثقفين في كل مجتمع أمام مسؤولية كبيرة , وهذه المسؤولية هي المحافظة على مفاهيم سليمة صالحة للتعامل الاجتماعي , ومنع المؤثرات الطارئه نتيجة الأزمات والحروب والظروف المختلفه من ان تحدث تغييراً في المنظومه السلوكيه الصحيحه لأفراد المجتمع في العقود الاخيره من حياتنا الاجتماعيه ونتيجة لما مر بنا من ظروف معروفه أصيبت قيمنا                    ومفاهيمنا التي تميزنا كمجتمع معروف بتقاليده                      وعاداته بشروخ كبيره نتيجة نزوع البعض الى الخروج                 عن ما هو مأولف والتمرد على قوانين النظام الاجتماعي بتأثير الأوضاع الجديدة  وما رافقها من تقلبات في شتى جوانب الحياة.
ومن هنا فأن واجب المثقف ان يسخر كل طاقاته للوقوف                 بوجه المفاهيم الفاسده وارجاع المجتمع الى سلوكيته السليمه .
فعندما نتمعن في حياتنا الاجتماعيه ومايسودها من نظم وعلاقات وإشكاليات نجد اننا بحاجه الى مراجعه واعادة نظر في مختلف الجوانب , بحاجه الى فهم لكثير من الظواهر التي تكتنف واقعنا . بحاجه لأن نعرف أين نحن من دائرة التأثر والتأثير ؟ .. نحتاج الى مزيد من المعرفه في مجمل السلوكيات السائدة.                                في واقعنا الكثير من المتناقضات التي تنعكس                               الى الحياة العامه وتؤثر فيها .
بكلام أكثر وضوحاً .. اننا نعيش عوالم متناقضه بين سلوكياتنا الاجتماعيه الموروثه وسلوكيات وافده الينا لاتقيم وزناً                        لما موروث من قيم وتقاليد .. وهذا لايعني ان كل ما هو                 موروث صحيح وسليم ولا كل ما هو وافد الينا غير مقبول .
مسؤولية المثقف تكمن هنا , في ايجاد وإشاعة مفاهيم تستقيم            مع هويتنا الاجتماعيه وبشكل يواكب تطور الحياة                         دون ان يمس بثوابتنا الروحيه والاخلاقيه والتربويه .
وبناءاً على ما تقدم فأن المثقف أولى من غيره في الالتزام بمجمل ما تفرضه قيمنا الروحيه وثوابتنا الاجتماعيه .وهذه المهمه تتجلى بوضوح اكبر عندما ندرك ان عامة المجتمع ينظر الى المثقف بأعتباره قدوه في الفكر والسلوك والتربية وفي كل عناوين الحياة الايجابيه , وعندما تصدر عن المثقف أي ممارسه فكريه لاتراعي الجوانب الاخلاقيه والتربويه فأنه يعكس مشروعية تداول ما تنطوي عليه تلك الممارسه من الفاظ وأفكار                               وصور وان كانت لاتستقيم مع المنهج التربوي السليم .
دعونا نتابع ما يصدر هنا وهناك من بعض الكتابات والاعمال وما تتضمن من الفاظ لاتصلح للتداول في أدنى المستويات , فما            بالك ان تطالعنا مثل تلك الكتابات والاعمال الهابطه                           في مختلف وسائل الأعلام المسموعه والمرئيه والمقروءه .
بل دعونا نتأمل في ما ينشر من صور فاضحه لامبرر                 لوجودها , وهي ان وجدت فأنما تشير الى بضاعه كاسدة تحاول ان تجد لها سوقاً من خلال هذه الصور في أوساط السلوكيه المتدنيه , والأغرب ان هناك صحف رصينه , زاخرة          بمواضيعها الفكريه وموادها الثقافيه والعلميه ولها جمهور واسع من القراء , غنيه عن هذه الصور , بل هي أبهى وأكثر اشراقاً وتأثيراً بدونها , وجود تلك الصور يتناقض مع الخط العام                الذي تسلكه هذه الصحف في نشر الثقافه والعلم والمعرفه                ونقد كل ما هو سلبي يتنافى مع السلوكية المتوازنة .
في كل يوم أتابع خطواتي نحو المكتبة المعهوده لأقتناء                 نسختي من الصحيفه اليومية وانا في طريقي من الدائرة                 الى البيت عند نهاية الدوام , وفي كل مرة القي نظره سريعة على صفحاتها وعندما أرى صورة من الصور الخادشه للحياء              اضطر الى رفعها من الصحيفة قبل وصولي الى البيت , لسبب بسيط انها تضعني في احراج أمام أولادي عندما يقلبون            الصفحات , في الوقت الذي أريد لهم ان يداوموا على القراءة والمطالعة والكتابة ومن بينها متابعة الصحف .
لعل احداً يستغرب ويتهمني بالتهويل لهذه القضية , لكنها مشكلة حقيقية تواجهنا , لأنها تمس جانب تربوي من                             حياتنا, وقد يقول قائل وأين أنت من صور الفضائيات ؟  فأجيب ان ذلك متروك لنظام الاسرة وطريقة توجيهها توجيهاً صحيحاً من قبل الوالدين , وأعود للتأكيد مهمة المثقف كما تقدم مهمة تمليها عليه رسالته في الحياة وهي نشر الوعي الداعي الى الارتفاع بالانسان الى مستوى انسانيته وهذه المهمة لابد ان تتناسق مع الأداء الفعلي لكل صاحب قلم نزيه يريد للفضيلة ان تسمو ولكل فنان يحاكي بأعماله المثال في كل صورة .
اعترف أني طرقت موضوعاً قد يجعلني عند البعض                                 من أصحاب الكهف في زمن تلوثت  فيه السلوكيات وتغيرت                  الطباع , وأصبح من ينادي بالعودة الى المتوازن                               من السلوك , والناضج من الأفكار والى كل ما تقتضيه                     الحكمة في التصرف أصبح كالذي يؤذن في  مالطا .
رسالتكم أخوتنا أصحاب الكلمة ورواد الثقافة وأهل الفن هي هذه وانتم جديرون بها . ورب تلميح ابلغ من تصريح . والله الموفق .

 

Share |