الاخوان بين الفشل والافشال/عصام الطائي

Thu, 5 Sep 2013 الساعة : 23:47

ان التغيير الحادث الذي حصل في مصر لم يكن بسبب فشل الاخوان فحسب بل بسبب افشالهم من قبل القوى المضادة التي تمثل فلول مبارك بالاضافة الى المؤسسات التي بناءها مبارك لاجله كمؤسسة الجيش وكذلك الى بعض القوى اليسارية والليبرالية والقومية وكان على الاخوان ان يكونوا اذكى من ذلك الا انهم قد وقعوا في الفخ الذي نصب لهم فان السلطة او الحكم هي اشبه بالبحر العميق قد غرق فيها اناس كثيرون فكان الاجدر بهم ان لا يقعوا في المنزلق الذي لا يمكن لهم ان يخرجوا منه بسهولة وقد استعمل الجيش والقوى المضادة التسقيط السياسي من خلال اتهامهم للاخوان بالارهاب والعناويين الاخرى التي استخدموها ضدهم وان الكثير يعرف ان الاخوان قد فشلوا في تحقيق بناء دولة نتيجة جعل الاولوية في الولاء للاخوان اكثر من أي ولاء اخر هذا غير الاخطاء الكثيرة الا ان الاختلاف معهم ليس بالضرورة يوجب اسقاطتهم واتهامهم بالارهاب وكان بالامكان احتواء الاخوان باسلوب اخر.

ولقد كان العناد احدى السمات الاساسية للاخوان وان تمسكهم الشديد بالشرعية يعبر عن سذاجة سياسية وهو احدى اسباب الجهل فما قيمة الشرعية لو فقد الاداء السياسي المطلوب ومن المعلوم ان مصر وغيرها من البلدان حبلى بالمشاكل والازمات الاقتصادية فقد كان يرتقب الشعب المصري ان بمجرد حكم الاخوان سوف يحصل الاصلاح وتحل كثير من المشاكل بالاخص الاقتصادية ولو كان الاخوان يملكون نضجا سياسيا كان عليهم ان لن يقتربوا في التمسك بالسلطة التنفيذية والاقتصار على السلطة التشريعية والاعتماد على الكفاءات المستقلة في ادارة البلاد وقد وقع الاخوان في مازق كبير بسبب عدم تحقيق أي اداء سياسي يعبرعن نضج سياسي واضح وكان الاداء لا يمثل طموح المصريين ولو حكم غير الاخوان لفشلوا كذلك ذلك لان مصر حبلى بالمشاكل والازمات التي تسبب فيها النظام الفاسد لحسني مبارك.

الا ان في المقابل كان استخدم الجيش اسلوب العنف الشديد يعبر عن حالات من الظلم والقسوة في التعامل مع ابناء شعبهم وحتى وصل الحال بعدم المبالاة لحرمة الموتى في اثناء فض الاعتصامات وكل هذا يعبر على ان الحكام الجدد كذلك لا يمثلون مستوى طموح الشعب المصري وان التعامل باسلوب العنف دليل على قسوة القلوب وخبث السرائر واتضح كذلك من القوى اليبرالية والقومية واليسارية تلهفها لمغانم السلطة وانه بالرغم من اخطاء الاخوان لكنه لا يجب استخدام اسلوب الاعتقالات لقادة الاخوان بهذا الطريقة من التعامل القاسي.

واتضح كذلك ان بعض الدول العربية كالسعودية والامارات والكويت من خلال تقديم الدعم لمصر ليس حبا للشعب المصري بل خدمة لمصالحها في المنطقة وان الدول الخليجية بالاخص السعودية وقطر والكويت هي مصدر المؤامرات في المنطقة العربية فهي لا تقل عن الدول الغربية بارتكاب العدوان على البلدان العربية الاخرى فهذه الدول تعمل لاجل مصالحها مما يتسبب في تمزيق واضعاف العالم العربي والاسلامي.

ونفس الحالة بالنسبة لحركة النهضة في تونس فلا زال التمسك الشديد بالحكم وعدم التنازل قد يسبب اسقاطتهم سياسيا مستقبلا في اللهث وراء السلطة ويعبر هذا عن صورة سلبية قد وقع فيها الاسلاميون كغيرهم من التيارات الاخرى القومية واليسارية والليبرالية في استلام أي حكم ويعبر عن حالة الضعف البشري اتجاه مغريات الحكم ويدل على وجود عقليات غير مرنة اتجاه تعاملها مع قضايا الحياة وكان بامكان حل المشكلة ببساطة الا ان الجناح الاقوى المسيطر على حركة النهضة يرفض كثير من الاطروحات التي يمكن حل كثير من تلك المشاكل وتعيش كثير من الاحزاب الاسلامية الشيعية والسنية نفس المشكلة فتجد هناك احتزال للحزب او الحركة لجماعة دون اخرى والاستحواذ على صناعة القرار من قبل افراد معيين يستحوذون على صناعة القرار وهذه يعبر على وجود مشكلة انسانية وهي حالة الضعف البشري بما موجود من ميول واهواء وطموحات لا يمكن ان يسمح لغيرهم بصناعة القرار .

ونفس الحالة على مستوى المرجعيات الدينية فتجد كذلك هناك قوى مختلفة تحيط بالمرجعيات تجعل بناء صورة معينة لا يمكن الخروج عنها فالبعض يعتبر ان المرجعية ملك عضوض لا يمكن بالسهولة التنازل عنه لان فيه كثير من الامتيازات المعنوية والمادية لذلك نسمع بين فترة واخرى وجود عداء لكل من يحاول ان يقترب من هذا المسارلانه بمثابة خط احمر أي يحاول ان يبرز ليكون مرجعا وان ظاهرة الضعف البشري هي التي تخلق هذه التناقضات في الحياة الانسانية وتعيق أي اصلاح سواءا على مستوى المرجعيات الدينية بشتى انواعها او على مستوى الاحزاب والحركات والجمعيات.

وان الفئة المغيبة وهي المثقفة وهي الفئة المخلصة القادرة عن صناعة القرار والذي يتفق مع معطيات المرحلة وهي التي يمكن لها ان تحل كثير من المشاكل والازمات ولا يمكن للامة ان تنهض ولا يمكن للدول ان تبنى الا بوجود قوة مخلصة من اصحاب الكفاءات والاختصاصات ومن الطبقة المثقة التي تتحسس بهموم الامه.

عصام الطائي

Share |