أبناء رفحاء "عنوان بطولي" للانتفاضة الشعبانية/شوقي العيسى

Thu, 5 Sep 2013 الساعة : 23:13

عندما يدق ناقوس الخطر وتعزف اوتار البطولة وتزال غبار المعركة ينبثق امامك صناديد الزمن تجدهم ابناء رفحاء / الانتفاضة الشعبانية.
هكذا كانت عزيمة الابطال ممن تسري في عروقهم انهار دجلة والفرات وحب ارض وادي الرافدين وارض المقدسات ، ابناء رفحاء الذين كانت صولاتهم يشهد لها التأريخ الذي سطر باحرف من نور بطولاتهم وارادتهم وانتصارهم ضد اعظم دكتاتورية في الشرق الاوسط، منذ ان حملوا ارواحهم على اكفهم وقارعوا نظام استحباراتي هجين متمرس بكافة انواع القسوة والتعذيب .
انتفاضة عام 1991 سجلها التأريخ ورجاله لابناء رفحاء الذين شاركوا في اندلاع تلك الصرخة المدوية، صرخة الحق ضد الباطل لترسم ملامح انهيار الدكتاتورية البغيضة فيما بعد ، هذا لا يعني ان ابناء رفحاء هم وحدهم ممن تسلقوا مجد التأريخ البطولي من ابناء الانتفاضة الشعبانية المباركة بل هناك من الابطال الذين خلدهم التأريخ وسيبقى مدين لهم في استمرار بطولاتهم في مقارعة الطاغية حتى بعد انتهاء الانتفاضة الشعبانية المباركة ممن تشردوا في دول الجوار وممن سكنوا اهوار العراق، ولكن أبناء رفحاء الذين قارعوا الظلم في ثلاث مواطن سوف يبقى سجلهم حافل بها وهي:
الموطن الاول : الانتفاضة الشعبانية فعندما اندفعوا للمشاركة فيها من غير ان يكن لهم ارتباط او جهة حزبية تخطط لهم رغم ان هذه النقطة هي احد اسباب القضاء على الانتفاضة ، ولكن كانت هذه الشريحة بعيده كل البعد عن المزايدات الحزبية والفئوية من المعارضة العراقية حتى اننا شعرنا بخذلان المعارضة العراقية حينها لعدم مساعدتنا ابان الانتفاضة. ورغم الظروف المحيطة والمؤامرة التي حيكت على ابناء الشعب العراقي من دول الجوار الا ان ابناء الانتفاضة الشعبانية استطاعوا ان يسقطوا اربعة عشر محافظة عراقية. لم يخطر ببال اي ثائر عراقي انه سيفقد عمله، دراسته، عائلته او حياته كان الهم الذي يخيم على الجميع هو كيفية اسقاط النظام بشتى الوسائل، رغم ان هناك الكثير من المندسين في صفوف ابناء الانتفاضة الذين يوثقون في الصورة والصوت مجريات الانتفاضة. 
الموطن الثاني: رفحاء للذين هجروا بعد مؤامرة فهد ال سعود وحسين بن طلال وحسني مبارك والاستنجاد بالقوات الامريكية لايقاف الثورة الشعبية المباركة التي انطلقت من جنوب العراق والذي تمثل الخط الشيعي في البلاد ، فقد سمحت امريكا والقوات المتحالفة معها لصدام باستخدام الطائرات رغم ان هناك حظر استخدام الطائرات من قبل مجاس الامن ، وبالفعل تم شبه القضاء على الانتفاضة الشعبانية وفتح حدود السعودية فقط لاستقطاب الثائرين حتى يكون تحجيمهم في صحراء لا يمكن لهم المعاودة لارض الوطن. 
نجحت خطتهم الخبيثة وتم وضع ابناء رفحاء الى قسمين (نقرة السلمان) للعوائل وبعض العزاب (وحفر الباطن) مع اسرى الجيش العراقي الذين تعاملوا مع هذه الشريحة على اساس اسرى حرب وخذ اليك من قساوة التعامل من الجانب السعودي، وما ان تم عودة الاسرى واصبحت هذه الشريحة متبعثرة في الصحراء في بعض الخيم من هنا وهناك من ابناء الانتفاضة الشعبانية حتى تم جمعهم في مخيمات اخرى تسمى (الارطاوية) والذين كانوا فيها يعرفوا معنى الارطاوية جميع الاشباك ،اسلاك شائكة يبلغ ارتفاعها اربعة امتار وهناك سياجين من الاشباك ويحاط المربع بجيش سعودي مدججين بالسلاح والمدرعات السعودية تقف في كل جانب ومكان وهذا حال كل المربعات. شاهد ابناء الانتفاضة كافة انواع القهر والاضطهاد السعودي ، فالمشكلة ان هذه الشريحة كانت مقطوعة تماما عن العالم الخارجي لا احد يعلم بوجود هؤلاء لان الاسرى العراقيين تم اعادتهم وهؤلاء الذين تم جمعهم في الارطاوية لا يعلم بوجودهم الا المملكة. حتى انتفض ابناء الانتفاضة الابطال في الارطاوية في اعتصام لا مثيل له ادهش السعوديين انفسهم وتم ابلاغ وكالات الانباء بان هناك شريحة تقبع في سجون المملكة العربية السعودية في الصحراء وهنا تهافت الاعلام على هذه الشريحة التي كادت ان تباد في الصحراء من قبل ممارسات الحراس السعوديين في القتل العشوائي والتعذيب والضرب على الاشباك واستخدام الهراوات المكهربة في ضرب العراقيين. فبعد ان افتضح امر السعودية بوجود هذه الشريحة كان في الوقت ذاته مخيم للعراقيين من العوائل والعزاب الذين وصلوا عن طريق سفوان ثم نقرة السلمان تم وضعهم في (رفحاء) ، تم دمج مخيمات الارطاوية برفحاء.
رفحاء وما ادراك ما رفحاء التي احيكت مؤامرة جديدة عليها عام 1993 من قبل المخابرات العراقية والسعودية لايجاد قضية كبيرة لكي تتمكن السعودية من تسليم العراقيين للعراق وتم "حرق الاغاثة" وبعدها بدأت مرحلة البطش السعودي وعمليات اطلاق النار العشوائي ودخول القوات السعودية بالمدرعات ، سقط عدد كبير من الشهداء والجرحى فباءت جميع المحاولات بالفشل لتسليم العراقيين لنظام صدام/ كانت السعودية تفتح الاغراءات العجيبة الغريبة المالية للذين يريدون العودة للعراق والذين عادوا تبين ان معظمهم قد اعدم او اعتقل ولم يعرف مصيره. بدأت مرحلة اخرى من دخول المخابرات العراقية ووضع السموم في حاويات مياه الشرب ودخلت الى رفحاء قنابل وانفجرت واحدة على صاحبها في داره واستمر مسلسل المؤامرة على ابناء رفحاء حتى عودتهم عام 2008. قد يكون كل شخص كان في رفحاء لديه الكثير من التفاصيل من قبيل المعاناة والمؤامرات التي حيكت على هذه الشريحة المظلومة التي اصرت ان لا ترتبط باجندات سياسية وحزبية.
الموطن الثالث: الحكومة العراقية فبعد التغيير الذي حصل عام 2003 من قبل الاحتلال الامريكي للعراق ودعوة المعارضة العراقية للمشاركة في ذلك ، تنفس ابناء رفحاء الصعداء لحكومة العهد الجديد فشاركوا في دعمها بكل قوة وطيلة عقد من الزمن لا ينطق ابناء رفحاء بشيء حتى وصل الامر باستخفاف الحكومة بالعراقيين كافة ليست فقط شريحة رفحاء بقرار رئاسة الوزراء باعادة حقوق البعثيين وفدائيي صدام ، وهنا قد سقط العذر وتفتحت الجراحات لابناء رفحاء الذين لولاهم لما كانت المعارضة العراقية في الحكم فقد كان ابناء رفحاء سفراء السلام بالعالم واثبتوا للعالم اجمع ان صدام ظالم ودكتاتور وخطر على المنطقة من خلال مؤتمراتهم ولقاءاتهم مع المجتمع الغربي في كل المحافل الدولية. اثار قرار الحكومة العراقية عودة البعثيين حفيظة ابناء رفحاء من الشرفاء واندفعوا لمطالبة الحكومة العراقية بحقوقهم قد ينظر الى المطالبة انها "حقوق مادية" كلا بل انها الحقوق المعنوية بالدرجة الاولى فقد اراد ابناء رفحاء ان تكون لهم هوية تأريخية امام اجيالهم من الابناء الذين تولدوا لهم فكيف لجيل جديد ان يقرأ التاريخ بطريقة صحيحة. ان لكل امة مناضلين وعلى فترات وامتداد الامة وان ابناء رفحاء هم مناضلوا الانتفاضة الشعبانية عام 91 تم جني ثمارها بعد 2003 . 
وفي الموطن الثالث ايضا "الرفحاويين" وهنا بعض الذين اتخذوا موقفا سلبيا من ابناء رفحاء الذين طالبوا الحكومة العراقية وقد اخذوا يكيلون التهم لابناء جلدتهم وهم مقسمين الى اقسام :
القسم الاول: اجندات سياسية فالبعض معارضتهم تأتي لتنفيذ مخططات حزبية لعدم تطبيق قانون رفحاء وانضمام هذه الشريحة الى مؤسسة السجناء السياسيين ، وهم يتقاضون رواتب واجور على ذلك.
القسم الثاني: بعض الذين مدرجين في مؤسسة السجناء السياسين ويستلمون كامل الحقوق ( وهنا اود الاشارة الى كلمة بعض) وخوفا من مشاركة ابناء رفحاء لهم.
القسم الثالث: المرفهين وهذا القسم هو الغالبية خارج العراق ولا يحسون بمعاناة ابناء رفحاء الذين عادوا للداخل ممن لا يملكون قوت يومهم ولا مأوى يجمع عيالهم.
القسم الرابع: ممن يجمعون جميع هذه الاقسام ويتحركون لاجلها.
ليفتخر ابناء رفحاء ان اصرارهم وقوة عزيمتهم ومطالبتهم في حقوقهم قد حققت لهم انتصارا تأريخيا على مدى حقبة من الزمن ، بالاضافة الى ذلك ان اقرار قانون انضمام رفحاء الى مؤسسة السجناء السياسيين جاء تلبية للمطالبة المستمرة من قبل الجمهور وليست لاحد على اهالي رفحاء منية لا حزب ولا شخصيات ما عدا بعض الشخصيات التي تبنت المشروع منذ ثلاث سنوات وطالبت وقارعت وحاربت من اجله، فالرجاء من الجهات السياسية والشخصيات عدم المزايدات على ميل شريحة اتخذت الحيادية والاستقلالية شعارا لها. كما نرجو من ابناء رفحاء ان يكونوا على اهبة الاستعداد في مناصرة اي مظلومية للشعب العراقي وعدم التوقف في المطالبة بكافة حقوق ابناء العراق وكافة الشرائح حتى الشرائح التي كانت تتفرج على قضية رفحاء.

*رئيس تحرير رابطة الكتاب العراقيين

Share |