دلالية امريدي لبيع السياسة/عزيز الكعبي

Wed, 4 Sep 2013 الساعة : 23:42

مصيبتنا هذه الأيام أن مصطلح السياسة تعرض لعملية تشويه وتخريب طويلة ومرة، ولم تعد السياسة تقوم على حسن الإدارة وحسن التدبير بقدر ما أصبحت تقوم على الخداع والتضليل وقلب المعلومات وتكرار الكذب ومداومة الضحك على الذقون من جميع الأطراف، وأصبح الاستعراض واللعب البهلواني هو المتألّق الذي يحظى بالإعجاب والفتنة والتصفيق الحار والوقوف احتراماً وتقديراً وكلنا علم ان.
السياسة تحتاج إلى هدوء ورباطة جأش، وتشغيل للعقل ولجم لنزوات العواطف وتهدئة للانفعالات، وبعد عن الأضواء وهرج المسارح وصيحات الدهماء، من أجل تهيئة البيئة لدراسة علمية موضوعية متأنية، تتحمل الألم، ولا تتشوق لعبارات المديح والثناء العاجل الذي يورث الندم الطويل وضياع الهدف ويورث الخسران الذي لا يقدر بثمن ولا ينفع معه اللوم.
من أكثر مصائب السياسة ظهور أصحاب الصوت المرتفع الذين أدركوا نقاط ضعف الجماهير، فلعبوا على أوتار الإثارة والانفعال للحصول على لذة عابرة تنتهي كلمح البصر، وتبقى حسرة ضياع الهدف وفقدان الطريق وخسارة المستقبل.
انّ العمل السياسي الحقيقي المثمر عمل مضني وممل، يقوم على حرارة العقل وبرودة القلب والعاطفة، بعيداً عن الأضواء وصرخات المعجبين وبعيداً عن أساليب الاستعراض والنجومية، والقفز على الحبال ومتابعة نظرات الإعجاب والتلويح بالأذرع والأيدي.
العمل السياسي يقوم على الدقة في اختيار الهدف، والدقة في رسم خطوات العمل والدقة في رسم ملامح البرنامج الواضح البعيد عن الشعارات العامة والفضفاضة التي تدغدغ عواطف السذج وترضي مشاعر البسطاء.
فقد اقترنت السياسة بالذكاء والدهاء والموهبة والفراسة والبصيرة والخبرة وطول التجربة وسعة الثقافة والإطلاّع ومجالسة الحكماء والخبراء وأصحاب السابقة وأهل التاريخ
عزيز الكعبي 

Share |