الديمقراطية تلد ديكتاتورية !/طاهر مسلم البكاء
Tue, 3 Sep 2013 الساعة : 23:41

في مفاجأة كبرى منعت في محافظات، تظاهرات شعب العراق لألغاء الرواتب التقاعدية، وضيق عليها في محافظات أخرى ، رغم ان المنطق يقول ان تلك الرواتب فاقدة أي شرعية ما دام الشعب قد رفضها وأن من غير الصحيح شرعا ً وقانونا ًان يقوم ممثلوا الشعب الذين أؤتمنوا على أموال الشعب ، بأقتسامها بينهم ويتركوا الشعب يعيش الحرمان .
المرحلة الأولى وهي التعبير عن الرفض بالتظاهر، قد انتهت ولا يبدو في الأفق ان هناك حلولا ً جذرية سريعة ، ولم يتصرف القادة وفق الدستور والديمقراطية التي جلبتهم الى هذه المناصب فمن باب أولى ان يمثل البرلمانيون الشعب ،وأن يكونوا صوته وممثلوه في البرلمان ، وقبل أن تبتدأ المرحلة الثانية يتوجب أن يبدأ البرلمانيون والسادة المسؤولون بوضع قرارات تنهي هذه الحالة الشاذة والتي لايوجد مثيلها في أي دولة أخرى غير العراق ولانعرف من أي مصدر جاءوا بها ، وان لايكتفوا بالتصريحات الأعلامية التي استوعبها الشعب وما عادت تنطلي على أحد ،من أي مصدر صدرت ، فالشعب اليوم بأنتظار الأفعال، ومن أكبر الأخطاء تصور ان الأمر قد انتهى .
عدم الأستجابة ماذا تعني ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ان عدم الأستجابة العاجلة لمطالب الشعب يبقي توقد الشرارة ملتهبا ً وان كل الأحتمالات تبقى مفتوحة وليس من مصلحة البلاد والحكومة ان يبقى وضع غير طبيعي بدون حسم ،حيث يكون فرصة ذهبية للمتصيدين الباحثين عن النيل من البلاد وحكومتها كما ان هذا يعني أن ديكتاتورية جديدة قد ولدت بأسم الديمقراطية .
مراجعة الديمقراطية المعتمدة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من يكون قادر على الحد من تحول الديمقراطية الى ديكتاتورية ؟ أن لنا بشعب العراق الذي واجه مختلف المحن وبمرجعياتنا الدينية في عموم العراق وبرجال العراق الشرفاء ثقة كبيرة في ممارسة نقد الواقع العراقي الذي يعود القهقري، فيما العالم اليوم يتقدم بسرع كبيرة ،نناشدهم بتحمل مسؤلياتهم الشرعية وتدارس واقع العراق نحو أسلوب عصري يعتمد الكفاءة والتحصيل العلمي الحقيقي وليس المزور والسمعة الحسنة والخبرة والممارسة في من يتصدون للمسؤلية القيادية .
أن العراق في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه ،والتي يتصدر فيها دول العالم بالفساد وانعدام الأمن، لاتصلح مثل هذه الديمقراطية لحكمة وتنظيم شئونه وخير شاهد على ما نقول ما يقوم به برلمانه الأن من دور لايمثل ارادة الشعب وعدم حفظ الأمانة التي أتمنه عليه الشعب ،وإذا كان هذا دور ممثلي الشعب في هذه الديمقراطية فكيف بالآخرين ،وهذا ما أوجد حالة عامة من ضياع الضمير وولادة قيم وأفكار جديدة لدى العامة ، تشجع على السرقة والتزوير والتصرف بالمال العام وعلى مبدئ ( إذا كان رب البيت بالدف ناقر ما شيمة آل البيت إلاّ الرقص )،وأصبح من يرشح للمسؤولية يبحث أول ما يبحث عن ماذا يستفيد من هذا المنصب وليس البحث في الطرق المثلى لتقديم أفضل خدمة للناس وأرضاء ضميره ،وتقديم الأسوة الحسنة لمن انتخبه من الشعب .
لقد كانت انتخابات مجالس المحافظات مؤشر لهبوط شعبية أحزاب عتيدة كان لها باع في مقارعة الدكتاتورية البغيضة والتنظير الى عراق ديمقراطي جديد ، ولكننا لانعرف الى الآن هل هذه الأحزاب التي رسمنا لها صور مثالية لاتشبه بأي حال ما رأيناها وهي في السلطة ،غيبت لأسباب خارجية أم انها غابت لأسباب تتعلق بداخلها وشخوصها ، ان من يقود النضال السلبي يصقل بالمحن والشدائد ويبقى يتمتع بصفات القائد الثوري الذي لايغريه بريق الدنيا من مال وجاه مؤقت زائف ،انه يظل وفيا ًيحن للقيم والمثل التي قاتل من أجلها ،وهو أقدر الرجال على القيادة بعد تحقق الأنتصار وتوليه المناصب القيادية لما يملكه من صفات تحدثنا عنها ولما يكنّه له رفاق النضال وعامة الشعب من تقدير وأحترام ،ولكننا وجدنا على الأعم الأغلب أناس شغلهم الثراء الفاحش الذي تحقق بأمتيازات قننت ووضعت خصيصا ًللسادة المسؤولين لكي ينشغلوا بالدنيا عن أمور الناس .