31 آب!/حيدر الجابر

Mon, 2 Sep 2013 الساعة : 12:45

حق التعبير مكفول، هذا أبرز ما يتضمنه الدستور العراقي، الذي نال رضا أكثر من ثلثي الشعب، وعلى ضوئه تشكّل الحكومات وتمنح الحقوق وتحدد الواجبات. دستورنا فضفاض جداً في مجال الحريات، بل ان احد الذين كتبوه وصفه بالاكثر استيعاباً للحرية في العالم. الحقيقة التي يجب ان يفهمها الجميع ان هذا الدستور يتضمن مطبات وعقداً قانونية ستطيح بفكرته الاساسية، حيث اصبح أحد أبرز المعضلات، بسبب نصوصه التي فصّلت واعطت من دون وجه حق. الحديث عن نص جامد شيء، وتطبيق روحه شيء آخر.
العقدة هي: الدرجات الخاصة من مدير عام فما فوق يتسلمون راتباً ضخماً لأنهم درجات خاصة، وكذلك سيتسلمون رواتب تقاعدية بنسبة 80% من رواتبهم الأصلية، وبحساب عرب سيتألف جيش جرار من المتقاعدين الارستقراطيين ينهك الميزانية ويبتلع اموال النفط. النواب ـ المشرعون والمراقبون لمصلحة الشعب ـ استجابوا ودعموا مطالب إلغاء الرواتب التقاعدية، وتسابقوا الى تأييدها بالرغم من انهم استفادوا منها طوال عشر سنوات ماضية. الحكومة تؤيد وتطالب البرلمان بتشريع لإلغاء التقاعد النيابي وتخفيض الرواتب. الاستجابة الفعلية ضعيفة ولم يصدر قرار أو تشريع أو أي بادرة جدية على تنفيذ المطلب الشعبي. أمام هذا الإهمال المتعمد يخرج أصحاب الشأن الى الشارع من طور الحشد والدعاية الى التظاهر والمطالبة الحقيقية، لتعترضهم القوات الحكومية وتمنعهم، وتهددهم، وربما تقمعهم. والنتيجة ان السلطتين المتهمتين بالفساد والإفساد تكرران دعم المتظاهرين ومطالبهم المشروعة.
بعد استعراض برلماني واسع في التنازل عن التقاعد كشف قانونيون ان الدستور نفسه يرفض تنازل متقاعد عن راتبه لأي سبب، أي أنهم سيتسلمون الملايين رغماً عن انوفهم. وقال نائب أن اي تشريع مماثل ستطعن به المحكمة الاتحادية شكلاً لأنه يجب ان يرفع من الحكومة الى البرلمان.
في 31 آب، بدأت الحياة تعود الى الروح العراقية الراكدة، المتظاهرون: علمانيون، اسلاميون، مثقفون، أميون.. الخ، الجميع متفق على هدف. أظن أن هذه البداية.. أصحاب القرار في العراق اليوم، يعانون من فقر المستحى وجفاف الضمير، لم تبقَ في وجوههم نقطة حياء.. لذلك علينا أن نفهم وعليهم أن يفهموا: نعم، نحن رفعناهم.. وسنسقطهم..

Share |