هل مرسي وقادة حزبه رجال دولة؟/عاصم الجابري
Mon, 26 Aug 2013 الساعة : 16:34

قال عمر بن الخطاب (رض) : " تفقهوا قبل ان تسودوا ".
مشكلتنا في وطننا العربي تسلطت علينا قيادات أتت من هامش المجتمع مباشرة الى الوزارة او الى القصر الجمهوري أو الملكي دون التدرج عملياً في السلك السياسي والدبلوماسي وكسب الخبرات! أيضا ليس لديها شهادات من جامعات معترف بها عالمياً أو معارف ولغات تؤهلهم لادارة وظائفهم السياسية! اشبههم مثل الذي تُسلمهُ قيادة سفينة في وسط بحر متلاطم بالامواج وتطلب منه قيادتها الى الميناء بسلام وهو لم يخبر قيادة مركباً صغيراً في حياته!!! وإن وجد لدينا رجال دولة حائزين على شهادات أكاديمية عليا من جامعات معترف بها عالمياً، وتدرجوا في العمل بالسلك السياسي والدبلوماسي وخبروه جيداً، لكنهم تراهم مخترقين من قبل أنظمة دول الاستكبار العالمي وارتبطوا بهم كعملاء يعملون لديهم كموظفين بأجر، ينفذون أجندات هذه الدول على حساب اوطانهم وشعوبهم وديانتهم! كما تراهم ليس لديهم مشروع وطني سياسي ينهض بوطنهم.
مصر دولة عظيمة بتاريخها، وموقعها، وخيراتها، وشعبها الذكي والمثابر، والقنوع، والصبور الذي سلبوا ارادته وكرامته وهمشوه على مدى عقود، هذه الدولة لا يمكن أن تُختَزل قيادتها من قبل أُناس متقولبة عقولهم على عقلية منتهية الصلاحية! مصر بحاجة الى مشروع وطني تديره مؤسسات برجال دولة مقتدرين ومخلصين لله والوطن والشعب، ويتمتعون بكفائات عالية كي يتغلبوا على الانحدار الذي سببته الحكومات السابقة، حكم مصر ليس لعبة، بل مسؤولية عظيمة لا يتحملها الا رجال دولة صناديد عباقرة، ومستعدين للموت من اجل مصر وإستقلالها.
ممكن تكتشف معدن وعقلية وكفائة الانسان من خلال لسانه عندما يتحدث، ولو بجملة واحدة! الامام علي (ع) يقول "المرء مخبوء تحت طي لسانه".
عندما خطب د. مرسي في مؤتمر عدم الانحياز في أوغسطس 2012 بطهران، واستهل خطابه بالترضي على الخلفاء الاربع وبقية الصحابة من التابعين رضوان الله عليهم أجمعين أدركت أن د. مرسي ليس رجل دولة، وليس كفؤ لاشغال كرسي رئاسة مصر ام الدنيا! السبب حسب رأي، أن خطابه ديني طائفي موجه الى فئة محدودة من المسلمين، على رأسهم جماعته من الاخوان المسلمين، والسلفيين في مصر والعالم الاسلامي، في حين هو في مؤتمر عالمي يدعو الى عدم الانحياز وعليه ان يحترم قواعد المؤتمر، لكن طائفيته طفحت وطغت على ذلك! علماً أن الترضي على الصحابة لم يكن موجود في العصر الاسلامي الاول، إبتُدِعَ لاحقاً لاسباب سياسية محضة أكل الدهر وشرب عليها، أي هذه السياسة تصلح للعصور الوسطى وليس لهذا العصر، وقصد د. مرسي هنا جلي، هو مكايدة الشيعة وكسب ود الفئة التي ذكرتها اعلاه، وذلك لان ايران تدعم سورية في حربها ضد الارهاب العالمي! الذي يسميه هو بالثورة السورية! هذه المكايدة عدم لياقة بل وقاحة غير ضرورية وكان عليه تجنب ذلك خاصة هذه اول زيارة لرئيس مصري بعد الثورة الاسلامية، في حين أن الجمهورية الاسلامية أكرمته واستقبلته بحفاوة تليق بمصر ام الدنيا ومكانتها. وبعد ذلك توالت أخطائه هو وقادته من الاخوان المسلمين، وسوف أوجز لكم أدناه بعضها تلافياً للاسهاب:
• الرسالة التي بعثها د. مرسي الى نظيره في الكيان الغاصب الاسرائيلي شمعون بيريز، بشأن اعتماد السفير المصري الجديد لدى اسرائيل، يخاطبه في مقدمتها بـ "عزيزي وصديقي العظيم" ويختمها بتوقيعه تحت كلمتي "صديقكم الوفي"! صديقك العظيم والوفي هذا يقتل اهلك الفلسطينيين مذ كان عضوٌ في عصابات الهاجاناه الى يومك هذا! لم هذا النفاق والتملق؟ هذه الرسالة أذلت المصريين والعالمين العربي والاسلامي، ودلّت على نفاق وغباء سياسي يتمتع به د. مرسي ومن وراءه قادة حزبه من الاخوان المسلمين! كان على الاقل أن يستفيد بطرد سفير الكيان الغاصب من القاهرة، وعدم ارسال السفير المصري، وتهديد الامريكان والصهاينة بألغاء اتفاقية كامب ديفد كي يساوم على ما يريده منهم لصالح مصر وشعبها الثائر، بينما هو طمئن الصهاينة والامريكان على استمرارية اتفاقية كامب ديفد وأحترام كافة بنودها مجاناً متخلياً عن حتى اجراء التعديلات على بعض بنودها لصالح مصر! .
• ساهموا في حصار غزة بتدمير الانفاق على الحدود ما بين غزة ومصر بأغراقها بالمياه الجوفية، في حين مبارك لم يستجيب لارادة الكيان الاسرائيلي ابان حكمه بتدمير هذه الانفاق، رافضا سياسة خنق غزة.
• محاربة الاقليات، وتشويه سمعتهم بأكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان، وخاصة الشيعة والصوفية بواسطة خطباء الجوامع، والفضائيات التي انتشرت في عهدهم، ومواقع التواصل الاجتماعي، والانترنت، والغريب في سابقة نادرة تحدث في تاريخ مصر الحديث قتل اناس بطريق وحشية بسبب معتقدهم ويسحلون جثثهم ويمثل بها بأيحاء من د. مرسي ذاته! مثلما حدث لرجل الدين الشيعي حسن شحاته وثلاثة آخرين معه! ويؤكد هذا الكلام فيديو للشيخ السلفي المتطرف وحيد عبد السلام بالي موجود رابطه في أسفل المقال، حيث ينقل أنه جائهم من مصدر موثوق أن الرئيس مرسي أصدر اوامره الى الامن القومي بمتابعة كل من يدعو الى المذهب الشيعي والقبض عليه! وبذلك خسروا الاخوان تعاطف غالبية الشعب المصري المعروف عنه بالتسامح بعد ان أساؤوا الى سمعته، وربحوا الاقلية من الشعب المصري المتطرف، وكل ذلك ارضاءاً لاجندات خارجية ومن اجل التشبث بالسلطة.
• تعاملوا مع حليفهم حزب النور ليست معاملة الند للند، بل وكانه اوصياء عليهم مما أدى الى تهميشهم في السلطة، وإن إقالة مستشار الرئيس خالد علم الدين عضو الهيئة القيادية العليا في حزب النور السلفي أدت الى زعزعة الثقة فيما بينهما! وبالاخير لم يقف حزب النور الى جانبهم عندما ثار الشعب المصري في 30 يوليو عليهم.
• لم يدركوا مدى قوة المؤسسة العسكرية! هذه المؤسسة لاعب تاريخي اساسي في قيادة مصر، وذلك ان جل رؤساء مصر السابقين هم من الجنرالات، وبذلك لم يتمكنوا من أحتواء جنرالات الجيش وجعلهم يلتفون حول مؤسسة الرئاسة مثل ما فعل الرئيس المخلوع مبارك، معتقدين أنهم أقوياء بصناديق الاقتراع التي اوصلتهم الى السلطة! وإن إقالة القائد العام للقواة المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي، ورئيس هيئة الاركان الفريق سامي عنان زادت الطين بلة في فقدان الثقة بينهما أي العسكر والاخوان.
• سعوا على أخونة مؤسسات الدولة، وأبدوا عناداً وغروراً في التعامل مع غالبية القوى من الشعب المصري: العلمانية، والقومية، والقبطية، وغيرهم من الذين ساهموا في ثورة 25 يناير! بينما تعاملوا بكل رضوخ وتملق لارضاء القوى الخارجية لدرجة أذلوا الشعب المصري من أجل ان يغنموا السلطة وتكون مصر ضيعة لهم وأتباعهم يسرحون ويمرحون بها على هواهم!.
• أن الامة الاسلامية في هذه الحقبة ضربها تسونامي طائفي مقيت ممكن يدمر استقرارها وامنها، وليس من الحكمة ركب موجات هذا التسونامي خاصة وان د. مرسي رئيس لاكبر دولة عربية عرفت تاريخياً دولة ترفض التطرف وتدعم الاسلام الوسطي، ولعبت أدواراً تاريخية مشرفة بالحفاض على وحدة المسلمين بواسطة الازهر الشريف وعلمائه الاجلاء الذين تتلمذ على يدهم كثير من المسلمين من مختلف الجنسيات والمذاهب، بينما هو وجماعته حرفوا هذه النهج الوسطي عن مساره حينما دعا الى "مؤتمر الأمة المصرية لدعم الثورة السورية" في شهر يونيو المنصرم، وحشد أتباعه من الاخوان والسلفيين في أوستراد القاهرة، وكذلك دعا غالبية رجال الدين من السلفيين المتشددين أمثال: الشيخ محمد حسان، والشيخ محمد عبد المقصود، والشخ أحمد السالوس، ووزير الاوقاف الشيخ طلعت عفيفي، وغيرهم كثير، ثم دعوا في نفس الشهر الى مؤتمر خاص برجال الدين في أحد فنادق القاهرة أطلقوا عليه إسم "موقف علماء الامة من القضية السورية" وفي هذا المؤتمر اجتمع عدد كبير من رجال الدين المتشددين من كافة الدول الاسلامية أذكر بعضهم: الشيخ العريفي، والشيخ محمد حسان، والشيخ صفوة حجازي، والشيخ اسامة الرفاعي، والشيخ صلاح الدين سلطان، والشيخ ابو اسماعيل، والشيخ كريم راجح، والشيخ القرضاوي وكثير غيرهم، في كلا المؤتمرين استغل هؤلاء الدين لاهداف سياسية بحتة وخطبوا خطب نارية استعراضية بما فيهم د.مرسي، وليعلنوا الحرب على النظام السوري وعلى أيران وحزب الله، وعلى الشيعة في العالم، حيث أخرجوهم من الملة بتكفيرهم! وحولوا الصراع الى سني شيعي!!! أما اسرائيل والغرب وعلى رأسهم أمريكا أصبحوا أحبائهم!! ولو تأملنا في خطبهم تراهم يتكلمون بأسم الامة الاسلامية جمعاء، وبأسم كل الشعب المصري بكل فئاته وطوائفه!!! غريب وعجيب أمر هؤلاء، يتصرفون وكأن مصر لا يوجد فيها اي مشكلة، وكأنهم حلوا جل مشاكل مصر: السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والاجتماعية، وليتفرغوا الى الخارج!! الله يكون بعونك يا مصر.
أخيراً، بلغ السيل الزبى وثار الشعب المصري في 30 يونيو لتصحيح مسار الثورة، وامتلأت الشوارع والساحات بأعداد مليونية، مطالبين بسقوط مرسي، وكان الاجدر بهم أن يستجيبوا الى ارادة الشعب الذي اتى بهم الى السلطة، أولاً حفاظاً على دماء ووحدة المصريين، وثانياً حفاظاً على أنفسهم وسمعة حزبهم، لكن مع الاسف ركبوا رؤوسهم ودفعوا مصر الى المجهول، وهذا متوقع لانهم ليسوا رجــــــــــــــال دولــــة.