ديمقراطية صواريخ كروز/طاهر مسلم البكاء
Mon, 26 Aug 2013 الساعة : 15:21

يتحدث ساسة الأمبراطورية الأمريكية التي تسود العالم اليوم ،كثيرا ًعن الديمقراطية وحقوق الأنسان ،ومن ان ما جرب منها في امريكا يصلح ان يصد ّر الى جميع شعوب الأرض ، ويتحدث بعض مفكريها من امثال هنتنغتون من ان التارخ سوف يتوقف عند هذا الحد لأن الأمريكان قد اهتدوا الى ما هو افضل ما ينعم به عالم اليوم من سعادة وهناء وعيش رغيد ،لقد اطلق بوش الأبن على مفكره هنتنغتون بالنبي ودعاه لألقاء خطاب في البيت الأبيض معقل نهاية التاريخ !
ولكن دعونا نرى بتجرد ديمقراطية الأمبراطورية التي تريد ان ينتهي التاريخ تحت اقدامها ،وقد تكون قد شعرت بزهو في بعض اللحظات وخصوصا ً عندما كانت صواريخ كروز تحلق من مناطق بعيدة حيث حاملات الطائرات في البحار والقواعد الأرضية ومن ثم تسقط مصيبة أهدافها في عواصم دول بسيطة في الأمكانيات وليس من عداد الدول الكبرى مثل افغانستان والعراق .
لقد كانت صواريخ كروز رسل الديمقراطية الجديدة وحقوق الأنسان التي سيقف التاريخ عندها ويسجل البشارة الأمريكية للعالم ، من ان ديمقراطية مغلفة بصواريخ كروز ستنتشر مع سقوط هذه الصواريخ ،انتشار الفيروسات في البيئة الصالحة !
الزمن والهدية الأمريكية
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد مرت العديد من السنوات على التجربة الأمريكية فما الذي حدث ؟
لاتزال امريكا وحلفها الأطلسي عالقان في وحول وتضاريس افغانستان ،الدولة التي تعد من الدول الفقيرة في كل شئ وخالية من الأمكانيات ،سوى ما يمتلك شعبها من ارادة لرفض ديمقراطية صواريخ كروز التاريخية ، وقد ازدادت البلاد دمارا ًوتخلفا ً ،ولا تزال امريكا وحلفائها يدفعون الى اليوم خسائر بالأرواح والمعدات ،ويحاولون الخروج بصيغة تحفظ ماء الوجه .
اما في العراق الذي انهالت عليه الديمقراطية مع صواريخ كروز فقد دمر كل شئ جميل فيه :
- دمرت البلاد وبناها التحتية بالكامل وسرقت متاحفها ومصارفها واثارها وكنوزها وسال الدم العراقي والأمريكي على ارضها بكثافة .
- فقد شعب العراق الأمان وبدأ يصبح ويمسي على اصوات المفخخات التي تحمل الموت والدمار والقلق .
- اصبحت وحدة ابناءه ،والتي كانت من المسلمات ، على كف عفريت بفعل التقسيمات والأفكار الطائفية التي برزت مع دخول القوات الأمريكية .
- يعيش اليوم ديمقراطية عبثية ،لم تحمل الى البلاد سوى مزيد من الفساد الذي أخذ يتصدر العراق به دول العالم ،وكذلك اهتزاز هيبة الدولة واجهزتها الأمنية بعد أشتداد اوار الأرهاب ، وفقدت الناس الثقة بالديمقراطية بعد النتائج السيئة لها على ارض الواقع .
لماذا يكرر الغرب تجارب فاشلة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اليوم يستعد الغرب ، وتهيأ امريكا صواريخ كروز من جديد لتكرار السيناريو القديم الذي اصبح مملا ًولكن على الأراضي السورية هذه المرة ،بعد ان فشلت الطرق البديلة لأيصال الديمقراطية ،ويقال ان دولا ًعربية ستقوم بدفع اثمان هذه الصواريخ مادامت تحمل فايروس الديمقراطية التي انتهى عندها التاريخ !
آل بوش وأوباما
ــــــــــــــــــــــ
لقد نظّر الرئيس أوباما في حملاته الأنتخابية للشعب الأمريكي بأتجاه دعم الأقتصاد الأمريكي الذي أهتزت صورته بفعل مغامرات آل بوش ،وتحدث عن سحب الجيوش الأمريكية وايقاف عودة الجثث الأمريكية من مناطق الحرب ،وقد يكون نجح الى حد بعيد في كبح تهور اللوبي الصهيوني الذي كان يحيط آل بوش ، وهو اليوم اقوى في مواجهة الأملاءات الصهيونية والدفع بأتجاه مغامرات جديدة كونه في الولاية الثانية ولن يحتاج اصوات الصهاينة ولكن هل يتوقف الضغط الصهيوني على الأنتخابات فقط ؟
الضغط الصهيوني واقع لاينكر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حسب ما يفرضه الواقع الأمريكي ،فأن الرئيس الأمريكي لايستطيع مواجهة اللوبي الصهيوني حيث تفيد الأحصائيات أن هناك 32 منظمة يهودية رئيسية تمثل أكثرمن ستة ملايين يهودي أمريكي وتتحد هذه المنظمات في أطار ( مؤتمر المنظمات اليهودية ) وتشكل مجموعة اللوبي الصهيوني التي تعتبر من اكبر القوى الضاغطة على السياسة الأمريكية .
ان أهم ما يلفت الأنتباه أن اوباما وعلى مدى ولايتيه لم يشن الحرب التي كانت تنشدها الصهيونية وهي ضرب أيران وتدمير مفاعلها النووي ،رغم الدفع الصهيوني في هذا الأتجاه ورغم الفتور بالمساندة الصهيونية لأوباما إبان الأنتخابات الرئاسية الثانية ،ولايخفى أن للصهاينة طرقهم في محاصرة الرئيس فأن فقدوا ضغط الأنتخابات كما هو حال الرئيس الأمريكي أوباما الذي ستكون هذه آخر ولاية له ،فأن هناك ضغوطا ً أخرى كما حصل للرئيس بل كلينتون ،حيث دبلجت فضيحته مع مونيكا لوينسكي والتي كانت تعمل كمتدربة في البيت الأبيض وقد ثبت أن كلا ً من امها وابيها يهوديان .
وكذلك الرئيس نيكسون والذي فقد منصبه عام 1972م في فضيحة تجسس على مكاتب الحزب الديمقراطي المنافس لحزبه في مبنى ووترغيت ، والتي سميت نسبة الى المبنى بفضيحة ووترغيت .
وكذلك مقتل الرئيس جون كينيدي في ولاية تكساس عام 1963م والذي كان قد حظي بشعبية كبيرة لدى الشعب الأمريكي، فأن أشهر الروايات تقول أن الصهاينة قتلوه بعد أن أصر على تفتيش مفاعل ديمونا الأسرائيلي للتاكد من خلوه من الأسلحة النووية .
فهل يستطيع أوباما الصمود وعدم الأنخراط في مغامرات لاتخدم امريكا وشعبها ، ام سيخضع في النهاية للضغط الصهيوني المستمر وينخرط في عملية نشر ديمقراطية صواريخ كروز .