قبل فترة ليست بالقصيرة وبالضبط في شباط من العام الماضي نشرت مقالة حول العدالة الانتقالية في العراق، ذكرت فيها ان عدم تحقيق العدالة الانتقالية في العراق وعدم تطبيق القانون المتعلق بهذه العدالة سيقود بالنتيجة وفي المستقبل القريب الى عدم استقرار البلد، وهذا الامر بدوره سيقود الى اضعاف التجربة الجديدة، واخيرا الى احداث عملية تغيير اخرى ربما لاتكون في صالح المجتمع العراقي.
مايحدث اليوم من تجاوز واعتداء وابادة جماعية لشريحة واسعة من المجتمع العراقي هو في الحقيقة بسبب عدم تطبيق القانون بحق المجرمين من البعثيين وعناصرالاجهزة الامنية السابقة التي ارتكبت الاف المجازر بحق العراقيين من مقابر جماعية وانفال، او استخدام الاسلحة الكيمياوية كما هو عليه في حلبجة واهوار الجنوب، وهاهي نفس العناصر من البعثيين والقاعدة والتنظيمات السلفية تقوم اليوم بالاعتداء على نفس الشرائح العراقية المظلومة التي تعرّضت للاظطهاد والاعتداء في السابق.
ملف العدالة الانتقالية ملف واسع ومتشعب ولايمكن تغطيته بسهولة، لذا سوف نحاول استعراض ملف السجناء السياسيين كمثال على اجراءات العدالة الانتقالية في العراق.
في هذا المجال وعلى عجالة يمكن ادراج الملاحظات التالية:
1-تدنّي مستوى الراتب والحقوق الاخرى المُعطاة لشريحة السجناء والمعتقلين السياسيين بحيث ان راتب هؤلاء الاخوة 500000 دينار مضافا اليه 50000 دينار عن كل سنة سجن قضاها السجين او المعتقل في السجن، وفي كل الاحوال فان معدل راتب السجين او المعتقل سيكون بحدود 650000 دينار وهذا قليل جدا نسبة الى التضحية التي قدمها السجين، في حين ان هناك اعضاء في مجلس النواب للدورات السابقة يستلمون اكثر من خمسة ملايين دينار كراتب تقاعدي، وقسم من هؤلاء النواب لم تكن خدمته الفعلية اكثر من شهر واحد، اما متقاعدي المجالس البلدية فهي بحدود مليون ونصف دينار او اكثر من ذلك، والكثير من هؤلاء عنده خدمة فعلية اقل من اربع سنوات وفي احسن الاحوال اربع سنوات، وقسم من هؤلاء الاخوة لايمتلك شهادة ومع ذلك احتسبت لهم درجة مدير عام!!! اذا كانت الحكومة العراقية كريمة وبهذا المستوى، فلماذا لم تكن الحكومة كريمة مع من وقف بوجه السلطة البعثية الطاغية؟؟؟!!.
2-اعتراف السيدة سوريا السلطاني بأن قانون مؤسسة السجناء لم يكن بالمستوى المطلوب نتيجة الاستعجال وعدم الخبرة من قبل اعضاء لجنة الشهداء والسجناء السياسيين في مجلس النواب في ذلك الوقت، اي عند اعداد هذه القوانين.
3-لم يتضمن قانون مؤسسة السجناء مواد قانونية واضحة تعوّض السجين او المعتقل عما لحق به او تعرّض له من جراء السجن والاعتقال كالعوق مثلا، او الاضرار الاخرى التي لحقت بالسجين او المعتقل جراء سجنه او اعتقاله.
4-تعترف السيدة سوريا السلطاني ان مؤسسة السجناء لم تكن بمستوى الطموح وهي لم تصدر تعليمات تحاول من خلالها انصاف السجناء والمعتقلين السياسيين، كتحسين الراتب او بناء البيوت لهم، ومنح المميزات الاخرى التي من خلالها يمكن تخفيف العبء والجور الذي وقع ولحق بهذه الشريحة المظلومة.
5-لم تاخذ مؤسسة السجناء بنظر الاعتبار مثلا الشهادة التي يحملها السجين، وبالتالي تخصص لمثل هؤلاء السجناء والمعتقلين مخصصات شهادة عندما تحتسب راتبا لهؤلاء الأعزة حالهم حال الخريجين الاخرين الذين يعملون في دوائر الدولة المختلفة، باعتبار ان هذه الشريحة كانت من الشرائح المحرومة والتي كان لايُسمح لها بالعمل بعد خروجها من السجن، والكثير من هؤلاء الأعزة اليوم هم من كبار السن او المرضى ولايمكن قبولهم في دوائر الدولة او في دوائر القطاع الخاص، وبالتالي فان هذا الراتب المُحتسب حاليا هو الذي سيكون الدخل الوحيد لهم، اخذين بنظر الاعتبار ان اغلب السجناء والمعتقلين يعانون فعلا من امراض تعيقهم من العمل لمساعدة انفسهم عن طريق الحصول على دخل اضافي.
6- في مجال الراتب لم تاخذ مؤسسة السجناء بنظر الاعتبار مخصصات الزوجية وسواها من مخصصات، باعتبار ان الكثير من الاخوة والاخوات من السجناء والمعتقلين السياسيين لديهم عوائل ومن ثم ينبغي اخذ هذا الامر بنظر الاعتبار.
7-لم تخصص مؤسسة السجناء ولا دوائر الدولة الاخرى سيارة لهذه الشريحة، وكان الأولى بوزارة التجارة وبالتسنيق مع مؤسسة السجناء ان تخصص سيارة لكل سجين ومعتقل سياسي من خلال تقسيط مبلغ السيارة ومن خلال استثناء هذه الشريحة من الربح والفائدة وسواها من رسوم وضرائب.
8-وزارة البلديات ووزارة التعمير والاسكان لم تساهم في تخفيف الصعوبات والمشاكل التي تعاني منها هذه الشريحة من خلال بناء البيوت لهم، واذا لم تكن هناك امكانية لبناء بيوت كافية فيمكن اعطاء قطع الاراضي لهم، ومن ثم اعطاء هؤلاء مُنح مجزية لبناء بيوت لهم، وينبغي ان تكون هذه المُنح كافية ومُجزية تتناسب والظروف المعاشية الحالية وليس اعطاء بدل بيت بقيمة (82) مليون دينار عراقي كما هو حاصل مع عوائل الشهداء، في حين ان هذا المبلغ لايكفي لشراء قطعة ارض في اغلب المحافظات العراقية !!! ولاادري لٍم هذا البُخل من قبل الحكومة مع هذه الشرائح المضحية ؟؟؟؟!!! لم اجد مبررا مقنعا سوى الاستهانة بتضحية هذه الشرائح.
حتى وزارة البلديات حين توزع قطع اراضي على هذه الشرائح فانها تعطيهم في اماكن بعيدة عن مراكز المدن وبالتالي فان قيمة هكذا اراضي سيكون متدنيا، وهذا الامر يقطع الطريق على هذه الشرائح من بيع هذه القطع اذا مافكرت بشراء بيت او قطعة سكن اخرى تقع في المدينة، لان مثل هذه الاماكن المُعطاة لايمكن السكن فيها حتى بعد عشر سنوات نتيجة افتقارها لكل الخدمات وبُعدها عن المناطق الاهلة بالسكان. ان امر هذه الحكومة غريب فاغلب اعضاءها من " الاسلاميين " الذين يُشيدون بموقف هذه الشرائح، فلا ندري لم اعمالهم تناقض حديثهم، هل هو النفاق ام ماذا؟؟؟!!!
في هذا المجال هناك محافظات كمحافظة البصرة يدفع ابناءها - سيما السجناء – ثمن وجود النفط في هذه المحافظة، فاغلب الاراضي هي ملك لوزارة النفط وبالتالي تعاني هذه الشريحة والشرائح الاخرى عدم توزيع الاراضي على الناس، والبلدية لاتعطّ قطع اراضي للسجناء او للمهاجرين وباقي الناس، في حين ان هيئة الاستثمار في البصرة اعطت الكثير من اجازات البناء لغرض الاستثمار للكثير من المستثمرين !!! ماهي المشكلة اذن في عدم توفر اراضي لشريحة السجناء والمعتقلين والمهاجرين في البصرة مثلا او في بغداد!!!
9-الادارة الحالية لمؤسسة السجناء ادارة ينقصها الكثير من الخبرة وهي ليست ذات كفاءة عالية وهي بعيدة جدا عن السجناء والمعتقلين وهمومهم الكثيرة ، وفي هذا المجال نقترح على الادارة الحالية ان تتواصل مع السجناء بصورة دورية من خلال عقد المؤتمرات والاستماع الى هموم واقتراحات هؤلاء الاحبة ومن ثم تلبية اقتراحاتهم، وتشخيصنا هذا لاينطلق من اية ناحية سلبية غايتها الاساءة الى اي احد، بقدر ماينطلق من باب التقويم والنقد البناء.
10-ادارة المؤسسة من قبل رئيس بالوكالة اي رئيس مؤقت لا يُعدُّ امرا مقبولا سيما لمؤسسة تعاني من مشاكل عديدة ومزمنة، باعتبار ان الادارة بالوكالة وخاصة مع الرئيس الحالي والذي يضطلع بمسؤوليات اخرى ثقيلة لايمكن له ان يُلبي احتياجات المؤسسة، سيما اذا عرفنا ان مؤسسة السجناء تعاني من مشاكل كثيرة فقد تعرضت هذه المؤسسة من قبل لرؤساء فاسدين وسيئين وهذا مافاقم من مشاكل المؤسسة وجعلها لاتلبي الطموح.
الحق يُقال ان رئيس المؤسسة الحالي قام بعدة اجراءات جيدة، لكنها ليست كافية ولاتلبي تطلعات وطموح السجناء والمعتقلين السياسيين ولاتلبي ايضا طموح جمهور ومحبي ومناصري هذه الشريحة المضحية.
11- نقترح على رئاسة الوزراء المبادرة بتغيير ادارة مؤسسة السجناء السياسيين الحالية – مجلس الرعاية الحالي - وعلى الاقل تبديل بعضهم بالأحسن المتوفر من اسرة السجناء والمعتقلين السياسيين، وياحبذا لو بادرت رئاسة الوزراء باستبدال اعضاء مجلس الرعاية دوريا من اجل تقديم الافضل، ويُحبذ في هذا المجال ان يُصار الى تطعيم مجلس الرعاية بالاعضاء من المحافظات المختلفة، فما عاد مقبولا ان تستحوذ العاصمة على كل المناصب المهمة كما كان عليه الحال ايام زمان، ولعل هذه الظاهرة السيئة تشمل اغلب قطاعات الدولة الاخرى !!!!
12-هناك ظاهرة وجود مسؤولين في المحافظات العراقية لاينتمون الى تلك المحافظات، اي انهم ليسوا من اهل المحافظة، كل ما في الامر ان سين من الناس قد انتقل الى المحافظة الفلانية قبل عدة سنوات، وهذا الاخ اصبح مسؤولا لانه ينتمي الى حزب معين او انه احد اقارب المسؤول الفلاني، في حين ان تعيين مثل هؤلاء يمثل كارثة على جميع المستويات، وهناك من المحافظات التي تعاني من هذه الظاهرة بصورة فاضحة، ووصل هذا الامر الى ان يتولى بعض المحافظين ادارة محافظات لاينتمون اليها، وهذه مشكلة كبيرة، ولعل مثل هذه الظاهرة هي التي تساعد على الفساد وتدنّي الخدمات المُقدمة للجمهور.
13-هناك من السجناء والمعتقلين السياسيين الذين تعرضوا للاقامة الجبرية في تلك الفترة سيما السجناء وعوائل الشهداء وعوائل السجناء والمعتقلين السياسيين، والا فماذا نسمي اجبار مثل هؤلاء الناس على الحظور الى مراكز الامن والشرطة وتوقيعهم في سجل مُخصص لهذا الغرض اسبوعيا، او استجوابهم من قبل رجال الأمن واخذ صور منهم وملأ استمارات معينة دوريا. لذا فان مثل هذه الاجراءات – الاقامة الجبرية – ينبغي ان تحتسب كفترة سجن او اعتقال لهؤلاء المساكين الذين كانوا يعانون المقاطعة حتى من اقرب الناس لهم.
14-التصنيف المُعتمد بين السجين والمعتقل تصنيف ظالم وغير مُقنع، فهناك من المعتقلين اللذين تعرضوا لظروف اكثر صعوبة وقساوة وربما اكثر تعذيبا من السجناء وربما هناك العكس، فالمعتقل الذي دخل سجن الرضوانية يُعدُّ شهيدا حيا نتيجة القتل العشوائي الذي كان يُمارس في ذلك السجن وفي تلك الفترة العصيبة، فالمعتقل الذي دخل هذا السجن يُعتبر ميتا ولكن الله قد كتب لهذا المعتقل حياة جديدة.
اقترح في هذا المجال اطلاق مصطلح موحد وهو سجين سياسي، ولاحاجة لاطلاق مصطلح معتقل سياسي لأن كل من دخل السجن بسبب معارضته النظام السابق فهو سجين سياسي، سواء حُكم عليه بحكم معين ام لم يُحكم عليه، ولعل ترك الانسان دون محاكمته يُعدّ اكثر مظلومية واكثر تعدّيا على حقوق الانسان.
15-لاتوجد هناك اماكن متخصصة لتأهيل السجناء والمعتقلين السياسيين، فهناك من السجناء من يحتاج الى تاهيل نفسي، وهذا الامر ليس عيبا، باعتبار ان المجتمعات الشرقية بصورة عامة تستحي وترفض مثل هذه الاجراءات بالرغم من ان الكثير من هؤلاء الاحبة يعاني من مثل هذه الحالات والمشاكل، والسكوت على مثل بعض الحالات البسيطة ربما يفاقم المشكلة في المستقبل، لذا يجب معالجة هذا الامر، فالنفوس تمرض حالها حال الابدان وهي بحاجة الى علاج.
16-لاتوجد نوادي رياضية او جمعيات عامة او معارض متخصصة او اسواق خاصة في العاصمة او في المحافظات العراقية الاخرى تُعنى بأمر السجناء والمعتقلين السياسيين من اجل رعاية هؤلاء المضحين.
17-لم تهتم مؤسسة السجناء كثيرا بمسألة التعاون مع المؤسسات الدولية في مجال حقوق الانسان، ولم تحاول تدويل وعرض مشكلة السجناء والمعتقلين السياسيين العراقيين بحرفية من اجل تسجيل هذه التجاوزات وعدم تكرارها في المستقبل، وفي هذا المجال ايضا لم نلحظ جهدا ملموسا يمكن الاشارة اليه من قبل وزارة حقوق الانسان، سوى اقامة بعض المعارض في المنطقة الخضراء والتي يحضرها القليل من الناس والذي يُسمح له بالدخول الى هذه المنطقة.
18-الموقع الالكتروني للمؤسسة لايلبي الطموح فهو يفتقد الى الكثير من البيانات والمعلومات والتعليمات التي تخص السجين او المعتقل، لذا ينبغي نشر وتوضيح القوانين التي تخص هذه الشريحة، وينبغي نشر ما للسجين او المعتقل من حقوق. اقترح ايضا نشر قسم خاص بحل مشاكل السجناء والاجابة على اسئلتهم واستفساراتهم. ايضا ينبغي نشر الانتهاكات التي تعرض لها هؤلاء السجناء والمعززة بالصور والمعلومات والشاهادات.
19-في الموقع الالكتروني للمؤسسة توجد اماكن للتعليق لكن عندما تكتب تعليق وتريد ان تبعثه لايعمل هذا الفورم، اي ان العملية عبارة عن اكذوبة يُراد منها التظليل. اما مايخص المفتش العام ورقم التلفون والاميل فهو لايعدو اكثر من عملية دعائية فمكتب المفتش العام لايرد عى احد.
20-هل من المعقول مثلا ان يُعطى للسجين منحة بناء في حين يُحرم المعتقل الذي تقل فترة اعتقاله عن ثلاث سنوات من هكذا منحة؟؟؟!! في حين ان السجين لمدة ستة اشهر او سنة، اكثر من ذلك او اقل يُشمل بمثل هذه المنحة، فهل ان المعتقل لايحتاج الى بناء بيت يسكن فيه، وهل ان القياس في هذا المجال هو هل ان الشخص الفلاني حُكم عليه ام لا؟؟!! لاادري كيف تتصرف مؤسسة السجناء، ثم الا يُعد هذا الامر تجاوزا قانونيا؟؟؟!! والقانون – قانون السجناء والمعتقلين – ينص في مادته الثانية على " يهدف قانون مؤسسة السجناء السياسيين إلى معالجة الوضع العام للسجناء والمعتقلين السياسيين وتعويضهم مادياً ومعنوياً بما يتناسب مع حجم التضحيات التي قدموها والمعاناة التي لاقوها جراء سجنهم واعتقالهم " والقانون في مواده الاخرى او عند تعريف وتوصيف السجين او المعتقل لم نرى فرقا بين السجين والمعتقل، فلم هذا الفرق والغبن بحق المعتقلين حتى ان تقرير المفتش العام لعام 2012 يلتفت الى هذا الامر ويثبته في تقريره ويقترح معالجته .
21-شريحة السجناء والمعتقلين السياسيين من الشرائح التي تمثل ضمير الامة الحي، واي اشارة توحي باهمال هؤلاء الأعزة يعني فيما يعنيه اختزان هذه الاشارات السيئة في ذاكرة الامة، وهذا الامر سيساهم في ابتعاد المجتمعات عن مباديء التضحية والايثار، ومثل هذا الامر يُعدُّ امرا خطيرا، لذا ينبغي ارسال رسائل تبجيل واعتزاز لهذه الشريحة سواء من خلال الاعلام او من خلال المدارس والمناهج الدراسية، وينبغي ان ترقى هذه الوسائل الى مستوى ثقافة مجتمعية نربي عليها الاجيال، لأن هناك حديثا يدور بين البعض مفاده (( ماذا قدّم السجناء والمعتقلين السياسيين والشهداء لكي يحصلوا على رواتب !!! )) ومثل هكذا حديث يبعث على الاسى والألم، ويبدو هناك من الجهات المشبوهة التي تُشيع مثل هكذا خطاب، لذا ينبغي الالتفات الى هذا الامر بكثير من الجدية والاهتمام.
22-لم تحتفط الدولة او مؤسسة السجناء بالسجون القديمة كشاهد على ظلم النظام البعثي السابق فهناك الكثير من مديريات الامن والسجون التي هُدمت او سُكنت من قبل الاهالي وبالتالي ضاعت علينا وعلى شريحة السجناء والمعتقلين السياسيين هذه الاماكن كمتاحف تحفظ لنا وللاجيال القادمة ظلم وهمجية النظام البعثي المجرم.
23-ضاع الكثير من الوثائق القديمة التي تدين النظام البائد، وعلى وزارة حقوق الانسان او مؤسسة السجناء الالتفات الى هذا الامر المهم والمباشرة بمبادرة جمع هذه الوثائق لان الكثير من هذه الوثائق لازالت عند بعض الناس تحتفظ بها دون تسليمها الى الجهات المختصة، باعتبار ان هذه الوثائق تمثل جزءا مهما من الارشيف المهم الذي يفضح النظام السابق وزبانيته وهي شهادات حيّة لما تعرض له المجتمع العراقي من ظلم سيما السجناء والمعتقلين السياسيين والشهداء. يُحبذ ايضا نشر هذه الوثائق من خلال وسائل الاعلام او من خلال متاحف تُعد لهذا الغرض.
24-لايوجد تركيز اعلامي على حالة السجناء والمعتقلين السياسيين ولايوجد برنامج اعلامي متخصص في هذا المجال للتواصل مع هذه الشريحة المضحية، وكان الأوّلى بمؤسسة السجناء الالتفات الى هذا الامر واعداد برنامج تلفزيوني اسبوعي يُركز على اخبار هذه الشريحة او على انجازات مؤسسة السجناء او الأجابة على اسئلة واستفسارات وشكوى السجناء والمعتقلين السياسيين، فهناك الكثير من الامور الغامضة والتي هي بحاجة الى توضيح او اجابة.
25-لم يُعيّن الكثير من هؤلاء الاخوة والاخوات السجناء في دوائر الدولة، وان مقولة تفضيل السجناء عند التعيين هي مجرد دعاية لاغير، ولو كان هذا الامر صحيحا لعُيّن الكثير منهم بعد مرور عشر سنوات على التغيير، وسبع سنوات على قانون مؤسسة السجناء، وياحبذا لو زودتنا مؤسسة السجناء بالنسبة المئوية للمُعينين من السجناء والمعتقلين في دوائر الدولة.
26-العمل على حسم ملفات السجناء والمعتقلين السياسيين بطيء جدا، فالكثير من هؤلاء الاخوة مرّ على معاملاتهم اكثر من ست سنوات، ومنهم من انتقل الى العالم الاخر دون ان ياخذ بعض حقوقه!!!!
27-لاتوجد مراكز خاصة لتطوير وتعليم وتاهيل الاخوة السجناء والمعتقلين، فالكثير من هؤلاء الاخوة والاخوات قد حُرموا من الدراسة او اكمال دراستهم وهناك من يريد ان يحصل بسرعة على مهنة يعتاش من خلالها، باعتبار ان الكثير منهم لاتسمح له الظروف بالدراسة او العودة الى مقاعد الدراسة، فبالامكان افتتاح دورات في الخياطة او في النجارة او في الكومبيوتر او في اللحام وسواها من مهن.
28-لم تنجز مؤسسة السجناء قاعدة بيانات بالسجناء والمعتقلين من اجل تسريع اجراءات العمل وتسهيله وحفظ الوثائق وتقليل الجهد المبذول وتقليل الفساد ومحاصرته، وغيرها من فوائد اخرى.
هناك خطوات اتخذها مجلس الوزراء في الايام الاخيرة الماضية - رغم انها متاخرة جدا لكنها ايجابية – والتي تخص زيادة رواتب الشرائح الفقيرة من الموظفين، وبالمقابل الغاء مخصصات موظفي الرئاسات الثلاث، ومساواة رواتب موظفي الدولة في كافة الوزارات بالنسبة للعنوان الوظيفي الواحد.
مثل هذه الخطوات والاجراءات تبعث رسائل ايجابية للجمهور، لكنها تبقى ناقصة وهي بحاجة الى اجراءات اخرى منها زيادة رواتب ومخصصات عوائل الشهداء وزيادة رواتب السجناء والمعتقلين السياسيين واخذ النقاط المار ذكرها بحق السجناء والمعتقلين، وهذا الملف – ملف السجناء - ينبغي فتحه ودراسته وينبغي ايضا انصاف هؤلاء المضحين وياحبذا لو اعتمدت رئاسة الوزراء او مؤسسة السجناء على بعض خبرات السجناء والمعتقلين والاتصال بهم او ان تفتح لهذه الغاية موقعا الكترونيا او تلفونات معينة للاتصال باللجنة المُعدة لهذا الغرض، لأن هناك من السجناء والمثقفين الذين يريدون ابداء ملاحظاتهم في هذا المجال.
خلاصة القول ان ملف السجناء والمعتقلين السياسيين ملف شائك وكبير وهو بحاجة الى جهود مكثفة من قبل كل الخيرين والقائمين على هذا الملف.
تبقى هذه الشريحة المضحية احد النماذج الرائعة التي تذكرنا بالتضحية والايثار ورفض الظلم والدكتاتورية والطغيان، وهي شريحة تبعث على الزهو والامل والعنفوان.
مهما قدّمنا لهؤلاء الأحبة لايمكن ان نعوّضهم عن لحظة واحدة فقد بها السجين او المعتقل – رجلا كان او امراة - حريته.
علي البصري
2013
العراق والعدالة الانتقالية – 2 – ( ملف السجناء والمعتقلين السياسيين كمثال )/علي البصري
Sat, 24 Aug 2013 الساعة : 0:26
