إزدواجية التعامل الأمريكي يعرقل ديموقراطية العرب/واثق الجابري

Mon, 19 Aug 2013 الساعة : 23:40

اسئلة كثير تدور في مخيلة المواطن العربي , هل ان الديموقراطية هي حلم الشعوب الذي تتخلص به من إستبداد الحكام وحكم النخبة والعائلة والعشيرة والحزب ؟ وهل استيرادها من الخارج بطريقة ما يصلح استخدامها هنا ؟ وهل ان امريكا لعبت دور في التحول الديموقراطي للعرب مقارنة بالعالم ؟ ولماذا لا يزال في العرب حكومات دكتاتورية وحكومات سلطوية بأسمها ؟
امريكا وبعد سقوط الأتحاد السوفيتي عام 1991م بالحرب الباردة إستطاعت ان تكون القطب الاعظم في العالم , وتحت عنوان النظام العالمي الجديد الذي تتولى قيادته لردع ايّ قوة (مارقة ) في العالم , ورغم منافسة الدول الكبرى والإتحاد الاوربي والأحلاف الدولية , لم تنفك من الأرتباط بها والخضوع لإرادتها , والمنطقة العربية تداخل النفوذ الامريكي رغم اختلاف تبعيتها , وهذا التدخل ولد العداء ضدها , وامريكا تبنت حملات التغيير من الخارج وإضعاف أصوات الداخل , مواقف تشعرها الشعوب سلبية من دعمها لأطراف على حساب اطراف أخرى , وسعيها لأحداث التصدع داخل المجتمعات وجعلها تعيش الصراع الداخلي , بينما , تجمعها علاقات طيبة مع دول أخرى لا تحكم بالديموقراطية , مثل الاردن وفلسطين والسعودية والكويت والبحرين وغيرها , وهذا مثل الازدواجية في التعامل , ومن ضمن الدعم للتغيير هنالك دعم لقوى التطرف وحواضن الأرهاب الدولي او المسميات الجديدة بأصول قاعدية مثل الجيش الحر وجبهة الولاء والنصرة والوقوف ضد حركة التمرد في مصر, وهذا ما أثار حفيظة الشعوب لهذه الازدواجية , حينما ترفع شعار حرية الشعوب ومحاربة الأرهاب داخل امريكا والدول الغربية , بينما تسمح لها بالتحرك والدعم لأسقاط الأنظمة او السماح للتقارب معها لأعطائها الحكم .
عوامل رئيسية للعداء هي : مدرسة صراع الحضارات بين الغرب والأسلام , وهيمنة امريكا على شؤون العالم وتدخلاتها , والسياسات التي أضرت بالشعوب العربية والاسلامية من دفاعها عن اسرائيل او عن مصالحها . وفي الأردن الشعب والحكومة وامريكا يفضلون مملكة مستقلة عن الديموقراطية والخوف من سيطرة القوى الإسلامية المعادية لأمريكا وأسرائيل , وسوء الأقتصاد الاردني جعل الشعب الأردني يعتقد ان تحكم تلك الجماعات يؤدي الى قطع المساعدات الدولية , ورغم تراجع الحريات في السعودية والبحرين , وحقوق المرأة خاصة , الاّ ان العداء الموجود يرفض التدخل الأمريكي للتحول الديمقراطي , ولكن في الكويت شهد تحول ديموقراطي ناعم لم يسمح تقدم الحركات الأسلامية , ومن هذا التعامل مع القضايا بمعايير مختلفة تذبذبت الأصوات العربية بين المؤيد والمعارض للتدخل الامريكي او التحول الديموقراطي , وشوهد ان ما تنشره امريكا يتبع مصالحها ومساندة بعض الأنظمة السلطوية الموالية لها , ومن تلك التجارب في عام 2002م حينما فازت حماس رفضت من امريكا والإتحاد الأوربي وكان شرط تخليها عن السلطة مقابل المضي في عملية السلام وبذلك رضخت السلطة الفلسطينية للأرادة الدولية , واما في السعودية ذلك البلد الغني بالنفط فإن من المصلحة بقاء الاسرة الحاكمة , وحسب احد الاستطلاعات تأييد ما يقارب 79% , نتيجة الإيحاء للشعب من تنامي الحركات المتطرفة , ولكن هذا النظام كان الداعم لحركات التغيير في معظم الشعوب العربية وفي البعض الأخر معادي له , حيث وقفت السعودية ضد الاخوان ومع حركة (تمرد) لتزيح احد المنافسين على الزعامة الأسلامية , بينما في العراق دعمت الحركات التكفيرية والإنتحارية بالمال والرجال وبعلم وتعاون امريكي اردني اسرائيلي خليجي تركي ,
التحول الى الديموقراطية وثبات الحكم السلطوي في العالم العربي مرهون بمساندة الولايات المتحدة الامريكية , ولكن هذه الازدواجية والمساندة للتطرف او الانظمة الجاثية على صدور الشعوب وقفت حائل امام انتشار الديموقراطية والحريات بمفاهيمها النموذجية وكما حدث في شرق اوربا , ومع استمرار عدم وصول المجتمعات العربية للحداثة السياسية والأقتصادية والدولة المدنية , تحركت أفكارها بما تمليها عليها الأنظمة ومنابر التكفير والتطرف .
ستبقى الشعوب حبيسة السلطوية والتكفير والتطرف والإنقسام داخلياً وأقليمياً , وتفقد حضارتها وتاريخها وجغرافيتها المشتركة , وتفهم من الديمقراطية العربية إنها اطلاق بلا قيود بما في ذلك إستباحة لدماء المخالفين في الرأي , لذلك بهذه الازدواجية الامركية في التعامل مع التغيير والأنظمة ومواقفها السابقة تكون عائق امام أنتشار الديموقراطية وتحرر الشعوب من الأفكار الاحادية , التي تنظر لمصالحها على حساب الأخرين .

Share |