النقد والحقد/احمد عبد الكاظم الفهد

Sun, 18 Aug 2013 الساعة : 23:17

 كثيرا ما يمزج الناس بين مفهومين مهمين في الحياة وهما النقد والحقد فكل ناقد يعتقده الناس بأنه حاقد وفي رأيي بأن هذا ظلم كبير بالنسبة للناقدين الذين هدفهم اصلاح الوضع اذا كانوا من أصحاب النيات السليمة الا أن المجتمع لا يفهم هذه الحقيقة وبالـتأكيد أن هذا الامر يحصل بسبب طبيعة البشر التي لاتحب ان يعترضها احد على اساس ان هذا الاعتراض معناه الحقيقي النيل من شخصية الفرد حيث يذهب به الاعتقاد بانه اصبح محرج حيث يدل هذا على ضيق فكره وعقله او انه اقرب الى ان يكون غبي او شئ من هذا, لذا اعتاد الفرد ان لا يحب سماع معارضيه وهمّه الكبير ان يحصل على عدد اكبر من مؤيدي الرأي ولكن لو حصل هذا وتم تأييد كل من جاء بفكرة او تصرف معين ووجد الكثير من المؤييدين فبالتـاكيد ستكون حياتنا اكثر صعوبة مما هي عليه اليوم. 
           يخيل لي بأن حب التأييد ورفض الاعتراض بأي شكل كان هو ما ذهب بالناس بان لاتعترض على احد ما دام ذلك الفعل يزعجه ويسئ اليه وبالخصوص اذا كان من اصحاب الشأن او المراكز المهمة في الحياة ,فالناس لا تحب في نفس الوقت ان تفسد علاقتها مع بعضها وان كان ذلك على حساب الحقيقة وبالتاكيد هذا النوع من المجاملات هو ما ذهب بالحقيقة الى واد اخر من واد المجتمع وتراهم يبررون ويأتون بحجج منطقية لاثبات بان قول صاحبهم هو عين الحق, ولو امعنت النظر بكل افكار العالم لتجد بان هناك ملايين الحقائق والتي لم يتفق عليها المجتمع البشري بكل اصنافه, اما الباطل المسكين فهو معدوم من الحياة لكثرة ما يدعي الناس بين مفكر ومؤيد بان افكارهم هي الحق الواضح, غير اننا نجد عكس ذلك في واقع الحياة .
          ان هذا الامر يزداد اكثر حدة لدى المجتمعات الاسلامية فتراهم اذا ما اعترض احدهم على حاكمهم يسمونه زنديقا يريد ان يفسد البلاد بفتنته الهوجاء ويتهمونه بان هناك دول خارجية داعمة له غير انه لم يقل شيئا سوى نقد الحاكم لعله يصحح ما هو عليه والعجيب بأن هناك حاشية مفسدة لدى اغلب حكّام المسلمين وعلى مدار التاريخ يصّورون له بأن كل ناقد لحكومته هو مدعوم من الخارج انما يريد شق عصا المسلمين ولست ادري متى تقف هذه العصا لنراها على طولها الفارع.ان هذا الامر لا يختلف به حكّام المسلمين الجدد عن اقرانهم القدماء سوى اختلاف باطلاق التهم, كذلك وجد هذا الامر لدى اغلب رجال الدين والمؤسسات الدينية فمن ينتقد رجل الدين لهدف اصلاح الامر فأن رجال الدين ومن ورائهم العامة يعتقدون بان هذا يقصد هدم الدين وتفرقة الامة التي اجتمعت على رجل الدين هذا, غير ان رجال الدين هم انفسهم ينتقد بعضهم بعض ولا يمكن لاحد ان يقول عنهم بانهم حاقدون على الدين حيث يسمحون لانفسهم ما يحرّمونه على من هو خارج الدائرة الدينية.
             والغريب ان رجال الدين بهذا الامر سيطروا على عقول الناس بهذا الامر والاغرب بان الناس تنظر الى من ينتقد رجل الدين بانه خارج عن الملة والدين وهو لا شك هدفه الاطاحة بدين الله, فهم يتصورون بان رجل الدين يمثل الدين الحقيقي الذي اراده الله للناس متناسين بان رجال الدين هم انفسهم متناحرين منقسمين , فياترى ايّهم يمثل الدين الحقيقي, ان الامر اصعب مما نتوقع فكل مالدينا هو موروث اجتماعي وليس حقيقة بحثنا عنها لنتبعها.
           كثيرا ما يردد الناس بأن الحق واضح كما الشمس متناسين بان التنازع وجد حتى بين الفئة الواحدة ذات الهدف الواحد والتي تدعي بأنها ذات الحق الذي لامناص منه.
           ان الناقد لابد ان يكون محايدا لتصح نظرته وهذا يتطلب ان يكون خارج دائرته الاجتماعية لكي يرى عن وضوح الاخطاء الواقعه ضمن تلك الدائرة ولذا ما ان يخرج عن هذه الدائرة حتى يتصوره الناس بانه اتخذ له دائرة اخرى واصبح حاقدا على دائرته السالفة, علما بان الاصلاح لابد ان يبدأ من حيث يعيش الفرد لا من حيث يعيش الاخرون, فأن الله ما بعث الانبياء ولا جعل الائمة والمصلحين حتى صلحت نفوسهم وهذبوها بالايمان واعتزلوا واقع المجتمع الفاسد اعتزالا ايمانيا وليس اجتماعيا. 
         ان الانسان كثيرا ما يخطئ بحياته وهذا الخطأ يحتاج الى نقد موضوعي ليقوّم به الاخطاء وكما قيل من الخطأ نتعلم , ان رفض النقد او تصوره بتصورات الحقد والكراهية بالتاكيد تجعل المجتمع اعرجا لا يمكن له ان يتقدم بمسيرته الكبيره فليس كلما يفكّر به البشر صحيحا.

 

Share |