انفجار يمزق ثياب العيد........./منى عبدالغني البدري

Mon, 12 Aug 2013 الساعة : 7:57

بعض أن قضت أول أيام العيد حبيسة غرفة تلهبها حرارة الجو في بيت التجاوز وهي تذرف الدموع الحارقة ....لعلها بدموعها هذه تثير رأفة والديها لعلهم يتدبرون امر شراء فستان العيد .... فهي تشعر بالخجل من الخروج خارج المنزل مع صديقاتها ذوات الاثني عشر ربيعا واللواتي ارتدين الجديد ووقفن بالقرب من منزلها لعلها تخرج معهن .... فتستعرض كل واحدة منهن فستان العيد وما حصلت عليه من عيدية......لكن نور مازالت حبيسة غرفة لا يوجد بها غير أدوات سيارة قديمة لوالدها المعوق جليس الفراش....وحشرات صغيرة تدخل الرعب في قلب الفتاة الدامعة وهي تراها قد تسببت في قرص احدى كفيها الناعمتين ....دماء تلوثت بها يداها حين أخذت تحك مكان القرصة ....والدتها تدخل عليها لتطمئنها أن ما تفعله غير صحيح وهو يؤذي والدها العاجز وأنهم فقراء لاحول ولاقوة....مع ذلك فجارتهم أم علي سيدة تحب عمل الخير ...اشترت ملابس معدودة للجيران الفقراء وكانت نور مشمولة بهذا العمل الخير.....ابتسمت الفتاة حين رأت الفستان الجديد وتمنت لو حصلت عليه قبل العيد لتستعد مثل بقية قريناتها في الشارع.... خرجت من الغرفة ..ارتمت بأحضان والدها العاجز الذي سحب جدائلها ليقبلها وعيناه تملؤهما الدموع .....توشحت الصغير في الفستان ونامت حتى الصباح بالقرب من والدها .....وفي مساء اليوم الثاني .... وهي مازالت ترتدي الفستان ذو اللون التركوازي والذي ملأته نقاط بيضاء كبياض قلب هذه الفتاة البريئة ....جاءتها صديقتها فاطمة لتدعوها بالذهاب معها وعائلتها لان والد فاطمة سيصحبهم إلى مدينة الألعاب ......خصوصا أن والدتها قامت بعمل مأكولات طيبة..........فرحت كثيرا نور حين حصلت على موافقة والدتها ....كانت البهجة تملؤ عيني الصغيرتين وهما يتعانقان فرحتان بارتداهما فستاني العيد ...وأنهما سيقضيان وقتا ممتعا في مدينة الألعاب ليمرحان ويلعبان... استأجر والد فاطمة تاكسي للذهاب لمدينة الألعاب ....كانت الابتسامة تعلو ملامح سائق التاكسي وهو يرى عراك الصغار على الأماكن في السيارة وزحامهم بها....صوت يهز المدينة وطرق تغلق تؤدي لمكان التنزه...صاحب التاكسي يجد طريقا آخرا ليصطحب العائلة حيث يريدون ...فهو يصر على ان يتسبب في اسعاد هذه العائلة الفقيرة....كانت نور تتشبث بفاطمة صديقتها وتمسك بفستانها بكفيها حتى لا يتمزق من أحذية أشقاء صديقتها فهم يزدحمون بالقرب منها .....الزحام ملأ المدينة....أصوات اسعاف ....وسيارات شرطة ....قوات أمنية تنتشر في الشوارع أنباء عن حدوث انفجار في مدينة الناصرية.....سائق التاكسي ووالد فاطمة يتذمرون ويعزون الأسباب للمسؤولين والأجهزة الأمنية.... والصغار يتحسرون يريدون الوصول حيث اللعب والمرح....لا يوجد طرق يمكن ان تصل به هذه العائلة فكلها غلقت.....والمثير في الموضوع أنهم حتى لم يعودوا لمنزلهم ...لأنهم ماتوا جميعا في الانفجار الثاني .....نور الفتاة الفقيرة التي ابتهجت بفستانها الجديد وهي تتمنى الذهاب للتنزه به في ثاني ايام عيد الفطر المبارك.... ها هي ترقد في الشارع ....وتموت بسيارة مفخخة ثانية .....فستانها تمزق على جسدها الرقيق وقد تخضب بالدماء وجداؤلها احترقت مع ملامح وجهها الحزين .....فهي فقيرة ليس من حقها البهجة والفرح كالآخرين.......يبدو أنها مازالت لا تشعر بالامان حتى بعد الموت فهي رقدت شهيدة وذراعاها تعانقان صديقتها فاطمة ..... وذهبتا الفتاتان للقاء ربهما بثياب ممزقة...

Share |