لماذا لعن المسيح شجرة التين ، ماذا فعلت ، وماذا كان ذنبها ... !؟/مير عقراوي
Mon, 5 Aug 2013 الساعة : 3:34
ربما ينطبق على قصّاصي الأناجيل وكتبتها ومدوِّنيها المثل العربي التالي : [ أراد أن يكحلها فعماها ] ، وأيضا فإنهم بما قاموا به – يومها – زادوا الطين بِلّة فوق بِلّة، لأنه كيف تجري السفينة على اليابس ، أو كيف تكون السواقي صافية ومصدرهاوشِرْعَتُها مكدَّرة كما تقول الحكمة الكردية ...؟! . على هذا الأساس ترى إنه خلال كل حقبة من الزمن تمتد اليد الكنسية في الأناجيل لتعمل فيها تعديلا وتنقيحا ، أو إضافة وزيادة ، أو بَتْرا وحذفا لعبارات وجمل ، أو ألفاظا ومصطلحات باتت أضرارها فادحة على الأناجيل ، لكن هيهات لهم من ذلك ! ..
أيضا بسبب إتّساع الخرق والخروقات الواسعة المساحات جدا في الأناجيل ، منذ بداياتها الأولى حيث تجاوزت المئات ... لهذا فإن الخرق والخروقات قد آتّسعت إتّساعا مذهلا على الراقع والراقعين فأصبحوا عجزى من فعل شيء يوجد نوعا من التوازن المُخْتَلِّ أصلا كل الإختلال فيها . إذن ، قد لايوجد في التاريخ كله نص < مقدس ! > ، وحتى غير مقدس يخضع للمراجعة التعديلية التنقيحية الأهوائية والكيفية المستمرة كالأناجيل ، لأجل الإضافة والزيادة والحشو فيه ، أو النقص والبتر منه ، بل يالَلْعجب والغرابة أنْ باتتِ القضية بالسهولة والبساطة واليُسْرِالى حد أن تتسوَّلَ نفس أيَّ شخص بالإقدام على تأليف قصة وحكاية ، ثم يقول زاعما إنه إنجيل ، أو إنه كتاب مقدس ، أوإنه كلام الربِّ ، ذلك مثلما فعله الكثيرون في التاريخ ، منهم في التاريخ الحديث : [ جوزيف سميث 1805 – 1844 ] الذي ينتسب اليه مذهب المورمون ، وقد آدعى جوزيف سميث بأنه النبي المبعوث الى القارة الأمريكية ، وله ولمذهبه كتاب مقدس تحت عنوان : [ كتاب مورمون / شهادة ثانية ليسوع المسيح ] ، وهو الآن – أي الكتاب المورموني - تحت يديَّ الترجمة العربية منه حيث تبلغ زهاء [ 750 ] صفحة ... وفي مقالة مستقبلية سأتطرق الى المورمون والمورمونية بإذنه تعالى ...
المسيح وشجرة التين وفقا لإنجيل مرقُس ...!
يقول مرقس مايلي من حكايته حول لعن المسيح لشجرة التين : [ يسوع يلعن التينة : ولما خرجوا في الغد من بيت عَنْيا أحسَّ بالجوع < هنا الربُّ يَحُسُّ ويشعر بالجوع !!! / م عقراوي > . ورأى عن بعد تينة مورقة ، فقصدها عساه أن يجد عليها ثمرا . فلما وصل اليها ، لم يجد عليها غير الورق ، لأن الوقت لم يكن وقتَ التين < وهنا يجهل الرب المرقسي موسم نضوج التين !!! / م عقراوي > . فخاطبها قال : ( لايأكُلَنَّ أحد ثمرا منك للأبد ) ] !!!... ينظر كتاب [ الكتاب المقدس ] دار المشرق ش . م . م . بيروت / لبنان ، التوزيع : المكتبة الشرقية ، بيروت / لبنان ، جمعيات الكتاب المقدس في المشرق ، بيروت / لبنان ، الطبعة السادسة / 1988 ، إنجيل مرقُس ، ص 161 .
يبدو جليّا إن واضع هذه الحكاية ومختلقها كان إنسانا بسيطا في المعرفة والمعلومات العامة ، ليست في العمق فقط ، بل حتى في ظواهرها ، وذلك لأن الإنسان العادي له معلومة في وقت نضوج التين الذي يكون مابعد منتصف الصيف ، وفي تموز تحديدا ، فكيف غابت هذه المعلومة البسيطة والأولية عن رجل عبقري كالمسيح – عليه الصلاة والسلام - ، وهو من أهل فلسطين المعروفة بالتين والزيتون ..؟ ، فتأمل كيف أن هذا النص المختلق إختلاقا قد إنتقص من قيمة وعبقرية نبي الله تعالى وعبده سيدي عيسى بن مريم – عليه أفضل الصلاة والسلام - ...؟ ، ثم كيف يدعو المسيح على شجرة التين وهي بريئة لاذنب لها ، لأن الوقت لم يكن موسم نضوج ثمرة التين ، إذن ، كيف غابت هذه المعلومة البسيطة عن الرب الأناجيلي التي يعرفها المزارع العادي مُذ آلاف السنين ..؟! ، من ناحية أخرى نلاحظ في الرواية المرقسية أعلاه بأن المسيح قام بالدعاء ، لهذا نتساءل : إلا مَنْ توجّه المسيح بالدعاء ، ولِمَ لم يفعل هو شيئا من عنده ، أليس ذلك متناقضات ومختلقات وتحريفات أولا ، وثانيا أن المسيح كان بشرا نبيا ورسولا من عند الله تعالى ، مثل الأنبياء كافة كنوح وإبراهيم وزرادشت ويعقوب ويوسف ويونس وإسماعيل وإسحاق وصالح وشعيب وذا الكفل ويحيى وزكريا وموسى ومحمد حيث الخاتم – عليهم جميعا أفضل الصلوات والتسليمات - ...؟!
ثم الأمر الأكثر عجبا وغرابة ودهشة هو مخاطبة ودعاء المسيح على شجرة التين ، وهو : [ لايأكُلَنَّ أحد ثمرا منك للأبد ] كما نسب مرقس هذا الكلام الإختلاقي للمسيح – عليه السلام - وهو بريءٌ من هكذا كلام بالمطلق المطلق ، إذْ عجز كل العجز المسيح [ الرب ! ] المرقسي على الإطلاق من تيبيس شجرة التين كيلا تُثْمِرَ وتفيد الناس بثمرة التين اللذيذة جدا ، والتي لها كبرى الفوائد والمنافع للناس ، حيث إننا نشاهد العكس تماما من أن أشجار التين في فلسطين وكردستان ، وفي العالم كله تعطي ثمارها اللذيذة وتسعف الناس في المعمورة بها ...!
لهذا أنا أقترح حذف الكلام السابق المذكور وصياغته بالشكل التالي ، ومن ثم تثبيته في إنجيل مرقس وغيرها من الأناجيل أيضا :
[ ولما خرجوا في الغد أحسَّ نبي الله وعبده عيسى المسيح بالجوع فشاهد من كان معه عن بعد شجرة تين مورقة ، فقالوا : عسى أن نسد جوعنا بالتين ، فرد المسيح العبد النبي الصالح : لاتذهبوا ، فالشجرة خالية من ثمرة التين ، لأن الوقت الآن ليس هو موسم نضوج ثمرة التين ] ! . برأيي ان هذه الصياغة وأمثالها هي أقرب الى حقيقة عيسى المسيح – عليه السلام - ، وفي هذا الأمر أنا مستعد لتقديم خدماتي العلمية والمعرفية لأجل التنيقح والتحقيق والغربلة والصياغة المجددة لجميع العبارات التي تشوه وتحط من قيمة وقدر وحقيقة المسيح – عليه السلام - ...
أخيرا لايوجد مطلقا تقويم أصدق وأكثر حقيقة لحقيقة المسيح عيسى – عليه السلام – وشخصيته من القرآن الكريم ، إذ القرآن هو المصدر الوحيد المعصوم الذي تحدث بكل صدق ومصداقية وعدل وآعتدال عن المسيح وغيره من الأنبياء كذلك ، وفي ذلك فإن الدلائل والبراهين متظافرة ومتظاهرة وواضحة للعيان كسطوع الشمس في رابعة النهار ...