احذروا شلش ... خطير جدا/كاصد الاسدي

Wed, 31 Jul 2013 الساعة : 2:27

في خظم هذا الشهر الفضيل , شهر الخير والبركه شهر انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان , شهر دعينا فيه لضيافة الرحمن لنزكي انفسنا وابداننا من درن النفس المريضه الاماره بالسوء .. وكعادتها العائلة العراقيه تتميز بطبيعتها في الجلوس امام شاشات التلفزه المتوفره في هذا العصر التكنلوجي لترفه عن نفسها من شغف الحياة المره وهروبا عن الاخبار التي لاتسر صديقا ولا تغيض عدوا .. يبدأ الريموت باحثا عن المسلسلات المضحكه والفرفشه ليرسم الابتسامة على شفاه الطفل والعجوز ومختلف الاعمار .. ولكن وللاسف الشديد والمضحك المبكي عندما يستدرجنا حدث في مسلسل لنسخر من انفسنا ونضحك عليها من دون قصد اوعمد ولدي ما لدي من ملاحظات قد حزت في نفسي بعدما افقت من غيبوبتي وادركت جليا بان هنالك اساءة لابناء جلدتي
أعني مسلسل (شلش في حي التنك) الذي هو عبارة عن مسلسل كارتون يؤدي شخوصه عددٌ من الممثلين الذين نحبّهم. ولكي لا أظلم العمل أقول أنّهُ لطيفٌ في شكله، وأنا شخصيا أتابعه كلما سنحت الفرصة ، ربما لأنه ذو طبعة عراقية لا تخفى وفيه نكهة محلية نفتقدها عادة. علما انّ إعجابي بشكل البرنامج لا يعني موافقتي على مضمونه السيء، الموجّه ربما بقصد الإساءة لشريحة محترمة هي شريحة (الشروكية) التي تمثل نسبة كبيرة في مجتمعنا.
نعم، أغضبني المضمون وجعلني أنظرللمسلسل وكأنّه يسقي السمّ بالعسل، فأنت قد تُدهش منه وتعجب ببهرجته وبراعة صنعه، لكن ما أن تتأمل فيه حتى تكتشف انَّ وراء البهرجة محاولةٌ ماكرة لتصنيعٍ صورةٍ ما عن شريحة بعينها، وهو ما اعتدناه طوال عقود في الميديا والدراما والرواية والمسرح، حيث دأب الكتّاب والمخرجون على طرح أنموذج لـ(الشروكي) بوصفه (قرقوزا) مهمته إضحاك الآخرين بلهجته وغبائه وغريزيته وضيق أفقه.
إحدى حلقات (شلش) مثلا خصصت لتقديم صورة معيبة عن والدة البطل، وهي أنموذج للعجوز الجنوبية التي تلبس الجرغد وتضع النظارات على عينيها وتتحدث بالحسجة مثل أمهاتنا وجداتنا الطيبات. هذه العجوز تظهر كعاشقة لبائع الثلج في (حي التنك)، واسمه (كاطع). تراها تتواعد معه سرّا، يتغزل بها وتتغزل به. في الأخير يصوّر أحدهم العجوز وعاشقها، ثم يعرض الفيلم في اليوتيوب ليراه الملايين. ليس هذا حسب، بل ان العجوز تشرع، بعد اكتشاف أبنائها لعلاقتها ببائع الثلج، في شتم زوجها المتوفى مصرّة على حبها القديم ـ الجديد! الحقُّ انني حزنت وأنا أتابع الحلقة، ثمَّ تذكرت جدتي وعمتي وخالتي وكلِّ نساء الجنوب اللواتي شبعن ضيما وأدمنّ البكاء منذ أن عرفناهنَّ. أبهذه الطريقة يعرضنَّ بذريعة السخرية والكوميديا؟ حلقة العشق (الشروكي) هذه ليست سوى مثال، ففي حلقة قبلها تظهر عائلةُ (شلش) على المسرح وهي ترقص رقص المهابيل، وفي أخرى يبدو أهالي (حي التنك) نصّابين كلّهم، يحاولون خداع انجلينا جولي التي تزورهم كسفيرة للنوايا الحسنة. ناهيك عن (شلش) نفسه الذي ترسم له صورة الشروكي التافه الذي يلهث خلف غرائزه ويبدو مستعدا لفعل أي شيءٍ معيب من أجل بطل (بيره).
لن أحدثكم عن الشخصيات الأخرى وكيف رسمت، فهذا هو (خنجر)، الخوشي، يبدو كالثور الذي فُك وثاقُه، وذاك هو دهش، جبير أخوته، لا تراه مهتمّا سوى بالبصبصة على النساء وتخيّلهن في مواقف مشينة. وغير بعيد عن هذين، ثمّة أطفال (ملطلطين) قذرين كـ(كنوش) الذي يسلّب الأطفال في الحي، ويبدو بـ(شعفته) وأسنانه وكأنه حيوانٌ غير أليف. نعم، البرنامج ماكر , ولانعلم مايخفيه من فضائح في حلقاته المتبقيه , الا يجدر بنا الانتباه والتنبيه لهذا المسلسل وهو يسقي السمّ بالعسل ؟ أمّا السمُّ فهو ترويج هذه الصورة المنحطّة عن (الشروكية)، وأمّا العسل فيمكن تذوّقه في براعة التصنيع والمهارة في البناء بما يأسر المشاهد ويغيّبه عن القيم التي يراد ترسيخها. الخلاصة أنّ مثل هذه الأعمال خطيرة كونها تريد إنجاز المهمة نفسها التي طالما تحدثنا عنها؛ الشروكية متخلفون، سلّابون نهّابون، وفوق هذا يفتقدون للغيرة والقيم الفضلى، ومستعدون لفعل أي شيء من أجل إرضاء غرائزهم.. هذا ما قيل ويقال وإن كانت الأشكال جميلة والمهارات وفيرة، كذلك الامر نفسه في العام الماضي وفي رمضان الخير ايظا اطلت علينا احدى الشاشات الموجهه بمسلسل ( امطار النار ) الذي اغاض كل من له لب وحميه عندما يصور تلك الفتاة ويجعلها تتنقل في غرف فنادق العاصمه بحثا عن عشيقها .. واحداث اخرى في نفس المسلسل تظهر مشاهد مشجعة للمجرمون كيف كانوا يطاردون ابناء الاهوار في معاقلهم الجهاديه لكونهم رفعوا شعارا ( كلا) للاستسلام للطواغيت .. لدي ثمة تساؤلات .. ماهو القصد من اظهار الانسان الجنوبي بهذا المظهر ؟؟ هل انعدمت الرقابه والمتابعه لدور العرض واستوديوهات الاخراج التلفزيوني ؟؟ ام ان الكوميديا تخصص بها ابن الجنوب ليضحك على نفسه ؟؟ 

Share |