في خمسينات القرن الماضي ساءت احوال العمال وارتفعت اسعار المواد الغذائية وبدا التذمر يطغي على ما عداه ومعلوم ان الحزب الشيوعي العراقي هو صاعد في خانة المعارضة لكل العهود حتى بزمننا الديمقراطي وهو نصير العمال فجند نفسه لهذه المهمة وكانت معامل الطابوق تحيط بالعاصمة وكانت تمتد من مكان ملعب الشعب الحالي الى مقر وزارة المواصلات التي شيدت على (مقلع ) اخر المعامل وكانت اجرة عمال معامل الطابوق اليومية (150 ) فلس فاراد الرفاق الشيوعيين اشعال اوار المظاهرات من هذه الشريحة ووجدوا ضالتهم بعامل اسمه (احرابه ) وحرابه هذا ما يدري شرقت او غربت وبس (اسمر طويل ) من البيت للمعمل ومن المعمل للبيت راقبه احد الشعراء الشيوعيين وكتب عنه اهزوجة سارت سرورة المثل وكانت كما يلي :
( هتلر بالدول وحرابه بالبوجات
لو ورث سبيله كالقطار وفات
الدرهم ما يسوه طلابه
ميتين ومايرضى احرابه )
ثم حركوا المظاهرات وعطلوا العمل بالمعامل والحكومة والامن والاستخبارات تبحث عن زعيم العمال ( احرابه ) والمحرض لهم على الاضراب ليس لالقاء القبض عليه وانما لمفاوضته في اسوء الفروض لكنهم لم يجدوه الا بعد ان حصل العمال على مطلبهم برفع اجورهم الى (200) فلس بدل ( 150 ) وجدوه يسند ظهره الى جدار المعمل ويدخن بغليونه وهو لايعرف من تظاهر او طالب برفع الاجور واصبح الرجل رمزا لمظاهرات العمال في حينها . اتذكر هذا وانا ارى زميلنا الودود المسالم صاحب الضحكة الصادقة الاستاذ ( شمخي ) ينقلب بين ليلة وضحاها ( طنطلا ) لايرضيه شيئا ولايقبل بغير الغاء رواتب المساكين الذين تركوا مهنهم السابقة وتسارعوا لاحتلال كراسي مجلس النواب من اجل خدمة الشعب وتلبية رغباته في الدفاع عنه وسن القوانين لاجله ولم يحصل الواحد منهم الا على راتب ضئيل لايتجاوز الـ( 38 ) الف دولار اكرر دولار وهي لاتكفي قطعا لمن يضحي بوقته ويسافر من اجل الشعب ويترك منطقته ويسكن بالخضراء ويقبل بجواز سفر دبلوماسي وحمايات ومونيكات ومدرعات وهذا الطنطل ما محتاج غير ( احرابه ) بنفس قياسات القديم يعني اطرش بالزفه حتى يصنع منه بطل الغاء تقاعد مساكين البرلمان الذين تركوا مهن مثل الطب والهندسة والقانون والتجارة وبيع العتيك وغيرها من التي تدر ارباحا كثيرة من اجل عيون المواطن العراقي والدفاع عن حقوقه وسن القوانين لاجله وتوفير الخدمات له . ويبقى السؤال مفتوحا اذا الحزب الشيوعي بزمن الملوك عثر على ضالته بـ( احرابه ) اين يجد شمخي وبمن ضالته ؟ ربما لو تعاون معه حميد الناعس قد يجدون من يحمل عنهم عبأ ذلك ويحقق لهم حلم تنازل النواب عن رواتبهم .