ضياع عبيلة/كريم شلال

Sun, 28 Jul 2013 الساعة : 17:30

ضياع. . عبيلة والنياق ودارها
قراءة تاملية في قصيدة مصطفى الجزار
كريـــــم شلال
هل فقدت المقاييس واختلطت القيم وهل التبست المعايير ؟ خنوع وانكفاء في كل ركن من اركان الامة ،سبات طويل الامد وانتظار لولادة وان كانت عسيرة لكنها المنقذ ، قتل لاشراقة الحياة ،بل بث الشأم والنكد بين حنايا الجسد العربي من ويل وثبور، سوداوية يراها الشاعر:
لا ترجُ بسمةَ ثغرِها يوماً، فقدْ
سقطَت مـن العِقدِ الثمينِ الجوهرة
تحار الاقلام وتغلب عقول المفكرين لما يجري من تهاون في كل شيء ، ينتفض بعض الشعراء بدوي قصائدهم بل بمداد قلوبهن التي تبوح لوعة والما ، بديلا عن دوي القنابل الخاوية ،عيون حرى تتراقص بانتظار فرج قريب طوابير من الطغاة ، ماان تزيح طاغية الا وتقدم طوابير من القرابين على مذبح الحرية ، كل تلك الخسارات يسطرها شاعرنا بقصيدته باسلوب حوارية راق يحاول به استدعاء ماض بات وولى :
يا فارسَ البيداءِ.. صِرتَ فريسةً
عبداً ذليلاً أسوداً ما أحقرَه
متطرِّفاً.. متخلِّفاً.. ومخالِفا
نسبوا لكَ الإرهابَ صِرتَ مُعسكَرَه
هواشعال فتيل جذوة باتت خامدة ، من خلال ايقاظ اسلافه وبث شكواه وحيفه لهم كعنترة وغيره ليطلعه الى ما الت اليه الامور وان عبلة لم تسلم من حقدهم بعد ان باعوا كل شيء :
كَفْكِف دموعَكَ وانسحِبْ يا عنترة
فعيونُ عبلةَ أصبحَتْ مُستعمَرَة
هو احتلال لكل مرافقنا وان كانت مزركشة بعنواوين براقة تسر المغفلين ،اباحة لكل المقدسات ، نساء تساق كما البهائم الى سوق النخاسة واصحاب " الكروش " يتلذذون طعم الخيانة :
قبِّلْ سيوفَ الغاصبينَ.. ليصفَحوا
واخفِضْ جَنَاحَ الخِزْيِ وارجُ المعذرة
والسيفُ في وجهِ البنادقِ عاجزٌ
فقدَ الهُويّةَ والقُوى والسيطرة
فاجمعْ مَفاخِرَكَ القديمةَ كلَّها
واجعلْ لها مِن قاعِ صدرِكَ مقبرة

فكرك يحاصر وقلمك يختلس الكلمات اختلاسا ليحيلها الى كلمات متخفية تلوذ بصمتها خشية ازعاج السلطان :
ولْتبتلع أبياتَ فخرِكَ صامتاً
فالشعرُ في عصرِ القنابلِ ثرثرة
اقتل احلامك واقبرها في صدرك ، فالحلم جريمة ، وشم نسيم الحياة لايصلح الا من نوافذ السلاطين :
لن تستطيعَ الآنَ وحدكَ قهرَهُ
فالزحفُ موجٌ..والقنابلُ ممطرة
وحصانُكَ العَرَبيُّ ضاعَ صهيلُهُ
بينَ الدويِّ وبينَ صرخةِ مُجبرَة
يرى شاعرنا تضاءل وخفوت جذوة امله لاستيقاظ ضمير مجد امته ، بل يشعر انه يكلم اعجاز نخل خاوية ليعود بحواريته واستدعاءاته مجددا ، هل فقدنا بريقنا و مجدنا ؟ وهل انتهى صمودنا وهل ذهب القنا ؟انها خسارات تاريخ وانكفاء مجد امة :
هلاّ سألتِ الخيلَ يا ابنةَ مالكٍ
كيفَ الصمودُ؟ وأينَ أينَ المقدرة!
هذا الحصانُ يرى المَدافعَ حولَه
متأهبباتٍ..والقذائفَ مُشهَرَة
لقد نجح في تنظيره ـ غير مرة ـ وقراءته لواقعه المائل نحو التشرذم والخيانة والخنوع ، ليذوقوا مرارة هزائمهم المتكررة :
ذاقوا وَبَالَ ركوعِهم وخُنوعِهم
فالعيشُ مُرٌّ.. والهزائمُ مُنكَرَة
هذِي يدُ الأوطانِ تجزي أهلَها
مَن يقترفْ في حقّها شرّا..يَرَه
وسباتهم الطويل ، واحلامهم الباهتة ، بل خيانتهم لمجدهم ولتاريخهم ،اضاعوا عبلة والنياق :
ضاعت عُبَيلةُ.. والنياقُ.. ودارُها
لم يبقَ شيءٌ بَعدَها كي نخسرَه
واخيرا يصرخ اين الضمير العربي ؟ولم يسمع سوى رجيع الصدى ، وتناى ريشته عن المتابعة ويجف دمعه بل حتى دمه النازف على ماساة امة ، ليدعوا دعوته الماساوية النازفة:
فدَعوا ضميرَ العُربِ يرقدُ ساكناً
في قبرِهِ.. وادْعوا لهُ.. بالمغفرة
عَجَزَ الكلامُ عن الكلامِ.. وريشتي
لم تُبقِ دمعاً أو دماً في المحبرة
وعيونُ عبلةَ لا تزالُ دموعُها
تترقَّبُ الجِسْرَ البعيدَ.. لِتَعبُرَه
ونقول ان الشاعر مصطفى الجزار نسج حوارية مطرزة بسيل من الاسئلة التي ناى عن طرحها اغلب الدعاة والمصلحين خوفا وهربا من نتائجها المؤلمة ، لكنه حاول انهاء الم وصراع بل كشف كبت اجيال وبيان قهرها ، واخيرا اراد ان يطرح جملة وان كانت مكررة ،هل فقد الحصان العربي صهيله ،ااخرسته قنابل الغدر، ام كممته الخيانات ام تدرع بجلباب الخيانة وبرقع الدين ؟ اما ان الاوان لاماطة اللثام عن التزييف والدجل ، لنعيد بهاء امتنا وماضيها التليد ، وهل تترقب عبلة جسرا لتعبره؟ .
 

Share |