ترياق لأفعى سيد دخيل/سلام حسين الهلالي
Fri, 26 Jul 2013 الساعة : 0:49

مقدمة:
كثرت في السنوات الثلاثة الأخيرة الاخبار عن انتشار افعى سامة صغيرة في ريف مدينة سيد دخيل ومناطق أخرى من جنوب العراق وذهاب العشرات ضحية للدغاتها , وتناولت الصحافة الموضوع بطرق مختلفة بين الروايات الشعبية القائلة ان هذه الحية من بقايا الاحتلال الإنكليزي كعقوبة لأهل ذي قار الذين قاوموه , او هي تحقق لنبوءة الكتاب المقدس (التوراة) التي قالت انه (عندما يبدأ جفاف نهر الفرات سينطلق العنان لوباء من الثعابين) أو هي ثأر ليهودي قتل أبنه في المنطقة بداية القرن السابق وغيرها من الأراء.
وكانت وسائل الاعلام والأهالي يلومون السلطات المختصة ويتهمونها بالتقصير في حماية المواطنين وتوفير المصل المضاد لها.
وهنا محاولة لعرض المزيد من المعلومات عن الموضوع من مصادر مختلفة من أجل فهم أكثر يساعد في وضع الحلول ومعالجة الحالة بما يمكن عمله.
وصف الحيوان:
الاوصاف التي ذكرها من شاهد هذه الأفعى تنطبق على الأفعى ذات الحراشف المنشارية Saw-Scaled Viper وأسمها العلمي Echis carinatus
والتصنيف الكامل لها هو:
الشعبة : الحبليات Chordata
نحت الشعبة : الفقريات Vertebrata
الصنف :الزواحف Reptilia
الرتبة : الحرشفيات Squamata
تحت الرتبة : الحيات Serpentes
العائلة : الثعابين Viperidae
تحت العائلة : Viperinae
الجنس : Echis
النوع : carinatus
تحت النوع : Echis carinatus sochureki
تنتشر في صحاري أفريقيا و جنوب غرب آسيا ( أيران والعراق والجزيرة العربية) ويمتد حدود أنتشارها إلى الهند وباكستان وسيلان.
وهي مسجلة في العراق منذ عام 1932 من قبل Corkill, N. L. حيث حصل على عينات من الديوانية حفظت في متحف التاريح الطبيعي لجامعة بغداد ومنذ ذلك الحين عدت من الافاعي النادرة الى عام 2011 عندما ظهرت في سيد دخيل.
كما ذكرت في كتاب Khalaf, K. T. عن زواحف العراق عام 1959 وكتاب لجامعة أكسفورد عن الزواحف والبرمائيات في الشرق الأوسط عام 1992 وغيرها من المصادر.
الحجم والشكل:
الطول عادة أقل من نصف متر وأكثر طول مسجل لها هو 78 سنتمتر, جسمها أسطواني، قصيرة وبدينة، يمكن تمييز الرقبه بوضوح ورأسها مثلث مغطى بحراشف صغيرة وعليه شكل يشبه السهم أو الصليب وخطمها مدور قصير, عيونها كبيرة ولون القزحية ذهبي وأنسان العين عمودي والذيل قصير.
لونها بني شاحب مع بفع داكنه الحمرة أو الغبرة وعليه بعض الخطوط المستعرضة البيضاء المصفرة وتكون هذه الخطوط بقعاً سوداء محمرة أما البطن فيميل لونه إلى الأبيض وبه نقط مغبره.
تعيش بشكل رئيسي في الأماكن شبه الجافة وتتغذى على الفئران والطيور والسحالي والضفادع والعقارب والديدان. قد تسبح في الماء وتتحرك أحياناً بحركة جانبية إلا أنها قد تتحرك بطريقة ثعبانية مثل باقي الثعابين الأخرى.
وهي سريعة الحركة واذا ما هوجمت فانها تعض أكثر من مرة وبسرعة متناهية تنتج صوت هسهسة عن الاحتكاك مع الاجسام اثناء الحركة. قليلا ماتشرب الماء وتحصل عليه من فرائسها. هي نهارية المعيثة ولكن ليس في فترة الظهيرة الحارة كما انها تسبت في الشتاء في الشقوق والحفر.
هذه الأفعى ولودة وليست بيوضة كغيرها، وتنتج 3-15 صغيرا يتراوح طولها بين 11-15 سنتمترفي كل مرة. التزاوج يحدث في بداية الربيع والولادة في الصيف وأحيانا في الأشهر الأخرى من السنة. وأنيابها طويلة بشكل تصل الى 4 سنتمتر وتوجد غدد السم وراء العين. ومتوسط وزن السم حوالي 18 ملغم، وكحد أقصى 72 ملغ و يتم حقن حوالي 12 ملغ في كل لدغة، ويقال إن قوة السم تكون خمسة أضعاف سم الكوبرا السامة ويتم امتصاصه بشكل سريع جدا. ويعتقد أن الجرعة القاتلة للإنسان هي 5 ملغ. وحوالي 20٪ من اللدغات قد تكون قاتلة.
السم يعمل بشكل رئيسي كعامل مضاد لتجلط الدم، ومدمر لخلايا الدم وبطانة الأوعية الدموية فيحدث النزيف، وخافضة لعمل القلب والخلايا العصبية. يتأثر القلب بقوة من خلال مركز حركي في الدماغ، مما يؤدي إلى ضعف النبض وانخفاض ضغط الدم ويعمل السم مباشرة على عضلة القلب أيضا. يحدث الموت بسبب قصور القلب في غضون 24 ساعة أو أقل أو يحدث نتيجة الإرهاق من النزف المتكرر الذي قد يحدث بعد أسبوع أو اثنين.
إن العلاج الأكثر فعالية والمقبول لمرضى لدغات الأفاعي هو أعطائهم فورا مضاد السم الخاص بالأفعى أو متعدد التكافؤ specific or polyvalent antivenom
ولكن لسوء الحظ، هذا العلاج يحمل مخاطر فرط الحساسية وتفاعلات مصلية, وعلاوة على ذلك، وبسبب التباين الجغرافي في تكوين السم من الثعابين فأن المضاد لسم ثعبان من منشأ جغرافي معين قد لا يكون قادرا على تحييد أو منع التأثيرات السمية لثعبان من مكان جغرافي أخر.
كما ان كمية كافية من هذا المضاد قد لا تكون متوفرة دائما وهي التي تنتج في مراكز بحثية محدودة. أضافة الى ذلك مشاكل الخزن والنقل كما ان الملدوغ يكون عادة لم يشاهد وغير متاكد من نوع الافعى التي لدغته.
مشكلة أخرى يواجهها العلاج المضاد للسم هو فشلها في تحييد المكونات السامة ذات الوزن الجزيئي المنخفض والتي تنتج تفاعلات مناعية قليلة والتي تسبب النزف، ونخر وتلف الأنسجة في ضحايا لدغات الأفاعي.
الأفاعي والأعشاب الطبية:
منذ قديم الزمان كان الأنسان ولا زال يستعمل النباتات ذات الاهمية الطبية في علاج لدغات الافاعي والعقارب وهناك توجه الان نظرا للأسباب التي ذكرت لمزيد من البحوث العلمية في هذا المجال وخاصة في الهند والباكستان وأيران وبعض البلدان الاخرى في أسيا وأفريقيا حيث تجرى التجارب للتأكد من فعالية النباتتات المستعملة في الطب الشعبي من قبل العطارين وكذلك البحث عن نباتات جديدة.
البيئة العراقية غنية بالنباتات الطبية لتنوع مناخه وجغرافيته من صحاري وهضاب وسهول وجبال وهناك نباتات مستعملة فعلا مثل نبات لسان الثور Echium italicum الذي يستعمله العراقيون في أرياف الشمال وأخرى تنتظر وهذه هي مسؤولية الباحثين العراقيين الأن, وفي ما يلي بعض التجارب وغيرها كثير:
الباحث في جامعة السلطان قابوس في عمان د. صدقي سيد أنور حسون وجماعته لهم العديد من البحوث المنشورة حول أستعمال النباتات الطبية لمعالجة ضحايا تحت الجنس Echis carinatus sochureki بواسطة تبات الكركديه الإثيوبي Hibiscus aethiopicus وهو من نفس فصيلة نبات الكركدية الذي أسمه الإنكليزي Roselle والعلمي Hibiscus sabdarriffa والذي يسمى (شاي كجرات) في العراق ويزرع عندنا في الديوانية وبغداد. حيث حضر المستخلص الكحولي من كل النبات ثم جفف وأعطي لحيوانات المختبر (خنازير غينيا) المحقونة بسم هذه الافعى عن طريق الفم والزرق تحت البريتون وحصل على نتائج إيجابية في تخفيف الالام وتقليل النزيف وبقية الاعراض وهذا البحث اجري عام 2012.
الباحث الإيراني غلام رضا سيبري وجماعته أجروا عام 2007 بحثا حول مادة البازهر Bezoar المستعملة في الطب الشعبي لدى قبائل جنوب ايران لمعالجة ضحايا ألافاعي وهي مادة كثيفة تتكون في أمعاء الماعز البري عندما يتحجر شعر وألياف ومواد أخرى قد تتسبب في انسداد مجرى الأمعاء وغيرها من مضاعفات.
قام هؤلاء الباحثون بزرق هذه المادة في فئران التجارب التي سبق حقنها بسم أفعى Echis carinatus وحصلوا على نتائج أيجابية بدون ان يتعرفوا على الالية التي تعمل بها هذه المادة والتي تحتاج الى المزيد من البحث كما قالوا.
سلام حسين الهلالي
المعهد التقني / الشطرة
