الجريمه ودور منظمة الانتربول/المحامي عبدالاله عبدالرزاق الزركاني
Thu, 25 Jul 2013 الساعة : 23:43

ان الدولة لاتستطيع القضاء على الجريمة أو الحد منها لاسيما إذا كانت عابرة للحدود و ترتكب من قبل أفراد وجماعات منظمة تتنتقل بين الدول مما يقلل من فرص تعقبها وإلقاء القبض على مرتكبيها ومعاقبتهم. ان المبادئ الجنائية التي تنص عليها القوانين الجنائية عادتا تكون إقليمية ولاتسري قواعدها على جميع الجرائم الا التي تقع في مرافق الدولة البريه والبحريه والجويه وبغض النظر عن جنسية مرتكبها سواء كان وطنيا أم أجنبيا مع وجود بعض الاستثناءات على هذا المبدأ فسيادة الدولة تقف عند حدودها الاقليميه ولا تتعداها إلى دولة أخرى والذي أكدت عليه قواعد القانون الدولي لان تطبيق المبادى العينية للقانون الجنائي من الضروره بعدم مساس بأي جريمة تخص المصالح الأساسية للدوله أيا كان مكان ارتكابها أو جنسية مرتكبها كما إن هذا المبدأ لا يمكن تطبيقه ما لم توجد اتفاقيات توجب تسليم المجرمين وخاصة إذا ما غادروا إلى دولة أخرى لذا لابد من الاتفاقيات الثنائية بين دولتين في نطاق محدد وفي أنواع محددة من الجرائم، ووفقا لآليات يتفاهم عليها الطرفان توجب تسليم المجرمين أينما وجدوا وفقا لطلبات التسليم الا ان الامر تطور في اطار منظمه دوليه متخصصه كمنظمة الانتربول لان الحروب التي والنزاعات المسلحة ادت الى ظهور وانتشار طراز جديدة من الجرائم والتي تحتاج إلى اتفاقيات ومعاهدات دولية لتجريمها كجرائم دولية مثل جرائم الإبادة الجماعية والتهجير ألقسري والجرائم الإرهابية، والجرائم المنظمة كما إن هذه الاتفاقيات لوحدها لا تكفي الأمر الذي يتطلب وجود إلزاماً قانونياً بتعقب وملاحقة المتهمين بارتكاب هذه الجرائم وإلقاء القبض عليهم والعمل على تسليمهم إلى الدوله طالبة التسليم والجهات الدوليه وبغض النظر عن جنسياتهم ومناصبهم الوظيفية ويتم ذلك من خلال جهاز أو منظمة دولية تتولى تنفيذ الأحكام الصادرة من الجهات المختصة في الدول المعنيه الا ان القانون الوطني العراقي لايسمح بتسليم المواطن الا انه يحاكم لذات الجريمه في العراق وقد ساهم تطور التكنولوجيا الحديثة التي شهدها العالم في تطور الأساليب الإجرامية المستخدمة في ارتكاب الجرائم وظهور أنواع جديدة من الجرائم كتلك المتعلقة بوسائل الاتصالات الحديثة كالانترنيت وغسيل الأموال.فالتصدي لأشكال الجريمة يتطلب تبني إجراءات أكثر فعالية في السياسة الجنائيه لأنها تستلزم تنسيقاً قوياً للوسائل القانونية والمادية من أجل الكشف عن الجرائم، وإلقاء القبض على المجرمين، ومعاقبتهم ومنع خطرهم على المجتمع الدولي والاقليمي وفقا لاساليب الحداثة لمكافحة الجريمة والحد منها على الصعيدين الوطني والدولي وهذا الأمر لا يتم إلا من خلال ابتكار و إنشاء جهاز أو منظمة دولية تأخذ على عاتقها مكافحة الجريمة والمجرمين من خلال القبض عليهم وتسليمهم إلى الجهات المختصة وتعمل هذه المنظمة وفقا لقواعد وأصول قانونية توافق عليها جميع الدول التي تنظم إلى الاتفاقية والتي اطلق عليها المنظمة الدولية للشرطه الجنائية (منظمة الانتربول) وفق قاعدة تبادل المعلومات وتوثيقها حيث أصبح هذا النظام نافذ المفعول ابتداء من (13/6/1956) ، فأصبحت المنظمة منذ ذلك التأريخ تعمل بشكل دائم ومستقر إلى أن وصل عدد أعضائها إلى مائة وتسعون دولة تسعى (الانتربول) بدورها إلى تعزيز وتشجيع التعاون الأمني الدولي ومساعدة أجهزة الدول الأعضاء على التعاون مع بعضها البعض والعمل معاً على مكافحة الإجرام ولاسيما العابر للحدود وبالنظر للدور المتميز الذي يجب أن تقوم به (الانتربول) على الصعيد الدولي، فأن القواعد القانونية المنظمة لميثاق المنظمة بما يحظر عليها التدخل في أي نشاطات ذات طابع سياسي أو عسكري أو ديني أو عنصري وعليها الاهتداء بروح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. كونها تعمل على تأكيد وتشجيع التعاون الدولي بين سلطات الشرطة الجنائيه في الدول الأعضاء نتيجة للتطورات في المجالات كافة وخاصة في مجال المواصلات والتي كان لها أثرها في سهولة انتقال المجرمين بين الدول، بعد ارتكابهم لجرائمهم في البلدان المختلفة، الأمر الذي يتطلب التعاون بين أجهزة الشرطة في الدول كافة لمكافحة مثل هذه الأعمال وهذا التعاون يتم في إطار القوانين النافذة في كل دولة وذلك لمكافحة الجرائم تلك الجرائم المعروفة عالميا والتي تنتهك القانون الطبيعي في أي مجتمع فتدخل الانتربول حسب طبيعة الجريمة التي قد يسهم عنصر أجنبي كونها عابرة للحدود، فقد يقترف شخص ما جريمة على ارض دولة ثم يهرب إلى دولة أخرى، أو عندما تكون الجريمة مرتكبة في عدة دول على مراحل، وهذا التعاون يجب أن يكون في إطار العمل على تأمين وتنمية التعاون الدولي بين كافة سلطات الشرطة الجنائية في الدول الأعضاء. وذلك بتفعيل كافة المؤسسات القادرة على المساهمة في الوقاية من جرائم القانون العام ومكافحتها. و العمل على منع الجرائم الدولية أو الحد منها عن طريق مكافحة الإجرام العابر للحدود، عن طريق تعقب المجرمين والجرائم المرتكبة، وتسهيل عمليات إلقاء القبض عليهم وتسليمهم إلى الجهات المختصة لان الغاية الأساسية للانتربول هي العمل على قيام عالم أكثر أمنا وسلاماً بعد إن انتشرت العمليات الإجرامية وامتدت إلى عدد كبير من الدول، هذا من جانب ومن جانب آخر ضعف ومحدودية الجهود الأمنية المحلية في التحدي للإجرام الامر الذي ادى إلى ظهور المنظمة وتفعيل اختصاصات والصلاحيات من خلال وظائف الأجهزة المكونة لها وذلك بجمع البيانات والمعلومات المتعلقة بالجرائم والمجرمين عن طريق المعلومات التي تتسلمها المنظمة – المكتب الرئيس في ليون بفرنسا مقرها الرئيسي – والمكاتب المركزية الوطنية للشرطة الجنائية في الدول الأعضاء عبر شبكة اتصالات تتم بواسطة منظومة اتصالات حديثة يطلق عليها منظومة اتصالات الانتربول العالمية و التعاون مع الدول في ضبط المجرمين الهاربين من خلال إصدار النشرات الدولية بمختلف أنواعها الحمراء، الصفراء الزرقاء، الخضراء، البرتقالية إضافة إلى النشرة الخاصة للانتربول – مجلس الأمن إضافة إلى النشرات الدولية المخصصة للمخدرات والنقد المزيف ومكافحة الإرهاب وتهريب الأسلحة وغسيل الأموال والإجرام المالي المرتكب بواسطة التكنولوجيا المتقدمة وتقديم الخدمات في مجال الأدلة الجنائية، كبصمات الأصابع ، والحمض النووي (DNA) وبيان ضحايا الكوارث من خلال الاحتفاظ بسجلات الجرائم الدولية.
فالانتربول يتكون من أجهزة تعمل من خلالها على تحقيق أهدافها وهذه الأجهزة تتمثل بالجمعية العامة، اللجنة التنفيذية، الأمانة العامة، المكاتب الوطنية المركزي، المستشارون، وتدار المنظمة بواسطة مكتب اللجنة التنفيذية ومقره في مدينة ليون الفرنسية وتعد المكاتب الوطنية بمثابة فروع للمنظمة في الدول الأعضاء وتدخل وظائف هذه المكاتب في نطاق عمل المنظمة والدول الأعضاء في المنظمة هي دول ذات سيادة وجدت من الضروري التعاون فيما بينها من اجل وتظافر الجهود الدولية والوطنية في مكافحة الجريمة والمجرمين، فاختارت الانضمام إلى المنظمة، فالتعاون الدولي الجنائي بين أعضاء المنظمة يحكمه مبدأ السيادة الوطنية للدول الأعضاء كما ان هناك سبعة أنواع من النشرات الدولية التي تصدرها منظمة الانتربول ولكل نوع لون يميزه عن الآخر ويصدر لغرض يختلف عن غيره وفي العراق يوجد المكتب المركزي الوطني ومقره العاصمه بغداد لذا تقوم المكاتب المركزية الوطنية بتحقيق الاتصال بين أجهزة الشرطة بداخل الدولة ونظائرها في الدول الأخرى والاتصال بين أجهزة الشرطة المحلية والأمانة العامة للانتربول في مدينة ليون الفرنسية. وبدورها تستقبل المعلومات وتوجيه الطلبات التي ترد من مختلف الدول لملاحقة المجرمين الفارين والمطلوب إلقاء القبض عليهم داخل البلاد وخارجه بالاضافه الى متابعة إجراءات محاكمة من يحمل الجنسية الوطنية ولحين صدور الأحكام وتنفيذها. وتقوم المكاتب الوطنية بمتابعة مجموعة من القضايا الجنائية، على المستوى الدولي وذلك بمتابعة الأشخاص المطلوبين والجثث المجهولة الهوية والغائبين والمفقودين والسيارات المسروقة و الأسلحة المسروقة والمفقودة والآثار والتحف الفنية المسروقة وجوازات السفر المسروقة والمفقودة. كما أن شعار المنظمة يحتوي الأحرف المختصرة التي تدلل على هذه التسمية I.C.P.O).
اذن الانتربول منظمة دولية تؤمن تعاون دولي جنائي بين فروع الأمن الجنائي في الدول الأعضاء فيها وذلك من خلال تنظيم التنسيق والتعاون الدولي في مكافحة الجريمة بأشكالها المختلفة ولذلك تستخدم الأدوات التي تتناسب وطبيعة المنظمة حيث
لها شخصيتها القانونية الدولية المستقلة، وهي مع ذلك تعمل تحت إشراف وتوجيه الأمم المتحدة، فهي لأتعد حكومة دولية جنائية عالمية فوق الدول كونها تتكون من مجموعة من الدول ذات السيادة وان مهامها ملاحقة المتهمين والمجرمين مرتكبي الجريمة المنظمة والتي تعد من الجرائم الخطيرة وهي بحد ذاتها التحدي الأكبر الذي يواجه المجتمع الدولي و تبرز خطورتها من خلال التنظيم و التخطيط الذي يكفل لها النجاح و الاستمرار بحيث يصعب تطويقها و القضاء عليها بسهولة لان اكثر المنظمات الإجرامية التي تقوم بالإعداد للجريمة المنظمة هم في الغالب أصحاب خبرة و احتراف يخططون لتلك الجريمة بطريقة محكمة تكفل النجاح في تنفيذها و هناك شبه اتفاق حول خصائص الجريمة المنظمة بين المتخصصين في الميدان القانوني و من أهم خصائصها التنظيم والتعقيد و السرية و الاحتراف و الاستمرارية وتتعايش في المجتمع مع ظاهرة الجريمة والقدرة على التوظيف و الابتزاز و الربح المالي الفاحش. استخدام العنف و الترويع و الإرهاب و الرشوة كوسائل للجريمة المنظمة. لقد أثبت الواقع أن كل دولة منفردة لا تستطيع القضاء على الجريمة ومتابعة أعمالهم الإجرامية عندما يتم الهروب إلى دولة أخرى بهدف التخلص من المتابعات القضائية وهنا تظهر مسألة التعاون و التنسيق بين الدول لتعاقب المجرمين و القبض عليهم في أي بلد كانوا فيه ، ومن هنا فقد أوجد المجتمع الدولي جهازا شرطيا دوليا يعرف باسم المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الانتربول) ، و الذي أوكلت له مهمة رئيسية في مطاردة المجرمين الدوليين والقبض عليهم. ومما يذكر بوجوب التنويه عنه ان كل من العراق وتركيا اعضاء في منظمة الانتربول ويلتزمان بتسليم المطلوبين على اراضيها لان الدوله طالبت التسليم ترسل ملف أي قضيه الى منظمة الانتربول وبدورها يدرس مستشاري المنظمه القضيه ومتى ما وجدت ان طلب التسليم جنائي تصدر المنظمه المذكره الحمراء لخطورة الجرائم المرتكبه من قبل المطلوب تسليمه بغض النظر عن الوظيفه التي يشغلها وهذا ما ينطبق على طلب التسليم الجنائي بحت وعلى الحكومات الموقعه الالتزام بقانون منظمة الانتربول الدوليه طالما هي من الدول الموقعه على الميثاق الدولي ويجب التاكيد على حكم نصت المــادة(3) من القانون الاساسي والنظام العام للمنظمة كما ذكرنا والتي تحظر على المنظمة التدخل في مسائل او شؤون ذات طابع سياسي او عسكري او ديني او عنصري وان تعتمد مبادئ الحياد وهذا المبدأ قدم لأول مرة في النظام الأساسي للإنتربول في عام 1948، عندما تمت إضافة عبارة الاستبعاد التام لجميع المسائل التي لها طابع سياسي أو ديني أو عنصري الذي يحدد مقاصد المنظمة عند اعتماد دستور الإنتربول في عام 1956، هذا المبدأ قد أدرج في المادة 3 وامتد ليشمل أيضا أنشطة ذات طابع عسكري وعموما وضعت للتحكم بضوابط المكاتب المركزية الوطنية والأمانة العامة وهيئة الرصد المتعلقه بتبادل البيانات بين البلدان الأعضاء والتي تجري عادتا وفقا لمبادئ وتوجيهيات صارمة من أجل ضمان الشرعية ونوعية المعلومات مع التركيز على حماية البيانات الشخصيه استنادا لاحكام المادة 40 من قواعد التنفيذ المتعلقة بمعالجة المعلومات ولايحق للمنظمه بموجب ميثاقها التدخل او تقيم قضاء الدول الاعضاء بقدرالالتزام بالتسليم من عدمه وفقا للقواعد العامه والهيئات والمكاتب التي تعمل بها المنظمه والخاصه بالتسليم وما يرد لها من معلومات والتي تخضع للتحليل وشكرا.