الحقد الطائفي يزيف التأريخ/عبدالخالق الشبيب
Mon, 22 Jul 2013 الساعة : 12:05

الغريب ان دعاة الفتنة، وقادة الولائم، وعملاء اليهود، يتحدثون عن شر عظيم سيفتك بالامة ويحذرن من فتنة تغرس مخالبها في جسد الملة، ويوصون بالابتعاد عنها، او الانزلاق في مسالكها.. ولذلك اصبح التحذير من سريان الشيعة (العجم) في هشيم السنة (العرب)حديث من لا حديث له، وموضوع من لا موضوع له، وصار كل كاتب وخطيب وامام جمعة او جماعة يعتلي المنبر ويخاف على رزقه لابد له ان يتفنن بسب الشيعة وتكفيرهم لانهم رأس الفتنه فهم يسبون الصحابة (رض) .. وينالون من عرض النبي (ص) .. ولهم ذيول كذيول القرود ! وكأن الشيعة مخلوقات فضائية نزلت من كوكب اخر على الوطن العربي فجأة بالذات لافساد شبابه، وتفتيت وحدته، وسرقة ثروته، وتحويلهم من عبادة الله إلى عبادة القبور! ومن الوحدانية الى الشرك. وقد اختزلهم البعض بايران العجمية الصفوية المجوسية أو اختصرها فقال انهم مجموعة من المجوس المتخفين تحت رداء الإسلام من اجل الانقضاض على الأمة وإعادتها إلى عبادة النار!!
فمثلا المخلوع حسني مبارك اكد مرارا ان ولاء الشيعة ليس لبلدانهم التي ينتمون لها وانما لايران ! والمأجور القرضاوي يفتي بكفرهم لكونهم ينادون ياحسين المتزوج من ايرانية ! والملك عبدلله حذر من هلال شيعي يقوده العجم ! ومفتي لبنان حذر من دخول الغرباء ويقصد الشيعة الى بيروت! ورئيس برلمان العراق النجيفي يقول من قطر مهد الفتنة انهم اقلية وليس لهم الحق في الحكم! والمخلوع محمد مرسي يقول اقتلوا الشيعة حيث وجدتموهم! ووثيقة علماء السعودية تحذر الحوار مع المشركين الشيعة! وفي الجزائر يطرد مدرسين لانهم شيعة! وفي المغرب يحذر برلمانيون من تشيع المغاربة! في البحرين يظطهد شعب كامل لكونهم شيعة! وفي الكويت اساتذة جامعيون يأمرون بنحر كل شيعي قربة الى الله! وفي العراق تفجيرات يومية في حسينيات ومساجد الشيعة! في تركيا الاضطرابات في البلد من جراء تماهلنا في التعامل مع الشيعة والعلويون! في تونس يمنع بناء مساجد للشيعة! وفي سوريا تتكالب كل قوى نصرة الدين من اجل وئد الشيعة ! ومجلس التعاون الخليجي يطارد انصار حزب الله لانهم شيعه!
سلسلة العداء للشيعة طويلة ،، والكلام متعب ،، والموضوع محرج للبعض ،، والزاوية قصيرة .. وحتى لا نبتعد عن صلب الموضوع علينا ان ندرس هذه المخلوقات الغريبة المسماة بالشيعة التي يرتعد اهل السنة من نشر عقيدتهم فيما بينهم لئلا يتشيع اهل السنة ويصبحوا عجما مجوسا،، والعجيب في الامر اصبح مذهب آل وهاب مذهب التجديد! ومذهب الحداثة !! ومذهب آل البيت مذهب التخريف!! او مذهب المجوس والعجم !!! فيقول الكاتب جعفر رجب في مجموعة مفالات رائعة سماها تحت الحزام:
بحثنا في كتب التاريخ، مع إن كتب تاريخنا ليست بتاريخ بقدر ما هي سوالف ... ولا تتعدى إن فلانا قال، وفلانا سمع من فلان، ويقولون انه حصل كذا وكذا... يعني لاتوجد لا وثائق نستند عليها، ولا كتب رسمية محفوظة، ولا آثار مكتوبة... باختصار تاريخنا يعتمد على «يقولون»...! ونحن مشينا مع المؤرخ التاريخي «يقولون» بحثا عن أصول هؤلاء القوم الذين مازال البعض متأكدا ان لديهم ذيولاً يخفونها عن الناس!
فتبين انهم كانوا موجودين من زمن الرسول، وقيل بعد وفاته واثناء خلاف المسلمين في السقيفة، وقيل في زمن عثمان، وقيل بعد حرب صفين، وقيل إن نشأتهم سببها شخص يهودي يمني أمه سوداء... حيث كان يغرر الناس، ويقول لهم وهو يفرك يديه:صيروا شيعة... فصاروا شيعة، وقاموا يلطمون، ويروحون الحسينيات، ويطبخون مرق قيمة، ويوزعون فيمتو في محرم...ويقال انه أول من وزع الفيمتو في محرم هو عبدالله بن سبأ!!
بعد البحث والتحري تبين لنا ان الشيعة كانوا يحكمون مصر العروبة أيام الدولة الفاطمية العربية، وبنوا القاهرة والأزهر إلى أن سقطت بيد «الاعجمي» الكردي صلاح الدين!! في الوقت الذي بنى العباسيون دولتهم «السنية» بمساندة ابو مسلم الخراساني الايراني!
وتبين لي ايضا ان الحمدانيين العرب كانوا شيعة، وكانت ولايتهم في الموصل وحلب أي العراق وسورية، ومع انهم شيعة إلا إنهم اضطروا الدفاع عن الخليفة المتقي بالله العباسي ضد نفوذ الاتراك «العجم» السنة في بغداد... وفي الوقت الذي كان الحمدانيون مشغولين في حروبهم ضد البيزينطيين - أميركا القديمة - كان الخليفة المتقي بالله السني يأكل الفالوذج الإيراني!
ذهبت بعيدا الى المغرب فاذا الأدارسة الشيعة العرب يحكمون المغرب،
وبني الأحمر وهم من الخزرج يحكمون الاندلس وبنوا القصر الأحمر بأسوده الاثني عشر الشهيرة!
رجعت للشرق بني عمار الشيعة العرب يحكمون طرابلس إلى أن سقطت بيد السلاجقة الأتراك!
نزلت جنوبا نحو اليمن، أصل العرب وأصولها، واذا بالزيديين يحكمون اليمن، ثم عاشت افضل ايامها عندما حكمها الصليحيون لمئة عام، وهم قبائل أيام العربية الإسماعيلية في صنعاء حتى أسقطتها الدولة الايويبة «الكردية السنية» - كما ورد في أطلس التاريخ الإسلامي للدكتور حسين مؤنس- ثم عاد حكم الزيدية الشيعة العرب الى سنة 1962.
اما الحجاز ارض العرب فكانت لا تعترف لا ببني أمية ولا العباس، ولذا بقيت الحجاز وتهامة بيد «الاشراف» الشيعة العرب يحكمونها الى سقوطها بيد الاكراد الايوبيين أيضا وتحويلها إلى يد الأشراف السنة بداية من 500 للهجرة!
أما الساحل الغربي من الخليج وهي البحرين والتي كانت تمتد من الكويت وحتى الإمارات... فقبائلها كانت شيعية الولاء، وقد حكمها القرامطة وسقطت دولتهم بيد السلاجقة الأتراك السنة... ومازالت القبائل العربية في الجزيرة تميل إلى الشيعة إلى ما قبل ثلاثمئة عام، ومع التغييرات السياسية والتأثيرات «العثمانية الأعجمية» التي حولت بعض القبائل ولاءاتها بسبب الأوضاع السياسية...ولم نسمع يوما قبائل شككت بولاء أبنائها بسبب مذاهبهم!
كان هذا تاريخ العرب أما تاريخ الفرس «العجم» فكان أن حكمها بعد العباسيين، السلاجقة العجم السنة، والليثيين السنة الذين قطعوا السن من يتحدث العربية، ثم أقيمت الدولة السامانية «العجمية» السنية التي منعت استخدام العربية في سلطانها، وتبعهم الغزنويون ولم تصبح شيعية إلا مع الصفويين قبل أربعمئة سنة، الذين أتوا براياتهم الحمراء- وليست الخضراء. وأصبحوا شيعة لدوافع سياسية بعد ان كانوا سنة!
باختصار «العجم» لم يعرفوا الشيعة والتشيع إلا قبل أربعمئة عام بينما كانت القبائل العربية في الجزيرة العربية، والعراق، والمغرب العربي ومنذ عهد الامويين ذات توجهات علوية ويميلون للهاشميين أتوماتيكياً!
بقية القصة ان الصفويين «ابتلشوا بالعجم السنة» فهذه مناطق سنية متعصبة، فقد كان الناس في اصفهان - عاصمة الصفويين-يعتبرون التراب الذي يمشي عليه الشيعي نجسا... وفي نفس الوقت يقول «ناصر خسرو» الرحالة العجمي في كتابه «السفر نامة» انه كان ينوي زيارة قبر أبوهريرة في طبرية ولم يستطع لان أهل طبرية شيعة متعصبون يرمون من يزور القبر بالحجارة، فقد كانت فلسطين تحت سيطرة الشيعة حتى دخول الايوبيين العجم!
المهم في النهاية استعان الصفويون بالعلماء العرب الشيعة من جبل عامل في لبنان، لنشر الدعوة الشيعية في ايران...وهذا يعني ان العرب واللبنانيين هم من «خربوا» الايرانيين وصيروهم شيعة!
ما الفرق بين الولايات السنية والشيعية في تلك السنوات...لا فرق، فالكل كان يستغل المذهب والدين لأغراضه السياسية،
نعم الأمور معقدة، والقضية ليست كل شيعي إيرانياً وكل سني عربياً، فالأمور يا قوم «متلخبطة» بين العرب والعجم... من أسسوا وساهموا في دعم المذاهب السنية أغلبهم من العجم، وما البخاري ومسلم والترمذي... والأسماء كثيرة إلا كانوا من الفرس، في نفس الوقت الذي كان الشيخ المفيد والمرتضى والحلي العرب يضعون أسس المذهب الشيعي في حر العراق بل وحتى في وقتنا الحاضر، فأشهر دعاة السنة الفضائيون منهم والأرضيون «عجم»، وقاعدة التوجهات السلفية والاخوانية «عجم» دون أن يقلل ذلك من شأنهم أو يشكك في ولائهم!
مسالة أخرى تاريخية ايضا شعراء العرب الكبار من المتنبي إلى أبوفراس والفرزدق وابو تمام وأبو العلاء.... كانوا ذوي ميول شيعية واضحة، في نفس الوقت الذي نجد شعراء الفرس من عمر الخيام الى سعدي والفردوسي ومولانا جلال الدين الرومي وهو أكثر الشخصيات تقديسا في إيران حتى يومنا هذا،لاعلاقة لهم بالتشيع ولم يجد شاعر مثل حافظ الشيرازي حرجا من الاستدلال بشعر يزيد بن معاوية في أشهر أشعاره التي يرددها الإيرانيون حتى الآن!
لا أريد أن ادخل في «نظرية المؤامرة» ولكن ألا تشعروا بان هناك من يحرك المسائل نحو هذا الاتجاه الطائفي، ألا تشموا رائحة المخابرات، والإعلام الموجه، وانتم تقرؤون المدونات وما يطرح فيها، من تخوين وتخويف للسنة من الشيعة وبالعكس!
الا ترون ان الصهاينة نجحوا في ان يحركوا اذنابهم من السلفيين والوهابيين من اجل صناعة عدو للعرب متمثلا بايران والعجم والشيعة بدل ان ينشغلوا بقضيتهم الاساس فلسطين. نعم انهم نجحوا في التحشيد الطائفي لكلا الفريقين واشغالهم ببعضهم لتخلو لاعداء جميع الديانات اليهود، الفرصة لبناء دولتهم اليهودية الموعوده،، وما الاسلحة الصهونية التي وجدت عند تحرير القصير الا دليل واضح لكل ذي لب .. افلا تعقلون ياعرب؟؟؟؟