الامام الحسن عليه السلام الخليفة الخامس/رعد السيد
Sat, 20 Jul 2013 الساعة : 0:46

شئنا ام ابينا فان الامام الحسن بن علي عليه السلام هو الخليفة الخامس في المنظار التسلسلي للخلفاء الراشدين (ابو بكر وعمر وعثمان وعلي) فان مقياس الخلافة من الناحية الظاهرية هي مبايعة الامة ، وقد حصل الامام الحسن المبايعة واكتسب صفة الخليفة ، ونحن اذ نتحدث بهذه الخصوصية فان الاصل العقائدي عندنا ان الامام الحسن هو ثاني امام مفترض الطاعة اي ما معناه ثاني خليفة شرعي بتنصيب الهي مقدس ولكن للتاريخ حال الذي فرض على اكثرية الاذهان ان عليا رابعا .
ان الخليفة الخامس (الحسن بن علي) قد حصل على البيعة بعد رحيل ابيه عليه السلام واستمر خليفة على الحجاز واليمن والعراق وخراسان وغير ذلك نحو سبعة أشهر، وقيل: ثمانية أشهر، وقيل ستة أشهر ، وعلى كل حال فقد امتدت حكومة الامام الحسن على شبه الجزيرة العربية وكذلك مصر وبلاد فارس وجزء من اراضي السند وكذلك اجزاء من الشام حتى امتدت الى تركيا .
لكن نرى التاريخ الاسلامي العام قد ظلم هذا الامام ظلما يضاف الى مظلومياته الاخرى ، فعندما يذكر مثلا الخلفاء الامويين او العباسيين ممن قضى في الحكم ستة اشهر كالمنتصر العباسي او معاوية بن يزيد الذي قضى في الحكم ثلاثة اشهر واربعين يوما وكذلك يزيد بن الوليد الذي قضى ايضا ستة اشهر في الحكم الاموي بل وحتى يزيد بن الوليد الذي لم يقض في الحكم الا سبعين يوما فقد عده التاريخ خليفة اموي والظاهر بأمر الله الذي دام حكمة تسعة اشهر عده التاريخ خليفة عباسي ..الخ
فانظروا الى حيف التاريخ وحيف كتاب التاريخ وممن يؤمن بالخلافة الراشدة خصوصا والاموية والعباسية !! حيث يؤمنون ان هناك خلفاء ويعدّونهم اذا ارادوا ان يعدوا الخلفاء الامويين او العباسيين بينما الامام الحسن عليه السلام لا يعد كخليفة راشد والكل تؤمن ان ارقى خلافة واقربها الى صدر الاسلام هي الخلافة الراشدة لأن تلك الفترة من تاريخ الإسلام هي المرحلة الوحيدة - بعد دولة النبوة - التي رأت فيها المبادئ السياسية الإسلامية في مجال شرعية السلطة تطبيقا عمليا على ظهر الأرض
ان التاريخ الذي يسمي الرجل الذي يعقد الليالي الحمر ويسمع القيان ويعاقر الخمور كالمتوكل او معاوية يسميه خليفة ولا يسمي الامام الحسن خليفة فهذا تاريخ باطل وتاريخ ضال مضل يتبع سلسلة التهميش والاقصاء لدور الائمة عليهم السلام في تاريخ حياة الاسلام وعليه العفا وهو مسعور بالدس والتلفيق والتزوير .
لقد تميزت خلافة الامام الحسن - رغم عدم الاستقرار السياسي – بالكثير من المنجزات المدنية والحضارية منها انشاء مراكز متخصصة لخدمة العامة كدار المظالم ونشوء الشرطة ، وكان يدير حكمه انطلاقا من دار الامارة كما ازدهرت الكوفة في عهده وبنيت بها مدارس الفقه وساد العدل آنذاك .
وربما السمة البارزة في تاريخ الامام الحسن وحكومته الراشدة العادلة - التي هي امتداد لدولتي جده الامين وابيه الكرار عليهما وآلهما السلام - لم يمارس أي نوع من الإكراه على المجتمع الاسلامي ولم يكن ليأخذ الخلافة بالقوة والفساد الاداري او المالي بل هي الامة من اختارت الحسن وبالتالي الحسن هو من ترك الامة عندما احس منها الهزيمة والارتداد فحفاظا عليها ترك السلطة للحفاظ على بيضة الاسلام . ولنراجع معا كتاب صلح الامام الحسن عليه السلام للمرجع السيد الصرخي ونرى معاناة الامام الحسن كخليفة من المجتمع الاسلامي آنذاك .
وما احوجنا اليوم الى حكومة كحكومة المجتبى التي ترعى الفرد وتحترم ضميره وارادته وتشخص العلة وتعطيها الحل الناجع بل وتنساب مع مشاكله بسياسة قل نظيرها وانعدم شبيهها ، ان حكومة الامام الحسن تعطينا فكرة وصورة واضحة ان الحكومة هي سياسة العدل والانصاف فالحكم اساسه العدل فان ضاع العدل فهناك الفوضى والعشوائية بل وحكومة العصابات والمليشيات الانتهازية .
فالحسن لم يكن انتهازيا ولك يكن سياسيا منتفعا او تابع لأجندة خارجية او انه يسير وفق دستور وضعي انما كان خليفة عادل وحازم وجزل في موقفه السلطوي يسير وفق النظم الاسلامية الرصينة بما آتاه الله تعالى من العلم والمعرفة والسداد .
هذا هو الخليفة الخامس من خلفاء الدولة الراشدة ظاهرا وهذا هو الامام المفترض الطاعة الذي لو رجعنا الى الحق لكان هو الخليفة الثاني ولكن هي الدنيا والنفاق وابليس والهوى . وعلى الامة الاسلامية ان تكون ممنونة لهذا الخليفة الذي حفظ ماء وجهها وصان حرمتها .