ثنائية المجتمع والفقيه/حسين ناجي الطائي

Thu, 18 Jul 2013 الساعة : 1:09

جميل أن يعيش الإنسان حالة التأمل مع نفسه ليحتضن ذاته بعد انتشالها من براثن الخيال الزائف , إن مفردة التأمل لتستوقفنا في أهمية خاصة حيث نجد لها ترجمة خاصة عما في الذات ألا وهي الكتابة ........
فما هي الكتابة ؟؟؟!!
الكتابة هي حالة تعبيرية عما يكتنزه العقل وتملكه الروح ويخطه اليراع من كنه الحقيقة , إنها بمعنى من المعاني الوجه الإنساني الخالص ..
إن الكتابة هي من أقدم ما عبر بواسطته الإنسان منذ بدايات الخليقة , ومرورا بتاريخ البشرية إلى الآن , لم نر أنها تلاشت أو نكصت بسبب متغيرات الزمن وتبدل ظروف العالم , ربما تبدل الخطاب واختلفت الأدوات الكتابية واختلجت بعض الرؤى و الإيديولوجيات التي قد هيمنت في فترات زمنية متقطعة , إلا أنها حاضرة بحضور الإنسان نفسه .
وتتزامن الأنساق المعرفية التي هي رهينة الفكر البشري مع تجلي المعرفة الفقهية باندفاعاتها الغزيرة متشبعة بوحي النص وروح السمو المعنوي الذي تستبطنه

عبارات الشريعة السمحاء ضمن طياتها المعرفية والماورائية حتى تصل إلى مستوى سطح المعرفة الاجتماعية لتندك بها وتصهرها بما تحمل ..
يستعمل البعض مصطلح العلاقة الثلاثية فيما بين السلطة والفقيه والمجتمع , وفي تصوري إن مفردة السلطة هي نتيجة من نتائج تفاعل الفقيه والمجتمع قسرا أم بكيفية أخرى , وعلى أي حال فان هذه الثنائية ( الفقيه والمجتمع ) تخضع كغيرها من الظواهر المجتمعية والمعرفية إلى محددات كمية وكيفية ترسم ملامحا خاصة حسب البيئة الزمكانية لها.
إن المحددات الكيفية لهذه الثنائية مقصورة ضمن نطاق الفهم النفسي والمعرفي والاجتماعي فكلما كان الفقيه أكثر اندكاكا واقرب ملامسة للواقع الاجتماعي كانت مساحة السطح الفاصل بين المجتمع والفقيه اقرب وأكثر تماسكا والعكس صحيح فيما يرتبط بالمجتمع الذي يعيش اجواءا ثقافية فسيحة تبدي أفقا رحبا لكل منتج معرفي إنساني خلاق .
أما المحدد الكمي فهو يعتمد على رصيد الفقيه الفكري والعلمي بما يضمن سلامة العلاقة المتبادلة مع المقلد – بفتح اللام- خصوصا وان لكل مجتمع خصوصية تنبع من طبيعة البيئة وظروفها وإرهاصات الماضي التي تترك أثرا على منظومة التفكير الجمعي لأفراد هذه البيئة .

لقد مرت العلاقة بين الفقيه والمجتمع بمنحدرات صعبة جدا خصوصا وإنها كانت تحت وطأة أنظمة جائرة تعمل على أسس طائفية مقيتة في الأعم الأغلب , الأمر الذي صير من كونها علاقة تقليدية تتركز في مجالات محدودة , خصوصا بعد حادثة التسفير التي وقعت للمراجع في العراق إبان العهد الملكي وما رافقها من خذلان اجتماعي وسياسي ..
ومع بروز حالة النهضة الإسلامية الحديثة تبلورت رؤية فقهية جديدة نحو المجتمع كان رائدها الإمام الخميني في إيران ومحمد باقر الصدر في العراق , لقد كونت هاتان الرؤيتان بوابة العصر الحديث والحالي للحركة الإسلامية الشيعية وامتداد آثارها في العالم تحت خيمة نظرية ولاية الفقيه التي عاشت سنوات عديدة في بطون الكتب ولم تبصر النور إلا على يديهما معرفيا وعمليا .
فيما برزت هذه الظاهرة ظلت الظاهرة الأكبر لبقية الفقهاء الكبار ضمن النظرة القديمة مشفوعة بتبريرات لها ما يؤيدها من الأدلة الشرعية والاجتماعية .
إن مكمن السر في هذا المنحى – الأول – هو الحالة التنظيمية التي ارتقى لها فكر الفقيهين – الخميني والصدر- مما أشعرهما إلى الحاجة الملحة إلى تأطير أساس معرفي وفقهي واجتماعي جديد قائم على علاقة مندكة مع المجتمع اندكاكا يشعر على انه ذوبانا تاما وانسلاخا فوريا عن قوقعة القطيعة المتعارفة عند الباقين.

Share |