نوافذ القيم الميكافيلية ../حسين ناجي الطائي
Tue, 16 Jul 2013 الساعة : 23:38

لكل مجتمع قيم ومفاهيم نابعة عن تراثه الفكري والديني تسري إلى قدم منابعه مشكلة منظومة حية من الأفكار التي تعتبر عقيدة جماعية لأفراده متماشية مع بيئته وزمانه , هذه المفاهيم تترجم على شكل ممارسات وطقوس وتصرفات وإيحاءات تسير عليها الجماعة التي تعيش في مجتمع ما ..
لقد شكلت الأديان السماوية إحدى أهم القيم بل ركيزة أساسية في منظومة القيم الاجتماعية البشرية بما بثته من تعاليم سمحاء وما أرسته من قواعد التعايش والاحترام , شكلت بالتالي سلما للكمال البشري كما قال تعالى (( ولقد كرمنا بني ادم )) .
هذه المفاهيم تعرضت إلى نكسات والى تعرجات حينما اكتست بالفهم البشري الذي ما فتيء يقيس الأمر على هواه ,وبالتالي أخذت بالانحسار وبدأت أمواج المد المادي تتصاعد خصوصا مع قيام الثورة الصناعية وما رافقها من رد فعل للدين الكنسي الذي ما فتيء يجاهد ضد كل ما يمت للعلم بصلة , لقد فات من فهم الفهم الخاطئ أن الأمور لاتقاس كذلك .
لقد شكلت الصناعة قفزة نحو الأفق وبخطوات جبارة من ناحية خدمة الإنسان , إلا إنها لم تستطع تلبية متطلبات الإنسان الروحية فلهذا الأمر بابه الخاص به .
ونشأت جراء ذلك تيارات فكرية وفلسفية أخذت على عاتقها أن تجرد الإنسان من كل نزعة غيبية أو إيمان روحي باعتبار أن هذا مما لاوجود له أو انه عبارة عن هرطقات وسفاسف من الأمور , فنشأت الفلسفات الهيجيلية ومن ثم على أساسها الماركسية وغيرها وظهرت النظرية الداروينية لتهز العالم بحقيقة وهمية تتعارض مع الأديان الحقة – أصل الإنسان – وقد أدى صدى هذه النظرية إلى أصوات أخرى في علوم النفس والاجتماع فظهرت الحقائق النسبية وظهرت معاجز فرويد إلى سطح الأرض !! .
شكلت هذه المجاميع بجملتها قيما ميكافيلية وبداية لهذه القيم ودرعا حصينا لتأسيسية هذه القيم وفق أسس علمية ! أتاحت للشارع الأوربي أن ينفض الدين نفضا ومن كل متعلقاته الغيبية والإيمان إيمانا عميقا بالمادة والآلة ! . ثم استطاع الغرب تصدير هذه الثورات إلى بلدان المسلمين - رمتني بدائها وانسلت- باحتلالها أولا ومن ثم بدء مشروع الهيمنة الثقافية الذي بدء مع منتصف القرن التاسع عشر ولا يزال متصاعدا ويعمل بوتيرة عالية نحو تحقيق حكومة عالمية موحدة يدين لها الشرق والغرب أساسها المنفعة والمصلحية وإشاعة الفوضى وإباحة الجنس وكل ما حرمته الشرائع والأديان , وفي الحقيقة هذا ما يعمل لأجله الاستعمار على قدم وساق , وليس لنا إلا أن ننتبه لهذا المشروع ففي معرفته الانتباه وفي الانتباه الحذر وفي الحذر السلامة بأعداد مستلزماتها وإلا .......
(( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليقتلوك أو يثبتوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين )) .