معنى السباق مع الزمن/طاهر مسلم البكاء

Fri, 12 Jul 2013 الساعة : 23:48

نظرة الى عالم اليوم نجد أن الدول التي توصف بالعالم المتقدم ورغم ما وصلت اليه من مستوى في العلم والعمران ،فهي لاتزال في سباق دائم ولانهائي مع الزمن ،أنهم يبحثون بأستمرار نحو الأبداع ونحو الأحسن والأجمل في كل مجال من مجالات الحياة ولايتوقفون عند حد ،ولاعجب أن يكون اللون الأزرق هو اللون المميز للحضارة الغربية إذ أنه اللون الذي يوصف باللانهاية ،فالسماء اللامتناهية توصف بالزرقة وكذلك البحار والمحيطات ،وهم بهذا السباق الأزلي تفننوا بالسعي لأكتشاف المجهول سواء في داخل النفس البشرية أو في الأرض والبحر والسماء .
عندما تتوفر الفرصة لأحدنا لزيارتهم والأطلاع على ما قاموا به من بناء وعمران نشعر اننا عالم متخلف حقا ً نسكن خرائب ونجهل الكثير مما توصلوا الى انجازه ، وقد يتحمس البعض منا الى نقل مثل هذه الصورة الى بلداننا وأن نحاول أستولاد هذه الحركة الأبدية عندنا ونضع ضوابط جديدة تقدس العمل كما عندهم ،ولكن عندما نعود ونصطدم بالواقع نفضل أن نغفوا ثانية ،ونستذكر قول عمرو بن معد يكرب :
لقد أسمعت َ لو ناديت حيـا
ولكن لا حياة لمـن تنـادي
ولو نارٌ نفخت َ بها أضاءت
ولكن أنت تنفخ في الرمـادِ

في كروية الأرض حكمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السؤال الذي يتبادر الى الذهن دائما ً : هل صحيح أننا لانستطيع أن نكون مثلهم ؟ .
أن من حكم الله تعالى البالغة أن الأرض التي نعيش عليها كروية الشكل وهذا يجعل كل نقطة عليها هي مركز وقطب رحى ، شريطة أن يكون أهلها جادون في طلب العلم والعلى ويمتلكون الهمة الكافية للوصول الى مرافئ القوة والحكمة ، والتاريخ خير شاهد على ذلك فالحضارات التي سادت توزعت على مناطق مختلفة من الأرض ،فحيث وجدت الروح القادرة على بث الحـكـمة وايجاد الحافز لأبراز الهمة في جموع العاقلة يتواجد الطموح والعنفوان ونجد أثار حضارة عظيمة توزع أبداعها على مختلف مجالات الحياة حيث نجد دلالات على رقي عمراني وافكار مدونة وصـورلمخـترعات و لصـناعات رائـدة وحـياة مـتقـدمة نســبة الـى عصـرها وزمانهـا ،ووجدنا أعـظم الحضـارات كانت علـى أرضنا وبين ظهرانينا !
إذن نحن قادرون ان نكون مثلهم ،ولايميزهم عنا اليوم سوى أحترامهم لضوابط العمل والفكر والتفوق وأهمالنا لها وأنكفائنا قانعين بما نحن فيه من واقع نعلم أنه متخلف يشعرنا بخدر الراحة الجسدية ،فيما مطلوب منا لو أنخرطنا في سباق الحياة مثلهم بذل جهد نراه من بعيد أنه ثقيل ويرونه وهم يعيشون فيه جميلا ً ،ونراهم قد تجاوزوا أثقال لانزال نرزح تحت وطأتها ،فهم يبحثون عن الكفاءة بحثهم عن المعادن الثمينة ونحن نطمر وندمر ما يبرز منها ،فلا نزال نعيش عقدا ً قديمة منها ،وهم قد تجاوزوا التقاتل والتصارع وخاصة على الزعامة ووضعوا ضوابط ميسرة لها ونحن لانزال نرى المركب يغرق كل يوم ،أما لأن الربان أحمق أولأن هناك أكثر من ربان يتقاتلون على الزعامة ،وهي أمراض قديمة فينا لاتزال بدون علاج .
نرى بما وفرته التكنلوجيا الحديثة ،والتي نستخدمها ولا دخل مميز لنا في ابتكارها وظهورها ، أن مدنا ً كبرى في عالم اليوم تتصارع على الزعامة بمفهومهم للتصارع وليس بمفهومنا ، فهذه تريد أن تتسيد مدن الدنيا بالثقافة ،وطبعا ً بعد أن تكون قد أكتملت من النواحي الأخرى كالعمران والخدمة ،وأخرى تبغي أن تكون عاصمة الدنيا في الأوراق المالية والذهب وهكذا ،أما نحن فنتسابق الى الوراء ،كيف نجعل من عاصمتنا مدينة أشباح يسكنها المفخخات والموت والخراب ولايمر يوم دون ان يقتل فيها العشرات .
مدن هِبَة ٌ من الله والتاريخ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك مدن عندنا تملك مميزات لاتوجد عند الآخرين،كمدننا الدينية والتاريخية ، أنها تجذب الملايين سنويا ً بدون الحاجة الى أعلان أو تقديم حسن سيرة ، وليس لنا الفضل في ذلك ،أنها هبة من الله كالنفط الذي يجري في عروق أرضنا ،ولكننا لانحسن أستغلالها ولانوفر ما يوازي أهميتها ،بأختصار اننا لانكرمها بقدر ما كرّمها الله وأهداها لنا ، بالضبط كما فعلنا مع النفط ،فهي لاتزال تستقبل الملايين من الزائرين دون :
- فنادق سياحية أو شقق مريحة وميسرة الزائرين .
- أنظمة مصرفية كفوءة تتناسب مع الأعداد الهائلة من الزائرين .
- حركة مرور سهلة وميسرة ،تجعل الزائر يحتفظ بذكريات جميلة عنا .
- وسائل أتصال عالمية كافية .
- مستشفيات حديثة ومجهزة بأحدث ما أستجد من أجهزة .
- صحافة وأعلام كفوء يتناسب مع المكانة اللائقة لهذه المدن .
- أسواق حديثة وأماكن تسوق بمتناول يد الزائر .
- ساحات عامة وحدائق .
- لمسات جمال وذوق رفيع وتخطيط سليم ،فليس من المعقول أن نبقى نبني اليوم ونخرب غدا ً لنعيد بناء جديد دون تخطيط لفترات دائمة مستقبلية ، أن مثل هذا الوضع هو هدر بالمال العام أضافة الى أنه يجعل من الزائر دائم التذمر لمواجهته بالحفريات وأعمال الصيانة عند كل زيارة .
ان هذه المدن مؤهلة لأن نرتقي بها الى مصاف أي مدينة حديثة في العالم ، ولكننا لانملك الهمة ولا التخطيط والتنفيذ السليمين ونجهل التسابق مع الزمن الذي يملكه الآخرون .

Share |