لو يفهم السياسيون درس زنّوبه في السياسه-عقيل الموسوي ـ المانيا
Sun, 24 Jul 2011 الساعة : 14:16

لم تكن دهشتي بذوقها الرفيع اكثر من خجلي من نفسي ولا اقل من اعتزازي بها حين اعطتني درساً في التربية والسلوك ولمّا تُكمِل ربيعها الثامن , تلك هي ابنتي وحبيبتي زينب , حدث ذلك قبل عامين حين ذهبتُ لمساعدتها في حمل حقيبتها وهي عائدة من مدرستها , وهذا ما نعشقه نحن الاثنان لما فيه من تسلية لكلينا وهي تقصّ عليّ بعض ما تأخذه من دروسها مستفهمة اذا ما كنت على معرفة بتلك المعلومات الجديدة عليها أمْ أنها صاحبة السبق في اعطائها لي , لأرى الفرحة ترتسم على وجهها حين تشعر بأنها استاذة ابيها الذي تفتقر ذاكرته لمعلوماتها العظيمه , ماحدث في ذلك اليوم ونتيجة لأندماجي معها وأصغائي الى حديثها الجميل , فقد نسيت ان ارمي ما جمعته في قبضة يدي اليسرى من قشور الحب في سلة المهملات التي في طريق عودتنا , ما جعلني ارميها بين الاحشاش التي يفصلها عن الرصيف سياجٌ من الشجيرات الصغيرة , الامر الذي رسم علامات الدهشة والاسف والاستياء على وجه صغيرتي الجميل , فقالت معاتبةً بطريقة مؤدبة وبلهجة عراقية تخللتها بعض الكلمات الالمانية بمامعناه : لماذا يا ابي تفعل هذا اما ترى ان المكان نظيف وان هذه القشور تلوث البيئه ويؤثر على حياة الاجيال القادمة ؟؟ , رغم علمي بأن تلك القشور ليست من الملوثات التي تتحدث عنها ابنتي , الّا انني بادرت بالاعتذار لها عن هكذا تصرّف غير مسؤول ووعدتها ان لا اكرر ذلك الامر ثانية , بل ولعنت حبيبات زهرة الشمس تلك , بالمناسبه حين درسنا تأثير الحوامض والقواعد على ورقة هذه النبتة كان اسمها نبتة عبّاد الشمس , ولكنه وبحمد الله ان اجتاحت حكامنا وولاة امرنا رعشةٌ دينية ٌ وصحوةٌ ايمانيةٌ كان من اعظم نتائجها هو تشكيل تنظيم القاعدة وتغيير اسم نبات عباد الشمس الى زهرة الشمس لأن الاسم القديم يدل على الشرك والفجور والعياذ بالله .
أن ما دار بيني وبين زنوبه من حديث لم يكن سوى انعكاس لدرسٍ لديهم اسمه ( بولتيك) ويعني سياسه , درس السياسة هذا لا يعلمهم الكذب والغش والخداع والنفاق الموجودة في سياساتنا , بل يعلمهم كيفية التعامل مع كل مايحيط بهم بطرق حضارية , ويعلمهم القوانين والانظمة واولها نظام المرور , وكذلك الحقوق والواجبات والحرية الفردية ومداها , كمو يعلمهم حب وطنهم والحفاظ على نظافة المحيط الذي يعيشون فيه بغضِّ النظر عن كونه مسكن او شارع اوحافلة والحفاظ عليه سالماً معافىً من اجل الاجيال القادمة , ليغرس فيهم ذلك الدرس الساحر كل ماهو جميل .
حملتُ هذه الفكرة بعد ان أُعجبت بها كثيرا لأيماني المطلق بأن المدرسة هي العنصر الاول في عملية تربية المجتمع والنهوض به نحو التقدم والرُقي , وطرحتها على كل من التقيت بهم من مسؤولين وتربويين ومثقفين ورجال دين .. والمجتمع بشكله العام وكان مقترحي ان يكون هناك درسٌ يدخل في الابتدائية والمتوسطة اسمه ( تربية مجتمع ) يأخذ على عاتقه تنشئة الجيل الجديد كما مرّ في درس السياسة الذي تفتخر زينب انّ لديها علامة جيد فيه , ومن الطريف ان احد اصدقاء الدراسة والطفولة بعد ان ادرك اني احسّ ب ( خربطةٍ ) واضحة يحسّها هو ايضا قال لي ان المشكلة تكمن في انّ هذا الجيل لا يرَ الّا عين الصواب في الخربطة التي نشعر بها نحن الذين اصبحنا في عمر الكهولة , في حين عقّب احد ( المسؤولين ) بأن العملية تتطلب تظافر الجهود للوزارات المعنية وهي التربية والبيئة والصحة والبلديات , فقلت في نفسي هنا يكمن سر تخلفنا وهو التنصّل من المسؤولية والسفسطة في تهويلها وتشعيبها وعدم الجدية في المشاريع التي من شأنها النهوض بالمجتمع , ليظل الكسب المادي هو هدفنا الاول وان كان على حساب الاخلاق او المجتمع او البيئة او مستقبل الاجيال القادمة .
دعوتي عبر هذا المنبر وكل المنابر الشريفة اوجهها الى وزارة التربيه ـ مديرية المنهاهج العامه لدراسة المقترح بشكل جدي واخذه بنظر الاعتبار من اجل جيل يجعل الوطن , وليس غير الوطن نُصب عينيه , وكلمة اخيرة اود قولها وهي ان تأخرنا يوما في تدارك امرنا فأننا سنتأخر اياماً في الوصول الى غاياتنا , وان تأخرنا سنةً فأننا سنتأخر سنوات ربما اطول من سنيِّ عمرنا ... الا هل بلّغت ؟ اللهم فاشهد .. اللهم فاشهد