جذور الإستبداد في الشخصية العراقية /حسين ناجي الطائي
Wed, 10 Jul 2013 الساعة : 17:53

كثير اً ما نلاحظ في مفردات الحياة اليومية جملة من المصاديق حول النزعة الاستبدادية والسـلوك الفردي في واقع معاش لدينا , تتعدد هذه المصاديق وتتنوع حسب الزمان والمكان وتصغر وتكبر لتشكل في النهاية حصيلة لابأس بها لمنهج اجتماعي متكامل ظل حاضراً في أروقة العلم والعمل ,يُتوارث ويتوالد دوريا وبشكل عفوي مع إغـــفال تام عن مدى الخطورة التي تترتب فيما لو ظل في مساره المرسوم على شكل حلقة مدورة , يتراوح هنا وهناك ليعــود في اللحظة الأخيرة إلى المربع الأول .
و البحث ضمن هذه السياقات قد يكون متعدد الجوانب إلا انه من الممكن إبراز النتيجة المطلوبة ضمن مساحــــات لابأس بها عن طريق اعتماد جملة من القوالب نستطيع أن نصب فيها النقاط الرئيسة والتي تشـــكل مـحور النـقاش فيها .
ومن بديهيات القول أن النزعة الاستبدادية لم تكن وليدة عصر حاضر أو طفت على أيديولوجية مجتمع متأخر وإنما هي تكرار دوري وإرث إجتماعي يشكل داءاً لادواء له في ظل الظروف المناسبة له والملاحظ تأريخياً إن وجــــود هذه النزعة هي نتيجة علاقة طردية بين الحاكم والمحكوم أدت إلى صياغة جعلية لنتيجة مستقبلية تطرح للأمام نظريات التعامل والترابط على أسس مختلفة ومعقدة من قبيل (( الناس على دين ملوكهم )) و(( كيفما تكونوا يولى عليكم )) وحسب هذه العلاقة الطردية بين الحاكم والمحكوم تظل آثار الديكتاتورية بجميع أشكالها مخيمة على جمــــــــيع المفاصل الحياتية , ومن المهم هنا هو أننا لايمكننا إهمال الطبيعة السكانية للمجتمع بأي حال من الأحوال من حيث التركيب الاجتماعي ومناشئه ويمكن الاستفادة من الرأي الذي طوره الدكتور علي الوردي والذي نقله عن ابن خلدون في كتابه – دراسة في طبيعة المجتمع العراقي – بحيث يمكن الاستناد عليه في توضيح حقيقة التركيبة الاجــتماعية التي تعاني صراع البداوة والحضارة وليس بعيدا عن هذا الرأي نجد أن صفة الاستبداد والديكتاتورية صفة يتمتع بها البدوي في نشأته والبيئة التي صار فيها فهو بطبيعته مستبد حيث لايرى غير سيفه ورمحه وخيمة رُثة أخــــــذت الشمس منها كل مأخذ وتتلاعب بها الريح من كل ناحية مرفوعة على عمود مع بساط متواضع- إن وجد - وسماء لاتتغير الامن من حيث اللون وصحراء قاحلة بلون يعكس على الشخص انطباعاً غليظاً فتنـــعكس كـــل هذه الــتأثــــيرات البيــــئية على شخصيته وتتمازج مع طبيعة الصراع النفسي والخارجي وهو الذي يدعى بتأثير البيئة الـقاسية عـلـى شخصـــيته ,ويشكل هذا التأثير جزءاً لابأس به من الصياغة الأولية للمفهوم .
أن النموذج الاستبدادي لايستبعد كونه إحدى نتائج المجتمع الجاهل وهذه العينة تكون واضحة للمــتتبع فتــــكون الحصيلة التراكمية هي مجتمع جاهل وحاكم جــاهل , ومـجتـمع تفــوح منه رائــحة الاستبداد وحــاكم كــذلـك .
كذلك فأن مبدأ التغالب الذي يقوم عليه الإنسان البدوي قد عزز مــن هذا ألجانــب والذي يأخذ بنـــظر الاعــتبار الجانب الأقوى ومن له الغلبة قولاً أو فعلاً .
إن عدة مشاكل أخرى لايمكن إغفالها جائت كحصيلة إضافية لتعقد المسألة منها :
مسألة عسكرة المجتمع التي خلقت ظروف أكثر قساوة لتدخل ضمن الدائرة الأوسع وهي ليست بالمســألة البـسـيطة وخصوصا مسألة التجنيد الإجباري .
المسألة الأخرى هي ظاهرة الاستبداد والسلطوية في التربية والتعليم والتي نجدها مخيمة على ساحة الوسط العلمي والتربوي والتي تقوم على مبدأ الرئيس والمرؤوس مما يعزز الروح الاستبدادية لدى الأفراد وتتكرر الصورة جيلا بعد جيل لنصبح جميعا في دوامة لانهاية لها وكلنا تحت رحمتها .
ولاتحل هذه المشاكل إلا من خلال دراسات شاملة وتوعوية وقطع السلسلة المنتجة عن إنتاج حلقات أخـــرى مكررة تؤدي بنا إلى أسوأ الاحتمالات إن لم تكن العودة إلى المربع الأول....
حسين ناجي الطائي