التعميم والقولبة في الاعلام /حسين ناجي الطائي
Sun, 7 Jul 2013 الساعة : 21:49

قد يتعرض الإنسان لموقف ما في حياته ويصدر بسببه موقفا عاما تجاه ما يتعلق بذلك الموقف وهذا ما يسمى بـ ((التعميم )) ويحدث التعميم بشكل لاإرادي إذا ما علمنا أن عقولنا نحن بني البشر محدودة تجاه حوادث العالم الكثيرة واللامحدودة , وبالتالي يصعب على عقولنا أن تستوعب جميع هذه الأحداث نتيجة النقص في المعلومات وعدم كمالية المعرفة البشرية التي تقع أيضا في الخطأ نتيجة لملابسات كثيرة ,لهذا السبب قد يلجأ الإنسان إلى إصدار أحكاما عامة على تلك الإحداث , وهو قياس خاطئ إذا لم ندرك جيدا ما يستند عليه من أساس ...
أما ما يخص القولبة أو ما تسمى أحيانا الصورة النمطية Stereo type )) فهي مفهوم مستعار – منقول حسب اصطلاح أهل المنطق – من عالم الطباعة ويعني الصفيحة التي تستخدم لإنتاج نسخ شبيهة بالأصل , لقد جرى استخدام هذا المصطلح للتعبير عن الميول التي في داخل تفكير الإنسان لاختزال المعلومات ووضع الناس والأحداث في قوالب جاهزة وعامة , وإصدار الأحكام المستعجلة وغير المدروسة ...
إن القولبة Stereo type )) هي أن يعمل الجهاز الإعلامي متعمدا على تشويه الحقائق حول شخص ما أو فئة من الفئات ويرسخ هذه الحقيقة المشوهة والمحبوكة بدقة عالية وبصورة شيطانية في أذهان المتلقين , وازدادت خطورة هذا المصطلح المنقول قسرا !! بحكم ما أصبحت عليه الآن وسائل الإعلام من موقع مهم وخطير فهي الآن تشكل ما يسمى بالسلطة الرابعة والأدهى من ذلك هو أنها الآن تصنع في مختبراتها سيناريوهات التخطيط والتحليل مع إغفال متعمد لأهل الاختصاص وأهل الفن والخبراء مما جعلها مصدرا رئيسا لكل أفكارنا وتصوراتنا عن الدول والشعوب والثقافات والديانات وغيرها ...
" كالذي صنعته شركة أديسون المتحدة بنيويورك ( شركة كون أيد ) حينما حاولت أن تقنع الأميركيين بضرورة توفير مصادر بديلة للطاقة , أذاعت إعلانا تلفزيونيا في صيف 1980 يتضمن لقطات متحركة وقديمة لبعض الشخصيات المعروفة في منظمة البلدان المصدرة للنفط – أوبك – كالدكتور احمد زكي اليماني والقذافي وغيرهم ,, إلى جانب شخصيات مرتبطة بالإسلام وبالنفط كالخميني وعرفات وحافظ أسد ولم يشر الإعلام إلى أسمائهم , لكن المذيع قال بصوت المنذر المحذر وبنبرة وقورة : هؤلاء الرجال يتحكمون في مصادر النفط الأميركية " - بتصرف في اللفظ -
(( مابين نصي الاقتباس منقول عن كتاب تغطية الإسلام - ادوارد سعيد - الفصل الأول – تصوير الإسلام في الإخبار - ص69 – ))
كيف تحدث القولبة ؟؟؟؟ ...
يتم إنتاج القولبة أو الصورة النمطية والتي هي بالأساس عدوان معنوي سافر ومتعمد كما يأتي :-
تبدأ بتعميم الصفات السيئة والقبيحة وكل ما هو سلبي ضد الفئة المستهدفة بهذه العملية , بعدها تقوم وسائل الإعلام بتضخيم ما الصق بهذه الفئة من صفات إلى حد المبالغة والتكرار أيضا في إبرازها للمشاهد والمتلقي حتى ترسخ في الأذهان شيئا فشيئا , حتى يصل الحال إلى إغفال أي جانب ايجابي وجميل في صورة الفئة المستهدفة بهذه العملية المقيتة , وبعد ذلك تأتي مرحلة نبش عن أي موقف لهذه الفئة كي يتم عرضها بطريقة معاكسة تماما لما يحصل وذلك لتأكيد الصورة النمطية المرسومة إلى أن تصبح حقيقة ناصعة البياض لا شائبة فيها خاصة مع هذا الكم الهائل من أدوات الإعلام ووسائله المتنوعة التي تمتطي التكنولوجيا الحديثة في تسيير رغباتها من إعلام مقروء ومسموع ومرئي إضافة لما تحيكه أفلام السينما والدراما التلفزيونية , بهذا الأمر يجد المستهدف من الآخرين مشاعر ممزوجة من الكراهية والاحتقار والرغبة في التخلص منه وأحيانا أخرى الخوف منه ...
إن هذه العملية هي أبشع ما يمكن أن يعرف و تهدد السلم العالمي بزيادة الكراهية والعنصرية والطائفية وزيادة حدة الصراعات وتبرر الاعتداء على ضحايا هذه العملية وتجعل العدوان عليهم أمرا مشروعا ...