الفشل السياسي ـ الاخوان نموذجا/عصام الطائي

Sun, 7 Jul 2013 الساعة : 21:43

ان هناك اسباب كثيرة لفشل الاخوان من ضمنها بسبب الخلل في البنية الفكرية فقد سببت خللا في الرؤية السياسية وكان هناك كثير من الاخطاء والسلبيات والتجاوزات في اكثر من مكان سواءا أكان في مصر او ليبيا او سوريا او الاردن وغيرها من البلدان فاخطائهم لا تقل عن اخطاء الاتجاهات السلفية المتشددة وهذا الرؤية الخاطئة سبب لهم انغلاقا فكريا بعيدا عن الانفتاح وسبب عدم معرفتهم بالواقع السياسي والاجتماعي واي شخص او فئة او حزب اذا لم يستطع أي واحد منهم ان يتكيف مع الواقع سوف يؤدي به الى الاندحار والسقوط السياسي عاجلا او اجلا وهذا ما نشاهده هذه الايام من تهاوي التجارب الاخوانية حتى وصل اثارها الى تركيا فبالرغم مما حقق حزب العدالة والتنمية من مكتسبات اقتصادية الا ان هناك فشلا في السياسة الخارجية التركية سببت اثار كارثية في المنطقة فتسهيل دخول القوى المتطرفة القادمة من الخارج الى سوريا سببت اضرارا كبيرة لسوريا وكان بامكان اردغان ان يحل المشكلة سياسيا بدون التشجيع على استعمال العنف الذي الذي قد تصل اثاره مستقبلا حتى الى تركيا نفسها .

وان هذا الانغلاق الفكري للاخوان بسبب وجود رؤية اخوانية للواقع أي رؤية اوحادية لا موضوعية وهذه الرؤية خاضعة لافق معين محدود ضيق الافق لا تستطيع ان تتفاعل مع الواقع السياسي والاجتماعي بموضوعية بينما المفروض لاي مصلح اجتماعي ان تكون نظرته عامة حسب مقتضيات الواقع وهذا الكلام ينطبق حتى في المجال الفقهي فالفقيه الذي يستطيع ان يجعل تفاعل بين النص والعقل والواقع سوف يمكن للفتوى ان تؤدي دورها الايجابي اما الفقيه الذي يقتصر فهمه على النص الشرعي ومنحصرا على الفهم الحرفي للنصوص مع الغاء دور العقل والواقع سوف نجد الفتاوى لا يمكن لها من معالجة الواقع بل هي تزيد الواقع تعقيدا وهذا ما نجده عند الاخوان فهم قد زادوا الحالة الاجتماعية والسياسية تعقيدا مما سبب زيادة المشاكل والازمات في الساحة الاجتماعية والسياسية.

وهناك تخلف بطبيعة الخطاب الاخواني فيتصف الخطاب عند الاخوان كونه خطابا تحريضيا خصوصا بعد سحب الثقة من مرسي حيث بدا واضحا ومثل هكذا خطاب يزيد من فعالية الكراهية في المجتمع ويجعل قطعية مع ابناء الوطن وان الكراهية والعداء تؤدي الى الاقتتتال غالبا وهذا ما شاهدنه ونشاهده في بعض السلوكيات في المظاهرات من قبل الاخوان الذي وصل بهم الى قتل بعض المعارضين لهم مع العلم ان اسلوب القتل هو لا بد ان يكون خط احمر مع أي خلاف ومع أي جهة معارضة لهم لانه يخالف التوجهات الدينية للاخوان ويخالف العقل والوجدان.

وان اكبر مشكلة وقع فيها الاخوان كان بسبب الاجندة الايديولوجية فقد جعل الولاء للاخوان مقدم عن الولاء للوطن وهذا ناتجا عن الرؤية الايديولوجية الضيقة للاخوان ولو كان مرسي الذي يمثل كونه رمزا سياسيا للاخوان بان يكون ولاءه الاساسي للوطن قبل الولاء للاخوان لنجح وحقق الشيء الكثير الا انه جعل الولاء للاخوان هو الاولويه مما سبب قطيعة مع المعارضين لسياساته وهذا ما سبب الاخفاق والفشل في تعامله مع الواقع.

وان من شروط العمل السياسي ان يكون العمل السياسي فوق كل الانتماءات ليكون الحاكم ابا للجميع مما يؤدي الى كسب رضا الكثير اما اذا كان السياسي يكون خاضعا للاجندة الحزبية سوف يفقد الكثير من تعاطف المواطن وان العمل السياسي يختلف عن العمل الدعوي وان العمل الدعوي كلما كان العمل لخدمة الدين لا لتلك الاجنده الحزبية سوف يرفعهم الله تعالى اذا كان العمل خالصا لوجهه الكريم الا ان التوجهات الدنيوية تعيق هذا التوجه المطلوب وان العمل السياسي يتطلب من السياسي ان يكون افقه اوسع من اطاره الحزبي او القومي او العشائري.

وقد كان قلة تجربة الاخوان في الحكم بالاضافة الى تخلف القيادة وعدم اعتمادهم على الكفاءات المستقلة غير الحزبية في ادارة البلاد وتقديم كوادرهم الحزبية على غيرهم بالاضافة الى تهميش شباب الثورة الذي يعود الفضل اليهم في صنع الثورة قد سبب ضعف في ادارة الحكم وكان ابرز ملامح ضعف الادارة هو خضوع مرسي لمرجعية قيادة الاخوان أي يعتمد مرسي في قيادة البلد على رؤية الاخوان ولا يوجد دور لرؤيته مما سبب سوء اختيار الحكومة وسوء اختيار المحافظين وسوء تعامله مع الجيش والمعارضة وبسبب الضعف في كل ادارة هذه الموارد وغيرها كان الضعف في الانجاز مما سبب فقدان ثقة الناس بهم وان تاكيد الاخوان على شرعية صناديق الانتخاب لا قيمة له فيما اذ ضعف جانب الانجاز او الاداء لانه لا قيمة لاي انتخاب اذا فشل في ادارة الحكم لذلك كان ضرورة عودة الشرعية الثورية من قبل القوى الشابه للقيام بدورها في اسقاط حكم الاخوان وقد وقف الجيش لجانبهم وكان سوء معالجة مرسي للخروج من المازق سبب خروج الاخوان من الحكم بهذه الصورة التي سببت نكسة نفسية شديدة للقاعدة الشعبية الاخوانية وكان كل هذه الاخفاقات يعود الى تخلف القادة من الاخوان بالاخص الصقور منهم ولو كان هناك مراجعات حقيقية لما وقعوا في هذا المأزق التاريخي .

ولقد فشل كثير من الحكام في البلدان العربية كما في مصر كمبارك وليبيا كالقذافي واليمن كعبد الله صالح وغيرهم من الحكام لان كل هؤلاء وغيرهم جعلوا الاهتمام بالولاء لهم وتفضيله عن الولاء للوطن وكانت ظاهرة الاستبداد واضحة عندهم مما سبب قطيعة مع شعوبهم ومما جعل شعوبهم تتفض ضدهم ونفس الحالة وقع الاخوان وكان محمد مرسي وان كان يعتقد انه لا يمثل أي حالة من حالات الاستبداد الا ان ممارسته الخاطئة نتيجة اوهامه وتصوراته الخاطئة سببت له ضعف الرؤية للاحداث وللواقع الاجتماعي والسياسي مما ادى الى سوء ادارة الحكم.

وقد وقع الاخوان في اخطاء اخرى نتيجة الاصرار على مواقفهم بالتمسك بشرعية مرسي وتشجيع طابع الخصومة من خلال الخطابات التحريضية والمفروض من الاخوان استيعاب هذه النكسة والصدمة والقيام بالمراجعات كحال مراجعات بعض الحركات الجهادية المتشددة سابقا فحتى لو فرض مثلا ان استطاع الاخوان ارجاع مرسي الى الحكم من خلال وسيلة الضغط فان الفشل السياسي واضح مستقبلا ويحتاج الاخوان الكثير من المراجعات الفكرية والسياسية والاندماج مع الواقع السياسي افضل بكثير من التحريض على الخصومة السياسية و لا بد ان تضغط القوى الشابة للاخوان من ضرورة المراجعات التي تستطيع ان تصحح كثير من الاخطاء .
ولكن في المقابل لا يمكن تزكية قوى المعارضة بانها تمثل النزاهة بل قد قامت كثير من قوى المعارضة باعاقة النهوض الاقتصادي والكثير من اساليب التحريض ضد الاخوان وقد اشترك رجال القضاء بممارسة العمل السياسي وقد تعاطف الكثير منهم مع القوى المعارضة ضد الاخوان بينما كان المفروض من دور القضاء ان يكون حياديا وحتى الجيش قد وقع في اخطاء كثيرة ولو اعتمد الجيش على تأسيس حكمومة كفاءات لما حصل ما حصل ولو كان منذ البداية توافق الجميع على حكومة الكفاءات لتحقق الشيء الكثيرلمصر.

ونسطيع ان نجزم ان التعلق بالسلطة وهوس السلطة والتشبث بها لا يقتصر على الاخوان فقط بل حتى من قبل قوى المعارضة المصرية وهذا مما سبب كثير من الخصومات وسبب بالتالي الاخفاق السياسي الذي اشترك فيه الجميع وكان الافضل والاحسن ان يكون الاخوان ابعد الناس على الوقوع في فخ السلطة او الحكم والذي ادى بهم الى الوقوع في تلك الاخطاء والسلبيات والتجاوزات الكثيرة والذي رسمت صورة سلبية عن الاخوان لا يمكن محوها من الذاكرة بسهولة وقد اضاع الاخوان كل تاريخهم السياسي نتيجة تخلف قيادات الاخوان ولو كان تركيز الاخوان على اسلوب الدعوة لكان افضل بكثير من هذه الامور الكارثية التي وقعوا فيها.

وقد تتوهم كثير من الاحزاب في العالم الاسلامي انها افضل من الاخوان الا انه من خلال الملاحظات العامة لتصرفات وسلوكيات تلك الاحزاب الاسلامية والعلمانية والقومية واليسارية فهي لا تمثل مستوى الطموح في كثير من الاحيان فهي لا تقل اخطائها عن اخطاء الاخوان وان الحزب الذي يريد عدم الوقوع بهذه الحالة التي وقع فيها الاخوان عليه ان يعرض نفسه الى المراجعات وتصحيح الاخطاء والسلبيات والتجاوزات والا فشل الاخوان سوف يصل اليهم وهناك احزاب تعيش حالة الفشل السياسي وهناك احزاب تعيش الموت السياسي وهناك احزاب تعيش النفاق السياسي واحزاب تعيش الدجل السياسي واحزاب تعيش الركود السياسي واحزاب تعيش التبعية السياسية واحزاب تعيش حالة التخندق الطائفي او حالة التخندق القومي ولكن اصعب حالها هو حالة الصنمية الحزبية حيث تتضخم الذات وتتصور انها فوق الجميع وهذه الحالة تعيشها اغلب الاحزاب ولم تقتصر التقصيرات على مستوى الاحزاب بل هي تشمل أي شخص كان اذا لم يعرض نفسه الى النقد الذاتي وتصحيح اخطاءه فسوف يتعرض الى الاخطاء والسلبيات والتجاوزات لذلك يركزالفكر الاخلاقي الاسلامي على اسلوب المحاسبة لانها الاسلوب الامثل لتصحيح الاخطاء والسلبيات والتجاوزات لئلا تتحول الى حالات الانحراف.

عصام الطائي
 

Share |