مصر من ثورة العولمة الى الفوضى/طاهر مسلم البكاء

Sat, 29 Jun 2013 الساعة : 23:46

مصر هي ام العرب وثروتهم في الأدب والفن واللغة والفكر ،وقد بدأت فيها النهضة مبكرة وبنفوسها التي تفوق عدد نفوس أي قطر عربي آخر تشكل قوة الأمة في السلم والحرب ،ومع إمكانياتها الجبارة الاّ إنها عانت حالها حال كل أقطار العرب من سوء ما تعاقب عليها من قيادات ،حيث لم تأتي قيادة تتمكن من استغلال امكانياتها في تحقيق البناء والمنعة الذاتية ،وبدلا ًمن ان تكون ملايينها التي تناهز التسعين اليوم ، هي مفتاح قوة فقد جعلتها الحكومات عالة في بلادها وبقيت البلاد تعاني من الوضع الأقتصادي ، وكان حسني مبارك الذي خاطب المصريين بالوعود المعسولة بادئ حكمه ، بدأ بعد ان استقر جيدا ً وتمكن من الثبات يطالب المصريين بتقليل استهلاك الحنطة وتقليل النسل .
في زمن العولمة حدثت ثورة مصر وكانت ثورة جبارة هزت عرش دكتاتورها وأقتلعته رغم قوة مسانديه في الداخل والخارج ، غير ان العبرة بالنتائج فدليل نجاح كل عمل هو في ثمرة نتيجته ، وكان هناك خوف كبير يساور ليس المصريون فحسب بل كل عربي شريف وهو ان يؤخذ بثورة مصر الى اتجاه بالضد من مصلحة مصر وامتها العربية ،وهكذا حصل ما يشوب أغلب ثورات العرب الأخيرة من أحتواء وتغلب النزعات الفردية والفئوية ،ولم تفلح الأنتخابات في جلب شخصية علمانية يتوحد حولها أطياف الشعب المصري في السير نحو البناء .
الفكر الشمولي هو ماينقص الثورة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ان من تقلد الحكم من ساسة مصر اليوم لايمتلكون أي فكر حديث شمولي يوحد البلاد ويبرز مصر بمكانتها اللائقة كقائدة في المنطقة ،كما كانت ايام عبد الناصر على سبيل المثال ،انها بحاجة الى قيادة تحفز طاقات الشعب في البناء والنهضة والأهتمام بالعلوم والنواحي الحديثة في مجالات الحياة المختلفة .
لقد عانى شعب مصر من التشرد والضياع بحثا ً عن لقمة العيش وهو ينظر بأمل كبير الى اليوم الذي تنهض فيه البلاد في مجالات الزراعة والصناعة والسياحة والثروات المعدنية .. الخ ،مما يطلق الأقتصاد ويمكنهم من العيش بكرامة في بلدهم دون غربة ، هل يعقل ان دولة بمكانة مصر وأمكانياتها البشرية والعلمية لاتفكر أبدا ً بأستغلال التطورات الحديثة في الصناعة والطاقة مثل استغلال الطاقة النووية للأغراض السلمية والتي اصبحت دول لاتصل الى مكانة مصر تمتلكها ،كما تمتلكها دويلة الصهاينة التي نشأت بالأمس قبالة مصر .
أن اتجاه القيادة الحالية وعلى مدى عام كامل برهن على فئوية ضيقة وفكر متخلف منغلق ، دل على ذلك ما أحدثه من عميق الخلاف في البنية الداخلية المصرية وشق النسيج الشعبي المصري وأوجد فجوة كبيرة في وحدة البلاد وانعدام الأطمئنان الشعبي مما لم تألفه مصر من قبل ولم يعتاده شعبها الذي كان مأوى لكل طريد من غير المصريين ، كما ان قطعه علاقاته مع سوريا والتي كانت تعد بمثابة جبهة موحدة بمواجهة الصهاينة ، مع إحتفاظه بعلاقاته مع دويلة الصهاينة وأتفاقات كامب ديفيد وإرتمائه بأحضان الرجعية العربية ،أظهره بمظهر المرتبك الذي ظل الطريق السليم وجعل دوره هامشيا ً في نظر المواطن المصري وظهر بمظهر الشخصية الهزيلة المسيرة والتي لاتخفى ابدا ً على حنكة المواطن المصري ، الذي قدم بالأمس الدماء العزيزة من اجل التغيير نحو الأفضل .
كان الأولى بحاكم مصر ان يعمل من اجل مصر وجميع المصريين دون تمييز ، وكان يجب عليه تقوية علاقاته بدول العرب لا بالصهاينة وكان يجب ان يهتم بالمشاكل الملحة لشعب مصر كتحسين الظروف المعاشية وايجاد السكن اللائق والحياة الكريمة ،والأهتمام بمشكلة منابع النيل الذي بموته لاسمح الله، تموت خصوبة مصر وكان هناك الكثير مما كان عليه فعله قبل ان يتبجح بالفئوية البغيضة وبقطع علاقاته مع العرب . أن ثقتنا بالشعب المصري الذي قدم أعظم الانجازات في مختلف مجالات الحياة ، أن يحافظ على وحدته وتماسكه،وأن يميز قادته الذين كان لهم الفعل الرئيسي في هذه الثورة ليكونوا هم قادته في دولة المستقبل ، وأن يمنع تسلق الطفيليين على ثورته وأن يتجه بمصر بما يخدم شعبها ووحدته مع امته العربية ودينه الحنيف وأن يخيب كيد الكائدين إذا أخذنا بنظر الأعتبار ان مصر ليست أي دولة لكي تترك لحالها ونستشهد بقول لنتنياهو بعد اشتداد أوار الثورة المصرية :
يقول : ( اننى نخشى تكرار النموذج الإيراني في مصر) .
فمما لا شك فيه هو ان وجود مصر قوية موحدة شامخة هو قوة للعرب وللأمة الأسلامية .
إذا اعتبرنا أن ثورة مصر الكبرى وإنهيار حكم مبارك هو ثورة العولمة الجديدة ،فأن ما يحصل اليوم وسيحصل غدا ً من تقاتل وتصارع ورفض للسلطة الحاكمة قد يولد فوضى عارمة ربما تؤخذ بالبلاد الى الأنهاك وقد يصل الحال الى الحرب الأهلية وتدمير البنى التحتية للبلاد ،وهذا ما يطلبه ويتمناه أعداء مصر وبألحاح شديد .

Share |