كل حال يزول 6–عبود البطل -زاحم جهاد مطر

Sat, 23 Jul 2011 الساعة : 12:46

يا سادة يا كرام... لكم مني سلام... نتوكل على الله ، ونبدأ بسم الله ، يقول الراوي ، في كتابه الحاوي ، وفي باب السر المكنون ، في الضحك على الذقون ، كان الوالي يبحث في الدفاتر ، وعثر على أسم مغامر ، يلعب بالسيرك على الحبال ، مقابل النقود والمال ، وبعد ان درس حالته ، وجد فيه ضالته ، لتمرير ما يريد ، وتحقيق المزيد ، من نواياه الشريرة ، وجرائمه الكثيرة ، وذلك بإلهاء الجمهور ، عن المخفي والمستور ، فصنع منه بطلاً صنديداً ، وأعلنه مصارعاً عنيداً ، مقارعاً للأبطال ، ومضرباً للأمثال ، في قوة العضلات ، ومرونة الحركات، والسرعة في دحر المنافسين ، والخفة في تحطيم المنازلين ، ووعده الوالي بالجاه والمال ، وان يجعل منه بطل الأبطال ، اذا وافق خطته ، وطبق وصيته ، وهكذا كان ، واعلن في الاعلان ، وانطلت الحيلة بالاساس ، على الجهّال من الناس ، فانطلقت الحناجر ، من على المنابر ، بالهتاف والتأييد ، للبطل القادم من بعيد ، فصار اسمه على كل لسان ، ورسمه في كل مكان ، وكما يقول المثل المشهور ، والقول المأثور (بين حانه ومانه ، ضاعت لحانا) ، نسى الكل أبطال الزورخانة٭ ، فصار عبود ، هو البطل الوحيد ، ويعلم أهل العلم والدراية ، بما كان يعمل خارج الولاية ، وفي يوم من الايام ، نادى منادي الاعلام ، يا أهل الولاية الكرام، سوف يعود البطل المقدام ، فهلموا للاستقبال ، وتهيئوا للاحتفال ، وصار الذي كان ، في كل موقع ومكان ، فاقيمت الافراح ، والليالي الملاح ، وعبود يستعرض عضلاته ، ويظهر مهاراته ، وبين هتاف الرجال ، وزعيق الاطفال ، ترتفع أصوات الهلاهل٭ ، من كل البيوت والمنازل ، ويُعلَنُ أيها الكرام ، عن موعد النزال ، مع أعتى الأبطال ، والأقوى والأشرس ، والأوحش والأبطش ، وفضيلة تدعو رب العالمين ، ليمنح عبود النصر المبين ، ويصلي محمود ، من أجل عبود ، وصبرية تزور خضر الياس٭ ، وتوزع خبز العباس٭ ، وجاسمية تزور الكاظمية، وجميلة ام أكرم ، تزور الامام الأعظم٭ ، وابو نادر وام نادر ، يزوران سوية عبد القادر٭ ، وعائلة ابو علي ادريس ، تزور مرقد السيد ادريس ، وترتفع الأيادي بالدعاء ، في جميع الأرجاء ، وتشعل الشموع ، وتذرف الدموع ، من أجل انتصار ساحق ، وفوز ساحق ، ويبدأ النزال ، ويتحرك الأبطال ، وبحركات تمثيلية مدروسة ، والعاب بهلوانية محسوسة ، وبين سقوط مفتعل ، ونهوض مرتجل ، وانبطاح مقصود ، في وقت محدود ، يتلوى البطل ويترنح ، ويتوجع ويتنحنح، ويحبس الانفاس ، عند جميع الناس ، والحَكَمُ كالقرد، يضرب الارض ويعد، وفجأة يأتي المدد ، وينهض كالاسد ، ويضرب الخصم بالقاضية ، عكسية٭ ماضية ، ويعلن الفوز الأثير ، على الخصم الخطير ، ويغمر الفرح القلوب ، وتزدحم الشوارع والدروب، وتقام الصلوات والقداس ، عند الطوائف والاجناس ، وهكذا سارت الامور، بين عامة الناس والجمهور ، وهم في غفلة من الامر ، ويجهلون مايحدث في السر ، وبان كل ما يجري اكذوبة ، مسرحية اعجوبة ، كذب ودجل ، بلا عيب او خجل ، وخلف هذا الستار ، قتل الكثير من الاخيار ، وغيب العديد من الاطهار ، وسحقت العقول والافكار ، وولى العارفون الادبار ، والامر واضح للعيان ، لا يحتاج الى برهان ، ومن يصدق فليصدق ، ومن لا يصدق فليدقق ، في كتب الأيام ، وسجلات الاعوام ، وهذا واقع الحال ، لا يحتاج الى سؤال ، يخلق الوالي قضية ، ليس لها أساس او هوية ، حتى لا يفكر أي مفكر ، من قادم أو مدبر ، اما بالخوف والترهيب ، او بالطمع والترغيب ، بافعاله المشينة ، واعماله الدفينة ، ويبارك له الافعال ، ويمجد له الاعمال ، لكن القلم الشريف ، والحرف العفيف ، لا ينحني للظالم ، ولا يجاري الحاكم ، والعاقل الفاهم ، يعلم بان الحال غير دائم ، والفلك على شكله غير قائم ، لان كل حال يزول ، والى الماضي يؤول ، والفلك يتغير ويدور ، كالمرجوحة والناعور، وفي نهاية المقام ، لكم مني أجمل سلام ، والى مقال آخر في يوم آخر.

٭ الزورخانة – نوع من المصارعة التراثية ويمارسها العراقيون
٭ الهلاهل – زغاريد النسوة
٭ خضر الياس – مقام تزوره العوائل العراقية في بغداد
٭ خبز العباس – خبز مع خضراوات توزع عند حصول المراد من قبل النسوة
٭ عبد القادر – مرقد عبد القادر الكيلاني
٭ عكسية – ضربة اشتهر بها البطل عبود ويتذكره العراقيون جيدا وحتى الاطفال كانوا يقلدون البطل عبود من خلال هذه الضربة عند العراك او اللعب باستخدام عكس اليد.

Share |