فرحة 1988 وفرحة 2013 /طاهر مسلم البكاء
Fri, 28 Jun 2013 الساعة : 17:25

ليلة موافقة طرفي نزاع الحرب العراقية الأيرانية على قرار وقف النار ، أنطلقت في شوارع المدن العراقية والأيرانية على السواء جموع غفيرة من المواطنين وهي تحتفل فرحا ً وترقص طربا ً وقد أحيت تلك الليلة التاريخية لدى الشعبين ،وقد أثار الموقف أستغراب المراقب في كل أنحاء العالم وتسائل : إذا كان هذا حال الشعبين فلماذا حرب الثمان سنوات والتي قتل فيها مليون إنسان وهدرت فيها مليارات الدولارات ؟
الذي يخصنا اليوم بالموضوع أن شعب العراق كان مستبشرا ً الأيام القادمة خيرا ً ،تلك الأيام التي تلت انتهاء الحرب وكان يأمل ان يحل فيها السلام ويتحسن الوضع الأقتصادي والمعاشي ،فيعوض ما فاته أيام القتال ،ولكنها كانت فقط أحلام ، حيث بدأ الأقتصاد ينهار والأحوال المعاشية تتردى وتتعقد حياة المواطن العادي يوما ً بعد يوم وسط تساءل المواطنين ودهشتهم ،لم يكن يدور بخلد المواطن البسيط أن تبعات الحرب ستظهر بهذا الشكل حال توقف الرصاص ،وبدى أن حربا ً جديدة تشن على شعب العراق وأن ما تغير هو الخصوم واسلوب المواجهة ليس إلا ّ ، وقد يكون هذا هو ما دفع النظام السابق أن يرمي بنفسه في مغامرة الكويت الغير محسوبة العواقب ، وكأنه قد شعر أن الجميع قد تنصل من وعوده وان الأمر لايعدو عن كونه ضحكا ً على ذقنه ،حيث لم يقف أحد الى جانبه أو يساعده رغم خدمته لمصالحهم .
وهكذا كتب على شعب العراق أن يعيش بعد تلك الليلة التي أحتفل ابتهاجا ً بها ، ليال ٍ حالكة السواد أستمرت لسنوات طويلة ومتواصلة من الحروب وأنواع الحصار والقيود التي لم يسمع بها من قبل والتي لم تفرض مثلها على شعب قبله .
واليوم بأخراج العراق من واحدة من هذه القيود التي كبل بها منذ ذلك التاريخ ( الفصل السابع ) ، والتي لايستدعي أي منطق بقاءها لصيقة بشعب العراق رغم سقوط نظام صدام مسببها ، كل هذه الفترة الطويلة وقد مست شعب العراق في سعادته وراحته وحياته الكريمة ، رغم أن الذنب لم يكن ذنبه ،ولا أدري هل أن هذه الليلة مدعاة للحزن إذا ما أدركنا اننا كبلنا بكل هذه القيود لكل هذه السنوات الطويلة وتوقفت عجلة البناء في البلاد على مختلف الأصعدة ، أم اننا نفرح على رأي الحكومة لأننا أطلق سراحنا وأخرجنا من قيود تكبل حريتنا وتحد من أستخدامنا لثرواتنا .
على أي حال فأننا نعتقد ان من الأفضل ان تكون الفرحة متوازنة ،لئلا تكون شبيهه بفرحة تلك الليلة التي تلت انتهاء الحرب مع ايران ،ولسنا في هذا من دعاة التشائم ونتمنى لبلدنا التقدم والسؤدد ولشعبه السعادة وتعويض ما فاته في السنوات العجاف التي مرت ،ولكننا نعتقد ان الحذر واجب لئلا تتكرر نفس الأخطاء ، ونأمل أن يستفاد ساستنا من الفرصة الجديدة المواتية في تدعيم وحدة واستقرار البلاد والتي تعتبر ركائز البناء وتدعيم الأقتصاد وحل مشاكل البلاد المختلفة ، يجب أن تعمل سياستنا التي قد تكون نجحت أخيرا ً في اعادتنا الى الحضيرة الدولية ولو بوقت متأخر ، على جعل بلادنا ورشة عمل يشترك فيها كل العالم ، كما أشترك هذا العالم في قتالنا وتخريب بلادنا .