المحافظ كان صديقي/مهدي الصافي
Wed, 19 Jun 2013 الساعة : 15:56

تعودت الشعوب العربية على الخوف والحذر والارتباك من المسؤول,وتعددت الانظمة العربية على اعطاء هالة مبالغ فيها لاي موظف او مسؤول حكومي, تزداد وتتوسع دائرة الهالة وفقا لموقع هذا المسؤول أو ذاك,واذكر كنا في الاتحاد الاسلامي لطلبة وشباب العراق فرع كردستان,قد استقبلنا السيد نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي الحالي, وقد اعددنا ندوة سياسية حظرها الطلاب العرب المتواجدين في الشمال في اواخر التسعينيات,وحضر معنا احد الطلاب الاكراد الذي ابدى استغرابه من تواضع الحاج أبو اسراء, ولم يصدق ان مسؤول كبير في حزب الدعوة,حيث ذكر انه في احد الاحزاب الكردية ولايستطيع ان يرى وليس الالتقاء بأي مسؤول!
بعد سقوط النظام البائد عادت المعارضة العراقية من المهجر,المشكلة أن المعارضة العراقية بعضهاكان لاجئا في الدول الأوربية والقسم الآخر استقر في سوريا وإيران وغيرها من الدول,الامبريالية العالمية ليس غايتها الرئيسية انصاف وحماية اللاجئين بالدرجة الأساس,لأن العديد من اللاجئين العراقيين تقدموا بأكثر من طلب الى منظمة او مكاتب الامم المتحدة دون رد,في الدول الأوربية الطريق ليس معبدا بالورود بل هو معقد ولم يعتاد عليه العراقيين من قبل,تجربتهم المرة تحتم عليهم التقدم الى دوائر الضمان الاجتماعي لحماية انفسهم من التشرد,وقسم قليل وجد عملا بسيطا سائق تكسي او عامل بناء او عامل في محل او حتى حارس,كل هذه الأعمال ليست مناسبة لكنها هي الفرصة المتاحة لمثل ابناء اغنى شعب في العالم,والحال اشترك فيه جميع العراقيين في فترة الحصار الاقتصادي,لم يسلم من محرقة الامبريالية العالمية,وطاحونة النظام العالمي الجديد,والغريب ان اغلب ابناء الجالية العراقية هم من حملة الشهادات الجامعية,وقد تحدثت اغلب وسائل الإعلام الأجنبية عن هذه الظاهرة المخجلة بحيث يعمل حملة هذه الشهادات في غير مجالات اختصاصهم,وهذه الحالة عامة ابتلي بها اغلب اللاجئين ومن مختلف الدول,
المشكلة عندما عاد العراقيون الى بلدهم واستطاع قسم من المعارضين من كسب ود وحب الناس عبر ممارسة دورهم الاخلاقي والوطني في خدمة ابناء شعبهم,ذلك الدور الذي انتظروه عقود ,والذي من أجله تركوا العراق,سقط البعض في شباك وشراك الفساد المالي, صمد الاخرون امام اغراءات المناصب والمحاولات المكثفة من قبل المفسدين لجر أرجلهم الى طريق الحرام,
نجد أن بعض الناس البسطاء يحركهم الحسد ليتحول الى نفاق احيانا للحديث عن هذا الشخص أو ذاك,عندما يرى صديقا له رافقه في الهجرة القسرية اصبح مسؤولا ,حتى يبدأ بخبث سرد تفاصيل حياته وتفاصيل حياة صديقه,بل يتعدى ذلك احيانا ليكون تجريح شخصي, وكشف تفاصيل شخصية وحتى عائلية,هذه المشكلة وقعت فيها شخصيات ذات مستوى ثقافي وضيع واخرين يعدون انفسهم من اصحاب الفكر والثقافة والوعي
إن المشكلة في الشعوب العربية انها متأخرة في استيعاب التغيرات العالمية والانسانية والثقافية,التي جعلت من المناصب الحكومية مناصب عادية في المجتمع يرفضها ويتركها ويعزف عنها الكثيرين في الدول المتقدمة,وعندنا في المجتمعات الإسلامية المفروض أن تكون هذه الصور غائبة منذ زمن الامام علي ع
إن الذين يكتبون عن بعض الشخصيات السياسية المتواضعة للمجتمع او للمواطنين لايعرفون انهم يفضحون أمراضهم النفسية ومعاناتهم من حسد الاخرين على تحقيق طموحاتهم السياسية الخاصة اولا واخيرا في خدمة المجتمع,صحيح في العراق المسؤول يعني الكثير,الراتب وهيبته المفروضة على دوائر الدولة والشارع عموما,لكن هذا الوضع ليس وضعا صحيا ويعد شاذا,والافضل ان يتبوء هذه المناصب شخصيات سياسية كانت تنعم بالحرية والانعتاق من الامراض الاجتماعية التي تعيشها شعوبنا,ففي بلاد العالم الغربي لايزاحم المواطن العادي في مراجعته لاي دائرة حكومية اي مسؤول,بل انك لايمكن ان تعرف ان مسؤولا قد دخل او خرج من الدائرة هذه او تلك,لأن العداد الالكتروني هو من يحدد دون خطأ اولوية المراجعين,واما بخصوص الراتب والمنافع الاجتماعية,ففي الغرب المهندس والطبيب والمحامي دخله السنوي يفوق احيانا دخل رئيس الحكومة,علما أن الدول الغربية تتوسل بالمواطنين ان يستخدموا الانترنت لتمضية معاملاتهم من أجل ضمان راحتهم وسرعة انجاز اعمالهم
هذه الحاجات التي تجعل الناس تتكالب على منصب عضو في مجلس المحافظة أو النواب او اي منصب لمدير عام,سببه بقاء العراق بلد استهلاكي تنعدم فيه حركية الاستثمارات وعمل القطاع الخاص, وبقاء مداخيل الطبقات الاجتماعية المهمة كطبقة المهندسين والاطباء والمحامين العاملين في القطاع الحكومي والأساتذة الجامعيين دون مستوى الطموح مقارنة على الأقل بالدول المجاورة من دول الخليج
إن العراق عليه أن ينظر إلى هذه الطبقات المتوسطة او مافوق المتوسط التي تقع على عاتقها تقليل الفوضى السياسية والاجتماعية والثقافية,وتقلل من الفوارق الاجتماعية بينهم وبين المسؤولين
بعض هؤلا المرضى يقولون أن الاشخاص الذين كانوا معنا في المهجر لم يكن يحلمون بهذه المناصب,ومن برأيكم يستطيع أن يتنبأ بحدود طموحه او احلامه يبدأ بأول شهادة مدرسية ثم يتصاعد ليصل إلى الكلية البكلوريوس فالماجستير والدكتوراة وهكذا الظروف هي من تحدد حدود الاحلام والطموحات لانها في الوضع الطبيعي قد تأتي متدرجة,وخارج تلك السياقات قد يأتي بالصدفة وفي الحالتين لاشيءيمنع الانسان من الابداع والتألق والعطاء في كل تلك المراحل


