المشتركات المذهبية والعرقية : توقف عن الرقي الى مستوى الاجتماع/حسين دويج الجابري
Wed, 19 Jun 2013 الساعة : 15:48

( شقشقة 1)
حسين دويج الجابري
ينحاز العقل العربي للركون الى فكرة (( المكر )) او (( نظرية المؤامرة )) الواردة من وراء الحدود في معظم الاخفاقات التي تحققها بامتياز الحكومات والمؤسسات العاملة في حقل السياسة والاقتصاد وحتى الاخفاقات في البنى الاجتماعية التي يتصاعد فيها التهرء , وهذا يعود بنا الى رسم تصورات عبر التاريخ الذي سحبناه بقوة الى واقع الحياة كي لانكف عن التناحر والنحيب والتسقيط لبعضنا البعض , وان الجذوة التي اشعلت في تونس بجسد محمد بو عزيزي ففر منها زين العابدين بن علي وانسحبت على مصر فنهار لها مبارك ثم وصلت الى ليبيا لتطيح بالقذافي ومن ثم الى اقصى الجنوب الشرقي العربي لتدحر علي عبد الله صالح , كان هذا القبس النابض من الارادة الشعبية التي خضعت للاستبداد طويلا وانتفضت بشكل مفاجئ لتحقق نجاحا كبيرا على المستويين الاجتماعي والسياسي , غير ان هذه الثورة الكبيرة وجدت القوى المتحكمة قادرة على تحويل مسارها بسرعة البرق لتخرج من خط الارادة الشعبية الرافضة للتعسف والاستبداد السلطوي الى نزاع الفئات والاطياف حول المصالح الضيقة .
وهنا لا نستطيع ان نحصي كم الاتهامات التي يمكن ان توجهة الى الدول العظمى او الدول المجاورة او الدول التي لازلنا نربي في انفسنا استعدائها لاسباب دينية وتاريخية , وربما صدق القائلون بان هذا مخطط خبيث , وربما صدق القائلون بان هذا مشروع جديد للتقسيم , وكذلك قد تصدق جميع التكهنات المستندة منها الى التحليل المنطقي او تلك التكهنات التي طالما سمعناها من البسطاء في شوارع وازقة مدننا المكتضة ,,
ان الواقع العربي اسس على جملة من التناقضات والتي لايمكن مع وجودها بناء امة قادرة على المسير الى الامام . وان مايسمى بالربيع العربي والذي استاصل الحكومات الغاشمة التي كانت بضراوتها تغطي على تلك التناقضات وتمنعها بحجة الامن من الاطلال برأسها . وهذا يعني ان السنة والشيعة في العراق لايمكن ان يجتمعون رغم المشتركات الكثيرة فيما بينهما , وهذا ما تثبته مطالب السنة في اعتصاماتها في المحافظات الغربية والتي لاترقى الى مستوى المطالب الحقيقية مستغلين البحبوحة الديمقراطية من اجل الانفصال او السيادة على العراق كما يحسبون ,, وهذا المثال لايختلف مع الاقباط والمصريين الذين كلا منهما يرى نفسة الاصل في البلاد ويرى انه مهمش من الطرف الاخر ,, وهذه الاسباب المتشابهة في معناها والمختلفة في مسمياتها قادرة على ان تسوق المخططات الاجنبية الى المنطقة لتنهي الحقبة العربية والشعارات العربية الكبيرة التي رفعت في مراحل معينة واسست الى ما يسمى باللجامعة العربية (( ذلك الكيان السياسي الهزيل وغير الفاعل )) وهذا ان دل على شيء فانما يدل على ان المذهب القومي في العالم العربي لايرقى في نفس العرب الى مستوى القبيلة والمذهب والطائفة , ربما يصدق القائل بان المتوفر من البترول والخيرات باشكالها المختلفة في طبيعة هذه المنطقة دعى الدول الكبرى الى التخطيط الاستراتيجي لتمزيق اجزاء هذه الامه ضمن سياسة فرق تسد المشهورة . ان ما يدعوا للريبة هو ان المجتمع العربي المدني الذي اسس في خمسينيات القرن الماضي والذي تمكن بصورة ملحوظة من التاثير في اخلاقيات الناس بماينسجم والتدين والانخراط في الاوساط المعرفية والذي طال عواصم معظم البلدان العربية ومدنها الكبرى وشكل مجتمعات مدنية تؤمن بقبول الاخر وتحترمه وتتعايش معه , اندحر بشكل مفاجئ وتحولت تلك المجتمعات المدنية الفتية الى جماعات اسلامية لاتؤمن بغير لغة التكفير للاخر لابسط الاسباب . وكانما هذه الكلمة بسيطة وهم المعنيون بها دون غيرهم , والحقيقة ان الكفر بالله يعاقب علية الله سبحانة وتعالى والايمان بالله يثيب به الله سبحانه وتعالى , وشهد التاريخ بان المسلمون الاوائل كانوا يتصالحون مع الكفار لمصالح احيانا تكون مادية .. نعم نحن لاننكر تماما نظرية المؤامرة فهي في الحقيقة قريبة من الواقع . وان الفرصة مهيئة للصيادين في اقتناص فرائسهم السمينه ,, فلماذا تفوت هذه الفرصة ..
فعلا ان الخارطة السياسية تغيرت بشكل لايقبل الجدل منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وظهور التوازنات المذهبية في الشرق الاوسط , وبالتاكيد استخدم ابن لادن والقاعدة وهم بقايا مشروع الجهاد ضد الشيوعية السوفيتية الكافرة كورقة رابحة امتازت بالقدرة على صناعة القلق في المنطقة وتدمير ما يمت للايجاب بصلة بحجج واهية وتشدق بالاسلام الذي صار قطعة من القماش يفصلونة كيفما يشاءون ,, وما تبعه من توريط واضح للنظام العراقي الدكتاتوري المتهور في عملية غزو الكويت، بعد حرب أستنزاف طولية لطاقات وموارد المنطقة مع أيران والتي حملت عناوين طائفية وقومية، ومانتج عنها من تدخل وتواجد فعلي للقوات الأمريكية وحليفاتها وسيطرتها على منابع النفط ,
ان الضعف والأنهيار واليأس النفسي الذي أصاب الشارع العراقي جراء الحروب المتكررة والحصار القاسي لسنوات عديدة وأحتضان حكومة البعث للجماعات الأسلامية المتطرفة ضمن جزء كبير من المخطط المرسوم وتكفل ابن لادن والقاعدة بالجزء الاخر , فأكتمل البرنامج الذي يريد ان يؤسس الى شرق اوسط جديد لايكون اكثر من سوق كبير للبضائع وساحات للتناحر وتصفية الحسابات , ربما لا نستطيع ان نخرج الولايات المتحدة واسرائيل من دائرة الشك في دفعهم بالعراق الى الحرب الطائفية وانقسام العراقيين على أنفسهم وهدر الكثير من الأرواح وتهديم المزيد من البنى التحتية وتعطيل معظم مشاريع البناء والأعمار , ولكن الى متى يبقى الانسان في عالم الشرق الاوسط محللا للجزئيات وعارفا بالمؤمرات والمتأثر الوحيد بالسياسات وكبش الفداء الاكبر ؟ الى متى لايمكن للارادة الشعبية ان تحمي ثوراتها ؟ والى متى تظل الثورات العربية ضجيج ودمار يقود الى مزيد من الضجيج والدمار تحت مسميات طائفية وعرقية ؟؟؟؟؟؟؟؟


