البطل من يربح السلام /طاهر مسلم البكاء

Wed, 19 Jun 2013 الساعة : 15:05

يصور التاريخ أبطالا ً قاتلوا خارج بلدانهم وحطموا القلاع الحصينة وخربوا وأسالوا دماء غزيرة ،ويبرزهم بمظهر الفاتحين المنتصرين ،كما أن من يقرأ التاريخ يريد ان يرى أبطالا ً يخوضون المنازلات الكبيرة ويخرجون منها مكللين بغار الأنتصار ويستمتع بمشاهتهم وهم يتخلصون من أعدائهم ،ولكن ما حال اولئك البشر الذين عايشوا أهوال الحروب وشاهدوا ويلاتها وأصطلوا بأتون نارها ،أنهم فقط من يحس بمقدار الأهوال والويلات التي يتعرض لها الآخرون في الحروب، وهي في حقيقتها تعرض الجانبين للخسائر ،صحيح ان المهزوم يتعرض الى أكبر قدر من الخسائر والتدميرولكن المنتصر أيضا ً يكون قد ناله ما ناله من الخسائر التي تغطى بأحتفالات النصر والتي تجري عادة على جثث القتلى .
ان هذا قد حصل على أمتداد صفحات التاريخ وحصل بالأمس واليوم وسيحصل غدا ً ، إذ يظهر أن الثقافة البشرية مبنية على العنف والقتل وأراقة الدماء ويقوم الأنسان بتخريب ما قام ببناءه لأجل الوصول الى أهدافه والتي هي عادة تحقيق مصالح دنيوية من زعامة ومغانم مادية وأحتلال اراضي الغير وبسط نفوذ وغيرها ، مما يقوده طمعه وجشعه الذي يظهر أنه مجبول عليه منذ ولادة الخليقة على هذه الأرض حيث يتحدث القصص الديني عن تقاتل الأخوة قابيل و هابيل وقتل أحدهما الآخر لأجل إمرأة ،وقد يكون هناك من سبقهم فيمن عاش على هذه الأرض في التقاتل ولكن الأهداف واحدة وهي أطماع الدنيا ومغانمها،وقد حرم الأسلام البغي والعدوان والظلم وحرم قتل النفس بغير نفس أو فساد في الأرض .
و يقول المهاتما غاندي :
( أن العالم يملك ما يكفي الجميع ولكن لا يملك ما يكفي طمع الجميع ) .
ولكن من هو البطل الحقيقي ؟
أنه البطل الذي لم تحتفي به كتب التاريخ ولم تبرزه الى جانب اولئك الذين اراقوا الدماء من اجل مصالح الدنيا ،أن البطل الذي يجب أن يحتفل به حقا ً هو من يربح السلام ويجنب شعبه ويلات الحروب ،أن الأرض تزهر وتعم البركة وبدلا ً من ان نرى الخراب والدمار نجد ان الأمان يعم ربوعها ويزداد الخير ويكثر النسل ويعلو البناء وتتهيأ الخدمة والراحة لبني البشر وينتشر الحب والوئام ويينع ريع الفكر وتتوفر سبل العمل والرزق .
أن في الحياة جوانب عديدة يعيش الأنسان من خلالها بسعادة وراحة بال ونعمة ،فلماذا يتجه الى القتل والحروب والدسائس ،والتي لاتخلف سوى الدم والخراب ،ولكن لايعني هذا ان السلام يأتي لوحده وبسهولة وأنما البطل الحقيقي هو الذي يكون قويا ً بما فيه الكفاية ليربح السلام حيث يهابه الآخرون فلا يجدون فيه مطمع سهل ، إذ أن مثل هذه المجتمعات التي نراها وقد سادت فيها شريعة الغاب حيث يأكل القوي الضعيف ، لا سلام فيها للضعفاء ولهذا فأن أعتماد القوة يكون لأجل حفظ الكرامة وصونها دون اللجوء الى الحروب ،وهذه هي الموازنة الصعبة .
وعلى مستوى الدول في عالمنا اليوم نجد أن هناك من ينظر للحرب والأحتلال وسفك الدماء بحثا ً عن المصالح وفي حقيقة الحال يمكن ان ينال مبتغاه من خلال صور عصرية للتعاون الأنساني فمثلا ً دولة عظمى يمكن ان تبادل خبراتها في التكنلوجيا الحديثة بما لدى الدول الأخرى من خامات ومعادن ومن فرص أستثمار وبالتالي لن يكون هناك سلاح وقتال ولكن ماذا نعمل مع شركات السلاح التي من مصلحتها أن تنشب الحروب لتبيع بضاعتها ؟أنها تغذي الدسائس والتصارع على الثروات فتكون هي الشرارة التي تسري في الهشيم ،ويستمر تقدم الأنسان بالتكنلوجيا والمخترعات ولكنه يظل محتفظا ً بافكار اسلافه معتنقي شريعة الغاب .

Share |