محطمة بلا روح.../ رنا الناصري
Tue, 18 Jun 2013 الساعة : 2:02

لن أنسى تلك الفتاة البريئة في ملامحها التي رأيتها في ذلك اليوم أردتُ أن أحضنها لأنها بدت متألمة انظر إلى نظراتها الثاقبة وكأنها تحقد على تصرفات البشر من حولها.غريبة هذه الفتاة عيناها حزينتان دامعتان وفي نفس الوقت غاضبتان ممن يا ترى؟لم هي كذلك؟أردت التوجه إليها لأسألها لم أتحمل فالفضول يقتلني.واقفة في ذلك الشارع المزدحم وقفت صمت وكأنها تائهة فقط تنظر بدون حراك,تقدمتُ خطوة نحوها وإذا بأمي تمسكني من يدي وتقول لي كفاك عبثاً,أين كنت؟ كنت أبحث عنك أردتُ أن أخبرها عن تلك الفتاة لكن لم تدع لي فرصة للتحدث مسكتني بقوة وسحبتني للتوجه نحو المنزل أدرتُ رأسي أردتُ أن أنظر لها للمرة الأخيرة لكن للأسف لم أراها لا أعرف أين رحلت وكأنها شبح اختفت بسرعة هائلة !!
جلستُ في غرفتي وبدأتُ أفكر في تلك الفتاة,من هي يا ترى؟وما لذي كانت تفكر به هذه الفتاة؟لم هي حزينة؟أتمنى أن ألتقي بها وأتحدث معها وإذا بأمي واقفة أمامي وتقول لي:ما بك يا ابنتي لماذا تتحدثين مع نفسك؟مالذي يجري؟لم تعجبيني اليوم عندما كنا في السوق,فحدثتها عن تلك الفتاة ووصفتُ لها الموقف الذي كانت فيه هذه الفتاة فابتسمت أمي ابتسامة عفوية كعادتها وهي تقول انت فضولية كعادتك,قد يكون لها مشاكل مع اهلها وكانت تفكر,اتركي هذه الأوهام والأفكار الغريبة وتعالي للعشاء.عندها حزت لأن أمي لم تهتم للأمر.استلقيتُ قليلاً بعدها شعرتُ بالجوع حقاً وتوجهتُ نحو المائدة للجلوس مع عائلتي وإذا بهم يضحكون عليَ استغربت مالذي يجري عندما جلستُ استهزأ أخي وهو يقول هل شبح الفتاة جميل نظرتُ إلى امي وهي تضحك غضبتُ كثيراً لأنها تحدثت عن هذا الموضوع.في صباح اليوم التالي ذهبتُ إلى مدرستي وألقيتُ التحية كعادتي على صديقاتي وأدرتُ الجلوس في رحلتي,وإذا بحقيبة غريبة على رحلتي عندما سألتُ عن صاحبتها أجابتني إنها لي نظرتُ لها وإذا بها نفسها تلك الفتاة التي رأيتها في الشارع لم أستطع أن أصف فرحتي في تلك اللحظة عندما رأيتها وأخيراً سأشبع فضولي وأصادقها وأعرف ما بها..يوم,يومان,أسبوع لم تتحدث هذه الفتاة مع أي أحد ولم أستطع التقرب منها لأن نظراتها تخيف كل من حولها!!
وفي إحدى الأيام رأيتها جالسة وحدها في ساحة المدرسة وهي تبكي أردتُ أن أغتنم الفرصة وأتوجه نحوها لأتقرب منها لعلي أساعدها.حقاً ذهبتُ إليها وعندما سألتها حضنتني بقوة وكأنها لم تحضن شخصاً من قبل وبدأنا نتحدث وسألتها ما بها فقالت لي:أنا فتاة محطمة اكره كل شيء من حولي وابتعدت مسرعة,كانت تنظر لنا أمي في تلك اللحظة ونادتني لنذهب الى المنزل وفي الطريق,سألتني من هذه الفتاة فأخبرتها لم تهتم أمي لهذا الموضوع لكن انا لم أستطع النوم في تلك الليلة وبدأتُ أفكر وأفكر.في اليوم التالي لم تحظر الفتاة خفتُ من أن قد أصابها مكروه ولم أنم أيضاً وفي اليوم الآخر لم تحضر أيضاً سألتُ عن منزلها لكن لا أحد يعرف أين تسكن.توجهتُ نحو المنزل بخطوات يائسة,أين هذه الفتاة؟ومن هي؟هكذا كنتُ أسأل نفسي وصلتُ إلى المنزل وفتحتُ الباب وإذا بأمي تنهال عليَ بدموعها الحنينة وهي تمسك صحيفة لم تخبرني بما بها عندما سألتها مراراً وتكراراً,أخذتُ الصحيفة منها وإذا بصورة الفتاة في الصحيفة وبعنوان عريض (قُتلت بسبب الكحول من أقرب الناس إليها) وتفاصيله والدها هو من قتلها أُصيبَ بدني بقشعريرة عند قراءة الخبر وكُتب عنوان المنزل في الخبر .ذهبتُ مسرعة إلى هناك وإذا بي أجد البيت هادئ دخلت ورأيتُ والدتها سألتني من أكون فأخبرتها أني معها في المدرسة وبدأت تذرف دموع هادئة أدرتُ أن أدخل غرفتها فسمحت لي وإذا بي أجد دفتراً تحت وسادتها كان يعبر عن ما في داخلها وماحدث في حياتها حينها فهمت لم هي قالت لي انها محطمة ويائسة كتبت عن بعض من صديقاتها الخائنات وعن بعض الصديقات اللاتي تركنها بسبب سمعة والدها التي أشعلت نيران في قلبها لا تنطفئ وبسبب والدها تفكتت أسرتها وكل يوم ينتقلون من مكان الى آخر,هرب أخوها الكبير وتطلقت أختها التي تكبرها سنناً بسبب والدها وتصرفاته فانتحرت..وهكذا كتبت قصصاً مريعة عن حياتها ومواقف دُهشت منها وفي آخر ورقة وكأنها تعلم انها ستموت كتبت:والدي اليوم غريب جداً وأنا خائفة ولكن ما الجدوى فأنا لم أعش لحظة جميلة في حياتي ومالذي يريد أن يحصل أسوء من هذه الأمور..أنا فتاة بلا روح.