مسلسل لوست بين العلم والدين واسباب نجاحها ؟/احمد الاسدي

Tue, 18 Jun 2013 الساعة : 0:38

ان تطور المجتمع البشري ناشئ من المنافسات الحاده التي تدفع كل فرد على ان يبرع وان يتفوق على غيره , فالتطور قائم اذن على اكوام من ابدان الفاشلين , ابدان اولئك الذين فشلوا في الحياة فصعد على اكتافهم الناجحون.
سوف لانتطرق اذن الى اسباب النجاح الزائف الذي ياتي من الوساطة او القربى او الاستحذاء او تملق او السمسره- تلك الطرق التي يلجا اليها بعض ضعاف النفوس في سبيل الوصول الى النجاح. ان هذا لانعتبره نجاحاً بالمعنى الحقيقي.فالنجاح الذي نقصده هو الذي يستفيد منه الفرد والمجتمع معاً. وهذا النجاح الذي يبقى اثره على مرور الاجيال.
بعد ان عرفنا النجاح الحقيقي والنجاح الزائف ترى الى اي نجاح تنتمي مسلسل لوست؟
ولعلنا اذا قارنا المسلسلات و الافلام التجاريه التي لاقت نجاح عظيم ترى مالسبب الاكبر لنجاح تلك المسلسلات او الافلام يخيل الي ان السبب الاكبر الى وجود مقاطع غرام اخذةً الحيز الاكبر هذا اذا ماقلنا فيه مقاطع اباحيه , لا انكر ان لوست لاتحوي على مقاطع حب وغرام لكن ان قارناها بتلك فانها كفة الميزان لاترجح لوست نهائياً رغم طول المسلسل والذي استغرق ست سنوات متتاليه,تاركاً اثراً في عقول محبيه بشكل لايستهان , ولعلي لا اغالي اذا ماقلت ان لوست استطاعت ان تبني بعض شخصيات عشاقها اذن يمكن القول هذا هو النجاح الحقيقي , لكن ترى اين يكمن السر في نجاح المسلسل؟!
والواقع ان هذه النتيجه التي وصلت اليها لوست في عالم الشهره والنجاح هي التي حفزتني الى البحث والمواصله في التنقيب عن سر النجاح.
ومن حسن الحظ او سوئه اني لم استطع ان اشغل نفسي طوال تلك الفترة الا بمتابعة المسلسل وقرائة تحاليل الجمهور فانكببت على دراسة تلك التحاليل بحرقه , لعلها حرقة الحرمان والاسف على القدرات الضائعه لدينا نحن كمجتمع شرقي.
واني لا ابغي ان اقنع القارئ بصحة النتيجة التي وصلت اليها. يكفيني اني قد اقتنعت بها شخصياً بعد ان كنت شاكاً بها.وان من البلاهه اذا نحاول اقناع غيرنا على راي من الاراء بنفس البراهين التي نقنع بها انفسنا. ولهذا السبب اقول واكرر القول : باني لا اقصد بهذا البحث ان اقنع جميع القراء.وليس من العجيب ان يختلف الناس في اذواقهم وميولهم ولكن العجب بالاحرى ان يتخاصموا من اجل هذ الاختلاف.
وقد يذهب صديقك الى فيلم في احدى دور السينما فيعجبه وتذهب انت اليه فلايعجبك.ولعل منشا ذلك : ان صديقك يحب الروايات الغراميه المملوءه بالعواطف المشبوبه والخلجات النفسيه بينما ان تريد من الفيلم ان يكون حربيا او تاريخيا وكل واحد منكما يعتقد انه افضل من صاحبه واصح رايا.
اذن كل امرء في الواقع يلون الدنيا بلون ما في نفسه ويقيس الامور حسب المقاييس التي نشا عليها.و هكذا يتنازع الناس في اغلب امورهم. فكل واحد منهم ينظر الى الحقيقه من زاويته الخاصه ثم يريد من الغير ان يرى مثل مايراه هو.
لقد وصلت بهذا البحث الى نتيجه هي في الواقع نتيجة قديمة جدا ترجع بنا نحو حضارات ماقبل الميلاد الا وهي حرب الايمان المطلق والعقل وهذا تمثل في شخصيتين في المسلسل الا وهما جاك وجون لوك.
ان تاريخ الصراع بين الايمان والعقل طويل جداً وحين بدات النهضه العلميه الحديثه في اواخر القرون الوسطى حدث في الاوساط العلميه رد فعل عنيف ضد الايمان. لقد كان اهتمام العلماء في ذالك الحين منصبا على محق التفكير الغيبي والاموره المتعلقه بالايمان , حيث انهم وجدوا بانهم لا يستطيعون ان يسيروا بالناس في طريق العلم الجديد الابنبذ كل ماكان سائدا في القرون الوسطى من عقائد واساطير.
هذا ولقد بلغ التعصب ضد المعتقدات والايمان قمته في القرن التاسع عشر وقد غر العلماء في ذلك القرن بما وصلوا اليه من مكتشفات ونظريات في العلوم الطبيعية بحيث اصبحوا يعتقدون بانهم فهموا اسار الكون جميعاً ولم يبق مجهولا لديهم الابضعة تفاصيل جزئيه لابد ان يتوصلوا على زعمهم الى معرفتها عاجلا او اجلاً
لقد كان علماء القرن التاسع عشر لايؤمنون الابما هو محسوس على اعتبار ان الحس هو المقياس الوحديد الذي يفرق بين الحق والباطل من الامور. اما علماء هذا القرن فقد بداوا يشكون من مقياس الحس سيما حين علموا بما وراء الحس من عالم خفي جبار لايمكن الوصول اليه الا عن طريق المعادلات الرياضيه والفرضيات الوهميه
لقد جاء بلانك واينشتاين بنظريات عن طبيعة الماده يكاد العقل لا يستسيغ قبولها . اذ هي مناقضه في الواقع للاسس المنطقيه التي نستند عليها في تفكيرنا ومن غرائب الصدف انه في الوقت نفسه الذي اخذ علماء الفيزياء والرياضيات يتغلغلون في اغوار الماده ويستشفون بعض اسرارها المدهشه بدا علماء يغلغلون في اغوار نفس الانسان ويتطلعون الى مافيها من قوى عجيبه. وان العلم الحديث لايقول شئيا عن الروح ولعله لايستطيع ان يقول عنها شيئا طويل لذلك يعجز العلم هنا وياتي دور الايمان بتلك الاشياء
فحين جاءت لوست دمجت الايمان مع العلم والمنطق وهذا مما شكل منطق جديد غير المنطق العتيق الذي تعودنا ان نظر الى الكون من خلاله, لذا كانت لوست تقبل الايمان وتقبل النظريات العلميه والاكثر تمزجهما معا وهذا مما ارضى الاوساط العامه والعلماءاو المثقفين

Share |