الرئيسية>مقالات>

المصلحون و المفسدون/د. اكرم الماجد

Mon, 17 Jun 2013 الساعة : 0:46

إنَّ الكثير من القادة ومن مثلهم معهم يأخذ العباد بالقهر والغلبة : المادية - بما لهم من سلطة وأموال ونحوهما - أو المعنوية - بما لهم من مكانة دينية أو سياسية ونحوهما - باسم ما تمكنوا فيه دينا كان أو وطنا او غير ذلك ، فيحملونهم على العداء والثائر وسفك الدماء وانتهاك الاعراض ومصادرة الحقوق بانواعها ، وهكذا يقيمون الظلم ويهدمون العدل ، ويامرون بالمنكر وينهون عن المعروف ، وهم يشعرون أو لايشعرون ، يعلمون أو يجهلون ، ظنا منهم نصرة الدين وولاية الائمة الطاهرين أو التمسك بسنة الصحابة والتابعين ، وعليه يجدون ويجاهدون رغبة ورهبة لحكم الناس بعقلية وشرعية كانت بنت زمانها فصيروها دينية سارية لكل عقل وزمان ، وهي ما خلقت لغير زمانها ، ولا اريد لها ان تعيش غير احداثها ، فان لكل زمان اهل ، والانسان ابن زمانه ، والعقل في تغير ان لم يكن في تطور ، كما انه وليد تجارب الماضي وما اعطاه الله وخصه في زمنه ، فلا ينبغي له ان يعيش بعقلية قبل آلاف السنين او مئاتها او دون ذلك ، الا بقدر الاستفادة الشرعية الحقة ، و العقلية الصادقة ، و التجريبية المطابقة ، ولو كان التعصب والعداء والثار اصل ساري في كل العصور ولكل العقول لفسدت الارض ، فانه ما من أمة الا ولها
وعليها من قتل قابيل هابيل حتى اليوم الاخير ، وقد جرى الظلم الكثير على الرسل والانبياء ، والاولياء ، وسائر اهل الحق و الراي ، فاذا كل امة دعت بالثار ، وظلت تنادي الى قيام الساعة ، واخرى تدفعها الى قيام الساعة لصار القتال اصل الخلقة ، وضرورة ايجادها ، وبطل التعايش ، ودعوى المصلحين ، و تعطلت الكثير من ايات الكتاب وحكم اولي الالباب ،كمثل : { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ، وغير ذلك من المفاسد ، ومن ثم تحولت المجتمعات الانسانية الي مجتمعات شيطانية وحيوانية لاتطاق ، اذا كل امة تنادي بمظلوميتها من غيرها ، واي امة لم تَظلم او تُظلم الا ما عصم الله ؟ . وهكذا فان دعاة التعصب والطائفية ، ومن لايحترم الراي والانسانية هم الذين يفسدون في الارض ويحيون سنن الامم السيئة يشعرون
او لايشعرون ، ولانستثني منهم احدا مسلما كان او نصرانيا ، شيعيا او سنيا ، عالما
او عاميا ، بل العلماء والقادة اشد ضررا وفسادا ، والجهلة اكثر خطرا وتخريبا ، والشياطين اخس عملا وكيدا ، فارجع الي ربك بتهذيب خُلُقُك ، ولاتتبعهم وتسندهم ماديا ومعنويا ، وتلطخ يدك بالدماء ، وتتقيد بقيد الخطايا والاخطاء ، وتغير خُلُقك فيتغير خَلْقُك من الانسانية الى الشيطانية والحيوانية والحجرية ، ومن ثم تكون كما اردت وتحشر كما
كنت ، { إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } . وحاشا اهل البيت عليهم السلام والصحابة التابعين رضوان الله عليهم ان ينصبوا مذهبا على حساب الاسلام ، او يفرقوا المسلمين انتصارا لاهوائهم ، وما تقرا وتسمع من تشيع وتسنن في الاخبار الشريفة انما هو بمعنى الاقتداء والاهتداء الى نهج الاولياء ، لا التحزب والبغضاء ، والتحامل والعداء فانه : { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } ، { وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ } .

Share |