سوريا ..حرب كونية جديدة/طاهر مسلم البكاء
Sat, 15 Jun 2013 الساعة : 20:55

بروز روسيا مجددا ً في الساحة الدولية كخصم عنيد يواجه أمريكا والغرب من جديد بعد أفول الأتحاد السوفيتي ولعب امريكا في الساحة الدولية بدون منافس ردحا ً من الزمن ،جعل المراقبين يتابعون الحرب الباردة الجديدة بين العظميين بشغف بالغ والتي قد تسجل تقاتل في أراضي الغير .
امريكا لاتزال تتصرف بالقوة والعنجهية التي كانت عليها يوما ًفي حروب صربيا و العراق وافغانستان وقد لعبت وحلفاءها بالمنطقة اشواطا ًبارزة دون ان تكون هناك مواجهة كفوءة ندا ً بند ،وحاولت ان تضع خارطة من تصميمها لمنطقة الشرق الأوسط والعالم بما يخدم مصالحها أولا ً ومصالح حلفاءها الغربين ثانيا ً،وفق ما تسميه النظام العالمي الجديد، اما أولئك الذين ساروا بتوجيهاتها في المنطقة من الصغار فهم ذيول ولا يميزون كحلفاء وهم يدفعون المال ولاحصة لهم بالغنائم ، انهم كذلك الذي يرافق شخصا ً مشهورا ً لكي يبرز امام الآخرين وليس مهم ما يخسره من خسائر مادية ومعنوية .
روسيا من جانبها بدأت كالجريح الذي يصارع من أجل النهوض بعد انهيار الأتحاد السوفيتي عام 1991 ومحاولة الغرب أحتواءها بما سمي وقتها المجلس المشترك الأطلسي الروسي ولكنها فهمت أن الأمر لايعدو عن كونه لعبة أحتواء سياسية عندما ضرب الناتو صربيا رغم معارضتها ،وأدركت ان عليها النهوض ثانية ،وقد تمكنت بشخصية بوتين من التركيز في السنوات الأولى على الأقتصاد وبدت كمن يحتار بنفسه دون ان يعيير أي أهتمام لما حوله ،ولكنها تمكنت بزمن قياسي من لعق الجراح والأستفادة من الكبوات الكبيرة للخصم الذي أغرق نفسه في مواجهات طويلة المدى ومن ثم تمكنت روسيا من العودة من جديد سواء في الدفاع عن مصالحها أو عن حلفاءها التقليدين .
لم تتمكن روسيا من الوقوف بوجه الحلف الغربي في ليبيا ولكن هذا كان درسا ً لها في الساحة السورية حيث تمكنت من كسب تأييد التنين الصيني والوقوف ندا ً بوجه أمريكا وحلفاءها في مجلس الأمن وبالفعل كسرت القاعدة لتعلن الفيتو الروسي ضد التدخل في سوريا على غرار ما حصل في ليبيا ،ومع ان المندوبة الأمريكية اعلنت في حينها ان هذا يولد لها الأشمئزاز غير ان الأشمئزاز الأمريكي لم يفت في عضد الروس الذين ساروا في طريق مناصرة حلفائهم السوريين بحكمة بالغة أطالة المنازلة وجعلت أولئك الذين وظيفتهم الرئيسة دفع المال يتململون ويشعرون بثقل المهمة بعد ان كانوا يعتقدون ان مهمة وراءها امريكا والغرب والصهاينة هي منجزة بسهولة ومتحققة مئة بالمئة !
إذا ما سلمنا ان ما يحصل اليوم هو محاولة أمريكية بمساندة غربية من رسم خريطة للمنطقة وفق روؤاها بواجهة الدفاع عن الحريات ونشر الديمقراطية ،وبنفاق قل نظيره،يقول روني برومان رئيس جمعية أطباء بلا حدود الفرنسية :
(يكفي أن نوسع قليلا ً دائرة رؤيتنا للعالم لكي نفهم الى أي درجة يبدو الخطاب الغربي فيما يخص قداسة الحياة وحقوق الأنسان نفاقا ً خالصا ً )
،و من الواضح أن النسبة الكبرى من الشعب السوري لاتفضل ماحصل للبلاد من تدمير و قتل وتهجير لأهلها أبدا ً،ولو كانت الديمقراطية هي الهدف لكانت هناك طرق سلمية أخرى كالأنتخا بات والأستفتاءات ولكننا نتساءل كيف عرف من يدعمون القتل والأرهاب اليوم في سوريا أن غالبية الشعب السوري لاتريد حكومتها ورئيسها، فبدءوا بزج جماعات من خارج سوريا في الداخل السوري ومساندتها وتسليحها ،وإذا كانوا فعلا ً مع الشعوب كما يعلنون لماذا لايناصرون شعب فلسطين الذي يمر بأكبر محنة بالتاريخ الحديث ، وليقولوا لنا ماذا فعلوا بالعراق وأفغانستان بعد ان دخلوها لينشروا ديمقراطيتهم ؟
ان مناصرة امريكا وحلفاءها لأولئك الذين يحاولون اليوم إزاحة الحكومة الرسمية وحتى لو دمر كل شئ في سوريا، أخذت منحى بارزا ًسواء بالتسليح أو الخبرة والتوجيه او بدفع الأموال والمقاتلين المغرر بهم ، وعلى الجانب الثاني تقوم روسيا وحلفاءها بمساندة شعب سوريا وجيشه معنويا ً وبالسلاح والخبرة لأدراكها أن الأمر وصل خطوطها الحمر وانها أن جلست متفرجة فأنها ستكون الضحية القادمة .
ان ما يحصل من تكافئ وعدم قدرة أي طرف على الحسم السريع هو ما وصل بالأمور الى تدمير سوريا وزيادة اعداد القتلى والمهجرين ،وقد بدأ التلويح بأدخال أسلحة حديثة على الجانبين مما يجعلها ستكون أول منازلة كبرى بين الجبارين ولكن على الأرض السورية .