"مجرد رأي"......(76)/علي الحاج
Sat, 15 Jun 2013 الساعة : 15:45

باسمه تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يرجى متفضلين بإعادة نشر هذا الموضوع، لأنه نشر مبتورا في المرة الماضية على مايبدو لأسباب فنية مشكورين.
"مجرد رأي"......(76)
«مات الدين»
أمسكت شرطة الملك النبي داوود (ع) شابا، كان راكضا ويصيح بصوت عال، "مات الدين مات الدين".
سأله داوود(ع): لم تتظاهر بهذه المثلبة على الدين امام الناس؟ قال:
أيها الملك كنت في طلب صاحبي هذا المتسارع في السير، وقد كنت على عجل من امري، فكنت اناديه باسمه هذا "مات الدين، مات الدين" !
كان الشاب "مات الدين" يرتعد خجلا من اسمه، خصوصا وانه مازال في حضرة الملك، فقال ردا على سؤال الملك:
إن أمي هي التي سمتني بهذا الاسم إيها الملك!!
قالت الأم: إن ابني هذا عندما كان في بطني، وكان ابوه يتاجر بتجارة مع أصحاب له في المهنة ببلد بعيد إيها الملك، وفي عقب سفره الأخير، أخبرنا أحدهم أن صاحبهم -أي زوجها- قد مات بظروف غامضة، ودفن هناك،ولم يجدوا شيئا يذكر من تجارته وأمواله، قلت في نفسي "مات الدين" إيها الملك، فصار اسما لابني هذا.
أرسل الملك في طلب القوم، ففرقهم فرادى فرادى، وجعل كل واحد منهم في مكان، ينأى به عن ثلته، واستجوبوا جميعا عن ظروف موت صاحبهم ومصير تجارته وأمواله، فكانت أقوالهم جميعا متناقضة ومتداعية، وتدل جميعها على انهم كاذبين، وأدلت على أن "للصدق رواية، وللكذب روايات".
فأقام عليهم الحد داوود (ع)، وأخذهم بدم القتيل وماله، وأعاد الحقوق لورثته، وقال لأم الولد، الآن سميه ب"عاش الدين"، إن شأت.
ماجعلني أن اسوق هذه المقدمة، وإن كانت مسهبة بعض الشئ، لإتسائل ترى هل يجود الزمان علينا برجل مثل داوود الملك، حتى يأخذ لنا بدمائنا المهدورة، وأموالنا المسروقة والمفقودة والمنهوبة والمغسولة؟.
وأريد أن أقول أيضا: هل أن الدين قد مات حقا؟
وقد وليه غير اهله؟ فلنبكي عليه بكاء الثكلى على ولدها.
والساسة لو انهم كانوا على رواية واحدة في الوعد والوعيد لكانوا صادقين، ويستطيعوا أن يبروا بوعودهم، وينجزوا ما أنتخبهم الشعب لأجله، ولحققوا جميع الانجازات الملقاة على عواتقهم، بوازع مهني وأخلاقي، يخافون فيه الله سبحانه وتعالى ويحترموا الشعب بتحقيق احلامه، والابتعاد عن إستسذاجهم في كل حين وكل مناسبة ومعضلة.
العراقيون أبتلوا ببلاء موت الدين، ابان حكم الصنم، وبعد سقوطه "إذ لم يبق من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه"، وبابتلائات اقتصادية ومعيشية وأمنية وسياسية يشيب لها رأس الوليد، كان المحرك الأقدر لايجاد هذه الإبتلائات السياسة والسياسيون، الذي لاينفكوا ولو للحظة واحدة من ايجاد الخلافات والاختلافات والتجاذبات السياسية، التي أثرت وبشكل سافر على نجاح العملية السياسية، وحرمان المواطن التواق لتحري سبل العيش الرغيد في بلد غني ولكن يحظى ابناؤه بشغف العيش الضنيك.
ومايدل على ذلك، التباين الحاد بين طبقات المجتمع من الناحية المعيشية، وكثرة الارامل والمطلقات واليتامى،وذوي الاحتياجات الخاصة والفقراء والمساكين ،وتفشي ظاهرة الفساد المجاز بكافة انواعه، وعشرات الظواهر والتي يقف إزاءها الدين حائرا، بسبب الممارسات العرفية والسياسية السائدة في المجتمع بعباءة الدين، والتي حلت محل تشريعات الدين.
كل هذه التداعيات التي يعاني منها المجتمع، ستنحسر بكل سهولة وطواعية لو أن العملية كتب لها النجاح والنضوج السياسي البعيد عن المراهقة والنخاسة والخيانة والانتهازية السياسية.
وعليه إن ارادوا السياسيون لملمة الوضع في العراق، والقضاء على الأزم السياسية،والعبور به إلى شاطئ النجاة، عليهم سلوك السبل التي تؤدي إلى تطور نظام الحكم فيه، واغناء العملية السياسية بأواصر مأدلجة ومجربة في أغلب الدول التي سبقتنا في هذا المضمار، بما يجعل جميع الشركاء في خندق واحد، وبعيدا عن الصراعات السياسية والتجاذبات والخلافات المزمنة،وعليهم أيضا أن يسعوا لانجاح العملية السياسية واحتواء جميع الفرقاء السياسيين والرموز، والسعي كذلك "لتشكيل حزبين اثنين وضم جميع أحزابهم تحت رايتيهما، من شمال البلد إلى جنوبه، على أن يضع كل منهما برنامجه واجندته السياسية ومبادئه، في سلة يطلع عليها جميع قوى الشعب قبل عملية الاستفتاء،
ووفق قانون الأحزاب الذي يجيز لهما ممارسة العملية السياسية وخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، أو انتخابات مبكرة،والفائز منهما يتسلم الحكومة، والذي لم يوفق للفوز يتبنى المعارضة تحت قبة البرلمان، أو إذا كان هذا الأمر متعسرا حاليا، فالميل إلى قبول اطروحة حكومة الأغلبية الممثلة للمكونات هو الاجدى والانجع للعملية السياسية، ولجميع القوى والنخب السياسية، والأقرب خطا من خطوط طموحات الشعب المهتم كثيرا بنجاح العملية السياسية، بعيدا عن أية صراعات وتجاذبات ومناكفات سياسية".
و"عاش الدين، عاش الوطن، عاش الشعب"
علي الحاج