حياتنا بين الاختيار الانساني والاختيار الالهي/عصام الطائي

Wed, 12 Jun 2013 الساعة : 23:56

هناك صراع بين سيادة الانسان وسيادة الله تعالى فالانسان المتمرد يجعل السيادة لنفسه والانسان المؤمن يجعل السيادة لله ومن سمة الايمان الاساسية هي صفة التسليم لله فالمؤمن الواقعي هو الذي يتقبل اوامر الله من خلال التسليم لهم تعالى وكلما ضعف عنصر الايمان يضعف عنصر التسليم وبذلك سوف يفضل ويقدم الانسان اختياره عن اختيار الله وهنا يكمن عنصر الفرق بين الايمان الواقعي والايمان المزيف فهناك ممن يدعي الايمان بالله تعالى الا انه يجعل الاولوية لاختياره عن اختيار الله وان الله تعالى يريد ان يطاع من حيث هو يريد لا من حيث نحن نريد لذلك تتدخل الاهواء النفسية في مسالة الاختيار ويقدم اختيار الانسان عن اختيار الله خصوصا اذا ما قويت الاهواء في النفس فيقل عزم الانسان في الاستجابة لاختيار الله لذلك نجد ان كثير من الايات القرانية تبين ان الايمان الواقعي هو ممن يستجيب لاوامر الله تعالى فيقدم اختيار الله عن أي اختياراخر فيما اذا طلب او نهى الله سبحانه من الانسان امرا او نهيا ما.

ومن هذا المنطلق تظهر الاختلافات بين الاديان والمذاهب والشخصيات فعنصر الاختلاف يظهر من خلال الصراع بين سيادة الانسان وسيادة الله تعالى المتمثل بالصراع بين الايمان والكفر من جهة ومن جهة اخرى هناك صراع اخر ضمن دائرة واحدة بين المسلمين انفسهم ويكون الصراع حول مدى الاستجابة لاوامر الله تعالى اي قوة وضعف الاستجابة لاوامر الله تعالى وبذلك تحدث المشاكل والازمات العقائدية بين الفرق والمذاهب الاسلامية وان تركيز القران الكريم في كثير من اياته من خلال طرح المسائل العقائدية والاجتماعية والسياسية والتاريخية لبيان اهمية اساسية بضرورة الالتزام أي مؤمن بقيم ومبادى ومثل الاسلام من ان يجعل اختيار الله مقدم عن اختياره وليس المقصود بكلامنا حول الاختيار بين طريق الشر او الخير فالقران بصريح العبارات قد منح أي انسان عنصر الاختيار بين اتباع طريق الخير او اتباع طريق الشر ولكن المقصود من كلامنا هو ان الذي يدعي الايمان بالله تعالى لا بد ان يكون عنصر التسليم في الاستجابه لاوامر الله سبحانه هو المقدم عن اختياره .

وتكمن عظمة الانبياء والائمة والعلماء هو بمدى الاستجابة الصادقة لاوامر الله اما غير اولئك من الناس فتتفاوت الاستجابة والتسليم والخضوع لاوامر الله سبحانه فقد يرغب أي انسان بالتمسك بقضية معينة يعتقد انها الاصلح الا المومن الحقيقي هو الذي يحاول ان يجرد نفسه من الاهواء ويجعل طاعته خالصة لله وان ضعف الطاعة هو الذي يخلق كل التناقضات في الحياة الانسانية فالانسان يريد شيء والله يريد شيء اخر وان ما نشاهد من مظالم وعدم تحقيق العدالة هو بسبب هذه التناقضات التي تؤسس للظلم والعدوان فقد نجد البعض ممن يدعي الايمان الا ان كل ادعاءته لا قيمة لها فحينما يبين الله ان من قتل نفس كانما قتل الناس جميعا ويقدم على قتل أي انسان وفق اهواءه ويبرر تبريرات شيطانية للقتل فان ايمانه لا قيمة له فهنا قدم اختياره عن اختيار الله سبحانه وهكذا كل معصية وكل تخلف عن أي طاعة يعتبر بسبب تقديم اختيار الانسان عن اختيار الله .

وان مشكلة البشرية جمعاء هو بسبب التخلف عن الاختيار الالهي الذي كله رحمه وكله عدل وكله خير وان الذات المتضخمة هي التي تتمرد عن الاختيار الالهي ولقد هلك ابليس بسبب تضخم ذاته وجعل لها نديه مع الله تعالى وقد تخلف الكثير عن مسار الانبياء بسبب تضخم ذاتهم وتخلف الكثير عن المسار الصحيح للاسلام بسبب تضحم ذواتهم فان تضخم الذات يظهر بسبب التكبر ثم ياتي دورالطمع والحسد والكثير من المساوى الاخلاقية فكلها تساهم في التخلف عن الاختيار الالهي.

( وقد قيل الخير هو ما اختاره الله )
عصام الطائي 
 

Share |