هل اصبحت لدينا سياسة ؟/طاهر مسلم البكاء
Wed, 12 Jun 2013 الساعة : 17:05

يوصم العرب عامة ،في العصر الحديث ، بعدم اجادة اللعبة السياسية سواء على المستوى المحلي او المستوى الدولي ،ويصنفون على انهم ناشئون فيها ،ففي قياد بلدانهم اشتهروا بالديكتاتورية البغيضة حيث يحكم رئيس البلاد بالحديد والنار ويلتصق بالكرسي فلا يزال عنه الاّ بالموت أو هلاك العباد وخراب البلاد ،وفي وقت ان الدبلوماسية الصهيونية صنعت اسرائيل فأن الدبلوماسية العربية لم تجلب الاّ البوار وضياع الأرض والديار وكان النصر الذي حققه قادة العرب هو حفاظهم على عروشهم واحيانا ً اجادتهم فن توريثها الى ابناءهم وكم أفواه العامة .
واذا تناولنا بعض الأراء في ماذا نعني بكلمة السياسة نجد انهاتختلف من مفكر لأخر ومن شعب الى اخر فهي لدى سقراط تعني معرفة وادراك فن الحكم ،ولدى افلاطون هي التربية في حياة جماعية مشتركة ،ويراها البعض انها الكفاح للحصول على السلطة من أجل تلبية حاجات المجتمع ويرى الكثيرون اليوم انها فن الخداع والمكر والمساومة للحصول على السلطة وأستمرارها .
اذن فهي بعيدة كل البعد عما يشتهر به العرب من الصدق في العهود والمواثيق والثبات عليها ،حيث انهاتجمع بين الصدق والكذب وبين الثبات والتنصل فهي اذن فن المتناقضات ولكن بشرط ان تكون النتائج ايجابية للوصول الى المصلحةالمبتغاة ،وهذا ما يفسر فشلهم السابق فيها .
وفي حياتنا السياسية الحالية وجدنا من ايجابياتها انها تعتمد طريقة ديمقراطية وفرت الفرصة لشريحة واسعة من ابناء الأمة لتولي مناصب سياسية وبالتالي ممارسة ولعب دور سياسي في حياة المجتمع كل من موقعه ، وبدأنا نشاهد ساسة بدأ الأخرون يشيرون اليهم بالبنان على انهم اجادوا في لعبة السياسة كما ان آخرين لم يحالفهم الحظ وهذا اعتمادا ً على النتائج المتحققة في تولي السلطة و ادارة الناس وتقديم الخدمة لهم .
وما شد انتباهنا الى هذا الموضوع هو لعبة التحالفات التي تجري على الساحة العراقية اليوم سواء على مستوى الجهات العليا في الدولة او مستوى الأدارات المحلية ،حيث بدأنا نبحث عن المصلحة ونقفز على الثوابت التي كنا سابقا ً نعتبر تجاوزها من المحرمات ،فقد نجد ان مسؤلا ً رفيعا ً يتنازل عن مواقف كان يعتبرها استراتيجية لأجل ارضاء طائفة من الشعب أو قومية ما دامت هذه المواقف تحقق نتائج أفضل مما يحققه الرصاص ،ووجدنا كتلا ً ترفع صور شخصيات مهمة ،لها شعبية واسعة بغية الكسب الأنتخابي ولكنها بعد ان تتمكن من الفوزتديرظهر المجن لها و تتحالف مع جهات أخرى مادام هذا التحالف يحقق الحصول على المناصب والذي سيوفر تقديم الخدمة لعامة الناس وفي حقيقة الأمر هو فعل سياسي متقابل فالخصم الذي تمكن بسياسة الأحتواء من منازلة خصمه وكسب أجزاء كانت تحسب مكونات من كيانه قد عمل على أضعاف الخصم وتقوية بنيته هو، وهذا هو فن السياسة الذي نأمل ان لايقتصر على هذا المجال بل يتعداه الى الجانب الأهم وهو فن ادارة السلطة بما يوفر أفضل خدمة للناس في نتائجه العامة ، و على المستوى الدولي يتوخى السياسي أهدافا ً قد تكون غير منظورة في وقت الفعل ولكنها تبرز واضحة ككسب كبير بعد فترة زمنية معينة وهذه ما تسمى بالحنكة السياسية ومن امثلتها سياسة الأحتواء التي مارستها الولايات المتحدة الأمريكية ضد خصمها اللدود الأتحاد السوفيتي والتي حققت ما تصبو له امريكا من تفكيك اوصال السوفيت دون حرب رغم امتلاكه لسلاح قادر على تدميرها ، والسياسة الصهيونية التي مورست اتجاه الدول الكبرى لأيهامها بمظلومية الصهاينة وأحقيتهم بوطن قومي على أرض فلسطين .