الدنيا سجن المؤمن/عباس ساجت الغزي

Wed, 5 Jun 2013 الساعة : 13:11

ائمة الهدى اهل البيت عليهم سلام الله جميعاً عماد الدين الاسلامي وحفظة الرسالة الاسلامية من الانعطافات التي رافقت الدعوة الاسلامية من الوحي وترافقها حتى قيام الساعة ، عباداتهم و تضحياتهم وعلمهم واخلاقهم واقوالهم تعتبر مدارس الوحي ومناراً وقبس من نور الهداية المحمدية في ارض المعمورة .
كانوا في حياتهم فترة اليقظة الانسانية عند الامة الاسلامية بعملهم ووعظهم ورشدهم ووصاياهم " وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى " إنه الزاد الذي لا غنى للعبد عنه ليقدم على ربه آمنا وإلا ندم يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم , وقدموا سلام الله عليهم حياتهم قرابين في سبيل احياء كلمة الله والرسالة الاسلامية .
واقوالهم شاهدة على افعالهم ومواقفهم الثابتة دليل خلود تلك الافعال والاقوال على مر الاجيال , وراهب اهل البيت الامام موسى بن جعفر ( كاظم الغيض) عليه السلام الذي تمر ذكرى استشهاده اليوم نبراس ومناراً وطير الجنة المحلق فوق سماء بيت الوحي والنبوة والوصايا , الذي ترجم للتقوى هذه المنزلة الرفيعة من دين الله تعالى , فنال بذلك تلك الدرجة الرفيعة والمنزلة الكريمة .
بعد وفاة الامام جعفر الصادق (ع) انطلق الامام الكاظم (ع) لينهض بزمام المسؤولية في الامة الاسلامية بعد وصية عجيبة عثر عليها الوالي في زمن المنصور , وبعد قرأتها حار الوالي في ما كتب الامام بتلك الوصية ! وأرسل للمنصور يعلمه بمضمون الوصية ؟ لكنّ المنصور كان أكثر منه حيرةً وذهولاً حين علم بذكاء الصادق (ع) فقد كان مضمونها " أنّ الإمام يوصي من بعده لخمسة أشخاص : المنصور نفسه ، والوالي محمد بن سليمان ، وولداه موسى الكاظم وعبد الله الأفطح ، وزوجته حميدة " لان الامام كان يعلم ان المنصور يبحث عن الوصية ليعرف الوصي الذي عيّنه من بعده . وأمره أن يقبض على هذا الوصي ويضرب عنقه فوراً..
وفي تلك الفترة كان البطش والقتل للمعارضين سيد المواقف , وكان الناس يعرفون المنصور قائداً للمسلمين والخليفةً لهم , فقد وضع خططاً كثيرةً لإطفاء شعلة التشيع وقام بشراء مجموعة من الفقهاء من وعّاظ السلاطين آنذاك للبس الحق بالباطل , ويذكر التاريخ ان اكثر من مائة فرقة انشأها المنصور لهذا الغرض بعد ان اغدق عليهم بالأموال , لكن الامام الكاظم (ع) كان على دراية بتلك الاساليب والممارسات المعادية لأهل البيت عليهم السلام .
امضى الامام حياته في التصدي لطواغيت الزمان المنصور والمهدي والهادي وهارون الرشيد ، وعمل على نقل الأحاديث والعلوم القرآنية والإسلامية الصحيحة إلى أصحابه الأوفياء وعدد الذين تميزوا في نقل هذه التعاليم اكثر من ثلاثمائة شخص كانوا أصحاب كتب ورسائل ومخطوطاتٍ .
وتعرض الامام للسجن المشدد ما يقارب عشرين عاماً في أشدّ أيّام الإسلام ظلاماً ، فهو صاحب مبدأ قل الحق ولو فيه هلاكك والدنيا سجن المؤمن , فما كان يخشى سطوة الجبابرة ولا تأخذه في الحق لومة لائم حتّى اغضب صبره الرشيد فاصدر اوامره الى الشقي السنديّ بن شاهك , بأن يدسّ السم في حبات من التمر ويضعها في طعام الامام , وقضى الامام شهيداً بالسّم , ضناً من الرشيد بأنه حجب انوار الاسلام واطفأ شمعته المنيرة لدروب الرجاء , لكن مقام الامام في الكاظمية حتى اليوم شاهداً على تلك الجرائم .
 

Share |