الصراع على الخلافة الاسلامية(4) زلة خالد بن الوليد- الاء حامد

Wed, 20 Jul 2011 الساعة : 10:42


 أوردنا ملاحظة مهمة في نهاية الجزء الثالث من بحثنا هذا تتعلق بحادثة مقتل احد زعماء التمرد يدعى: مالك بن نويرة على يد خالد بن الوليد الذي كان يتقلد مهام قائد العام لقوات الجيش الإسلامي المكلف بالقضاء على جيوب التمرد في حروب الردة, ثم الزواج من أرملته عشية مقتلة.

تلك الحادثة المؤلمة أثارت حولها الشكوك والتساؤل لاسيما وان مالكا لم يكن بخروجه عن الدولة الاسلاميه يعتبر ارتدادا عن العقيدة الدينية الإسلامية كما حصل مع غيره من زعماء التمرد , وإنما خروجه كان يعتبر احد مظاهر السخط او الاحتجاج على نتائج اجتماع السقيفة.

ما يؤكد رأينا هذا هو رفضه للتحالف ضد حكومة المدينة مع تلك المرأة التميمية القادمة من ديار تغلب في الجزيرة العربية التي أخذتها أيضا موجة الزعامة والتنبؤ , غير ان هذا الموقف لم يعفه من دفع الثمن باهظا ولم يسقط العقاب عنه او عن جماعته.

من المعلوم لدينا إن خالد بن الوليد أظهرته الحروب الاسلاميه – الوثنية مقاتلا محترفا وقائد سياسيا محنكا وقد نال الكثير من الألقاب والنياشين الميدانية المهمة والأوسمة العسكرية المشرفة, ولكن إذا كان كذلك لماذا أقدم على هذا الفعل المشين الذي نسف تأريخه العسكري بلحظة أو على اثر نزوة شخصية مدمرة ؟ إذ انه لم يكتفي بقتل مالكا وحسب حينما وقع عنده أسيرا والتنكيل بأصحابه بل انه تزوج من أرملته التي لم تقضي يوما واحد من عدتها التي شرعها لها الشارع الإسلامي؟

كيف لمثل خالد أن يهفو هذه الهفوة القاصمة التي كانت من دوافعها نزوة شخصيه وهو يعلم أنها لن تمر دون ان تترك بصماتها على شخصيته العسكرية و السياسية ؟ .وقد وجد من انتقده بشدة على هذا التصرف الغير مقبول سواء من الخليفة الأول نفسه أو من نائبه عمر بن الخطاب الذي نسب إليه القول ( سيف خالد فيه رهق )

كما ان عمرا اتهمه علنا بتهمة القتل العمد لإغراض خاصة وشخصية من رجل لم يتخل عن عقيدته , ( روى الطبري بتأريخه ان عمرا تكلم مؤنبا خالد بن الوليد عن فعلته هذه إمام الجمع وفي مجلس الخليفة قائلا : عدو الله عدا على امرئ مسلم فقتله ثم نزا على إمرته) (1) مطالبا الخليفة بإقامة الحد عليه (فأن لم يكن هذا حقاً , حق عليه ان تقيده) وعزله عن قيادة الجيش وانظم إلى مطلبه الصحابي أبي قتادة الأنصاري الذي كان يلح إلحاحا عجيبا على الخليفة بضرورة إقامة الحد عليه.

بدورنا هنا نتساءل لماذا لم يستحب أبو بكر لمطالب عمر في هذا الموضوع مع انه كان لا يهمل له طلبا أو يترك له مشورة وهو نائبه وخلفه من بعده ولماذا ايضا لم ينصاع لإلحاح أبي قتادة لذات الحادثة لاسيما وان الأخيرين كان يسندان طلبهما وفق حدود الشريعة الإسلامية التي هي من أجلست الخليفة على عرش الخلافة .

يبدوا عمليا كان الخليفة الأول يرى من مصلحة وفائدة المسلمين في إبقاء خالد قائدا لجيشهم وخصوصا بعد توجهه إلى بلاد الشام لبدأ الفتوحات الإسلامية على يده . هل فعلا كان رأي الخليفة هذا مقنعا وكان وفق اجتهاده السياسي الخاص ؟ وان عزل خالد إثناء الحرب فيه ضررا بالغا على معنويات الجند , ولو كان ذلك الإجراء سيكون على حساب الشريعة وإحكامها, مطالبا عمرا بالكف عن هذا الحديث مخاطبا إياه ( إليك عني يا عمر ! ما كنت لأشيم سيفا سله الله على الكافرين ,تأول فأخطأ فأرفع لسانك عن خالد )

أخيرا: لقد ضلت هذه الحادثة من الثغرات البارزة في تاريخ هذا القائد الشهير , وبقيت إخبارها في التداول حتى خلافة عمر الذي قيل انه كان ما يزال تحت تأثير الغضب من سلوك قائده المظفر حينذاك في حروب الشام , عندما لجأ الى عزله عن القيادة .

للحديث بقية في الجزء الخامس سنتناول خلافة عمر وابرز الصراعات التي حصلت فيها ومن أعطى حق التفويض المطلق للخليفة الأول في اختياره من بعده دون الرجوع لمجلس الشورى . دمتم بألف ود وخير

المصادر والاحالات
1- تأريخ الطبري ج3 ص243

 

 

Share |