سجون بغداد شواهد للحرية والأصلاح/ واثق الجابري

Tue, 4 Jun 2013 الساعة : 12:29

قال تعالى: «قُلْ هذِهِ سَبِيلي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى‏ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكينَ» خاتم المرسلين وضع الستراتيجية المطلوبة والمنهج الواضح وابتدأ مشروع الأصلاح ليكمله امير المؤمنين (ع) بالتأسيس لدولة الأصلاحات ومن ثم أل بيته الاطهار , اما عهد امامنا الكاظم (ع) تميز عن عهد الصادقين عليه السلام ومن سبقهم بميزات الحّت على الإمام ممارسة الاصلاح بوضع مختلف بما اكتنفه من ظروف, وفي عهد امامتة سيطرة الطغاة بشكل محكم على الامة الاسلامية ولم يتم ذلك الاّ بالارهاب وسفك الدماء حتى من اقرب المقربين من سدة الحكم الجائر، فلم يكن احدّ آمناً على نفسه من بطش الجبارين والمستبدين ,وسائر الناس كانوا يرتجفون كالسعفة من هؤلاء الطغاة الظلمة، واستولى الذعر والخوف، وانتشرت الاشاعات، وترقب الناس الشر.بغداد بلغ نفوسها عشرة ملايين أنذاك يرتجفون خوفاً ويموجون من مجيء احد جلاوزة الخليفة. المتأمل في طرق الإصلاح وحياة المصلحين عبر التاريخ يجد اختلاف المسلك ووحدة الهدف، فإن تعددت الطرق الا ان الغاية واحدة تتلخص بمعنى (الاصلاح). منذ تأسيس الدولة الاسلامية على يد الرسول الاعظم (ص) وتوسع الدولة وتعاظمها وضع أسس كان في قمتها الحرية ومحاربة العبودية والاستبداد , امير المؤمنين علي (ع)وهو يحكم ما يعادل خمس وخمسين دولة في زماننا هذا، كانت سجونه عبارة عن فجوة صغيرة من القصب لم يوضع فيها احداً الا اضطراراً ولأيام معدودة ، وعندما استولوا الظالمين والمستبدين على السلطة نتيجة غفلة الناس وجهلهم وابتعادهم عن الإمام وآل رسول الله ونهجهم القويم، اخذوا بتوسعة السجون وابتكار انواع التعذيب حفاظاً على سلطتهم المغتصبة , مثال سجن الحجاج يحتوي على مائة وعشرين الفاً بين رجلٍ وامرأة، عارين من اللباس، يعيشون تحت حرارة الشمس نهاراً والبرد القارص ليلاً، وإذا أراد احد ان يتكئ على الحائط في وقت الظل رموه بالنشاب حتى يتحول الى الشمس, و يعطى السجناء الخبز الممزوج بالرماد والماء الممزوج بالملح، و سجنه يسبب تغيير لون الانسان الذي يعيش فيه لمدة،ومنعهم حلق رؤوسهم وقص أظفارهم، المرافق في السجن عارية مكشوفة و يتخلى حيث يراه الناس، ، وينقل التاريخ انه نبش اثنين وعشرين الفاً من القبور الموجودة في ضواحي الكوفة واحرق بعض الجثث, اما في عهد هارون والعباسيين فقد طُورت اساليب التعذيب اكثر من ذلك منها اسلوب الأعمدة المجوفة حيث يبنيها وبضع الانسان فيها ثم يسد فوهة العمود فيبقى المعذب فيه حتى يأتيه الموت بتلك الحالة, هارون كان يقتل الناس بالسم والسيف وقد قتل الامام موسى بن جعفر عليه السلام بعد سجنه ما لا يقل عن أربع سنوات، واهانته له وتسليمه الى السندي بن شاهك المجوسي الذي كان من أقسى جلاوزته وسجنه في المطمورة، وجعل على يديه ورجليه وعنقه قيوداً ثقيلة كانت تساوي أربعمائة كيلوا غرام، و السندي بأمر من هارون كان يضرب الامام عليه السلام بالسياط و ذنبه انه حفيد رسول الله (ص) وانه الامام الشرعي، والخليفة من الله سبحانه وتعالى على الخلق أجمعين، و الأمام مشغولاً على الدوام بالعبادة والزهد والفضيلة والتقوى الى ان سقاه السم وقتله مسموماً مظلوماً، فلم يكتف بذلك وانما أمر بوضع جثمان الامام عليه السلام بكل اهانة على جسر بغداد ثلاثة أيام وكانوا يصيحون على الجنازة بنداء منكر، لكن لما تحرك الموالون للامام عليه السلام في بغداد وخاف هارون من حدوث اضطرابات في البلاد أمر بعض أقربائه وهو سليمان بتدارك الموقف وهو من المجرمين ,فجعلوا ينادون بخلاف ما نادوا اولاً قائلين (الا من أراد ان ينظر الى جسد الطيب بن الطيب الطاهر بن الطاهر فلينظر إلى جنازة موسى بن جعفر).وشيعوا الامام عليه السلام باحترام ظاهري حتى دفن عليه السلام في مقابر قريش.0كان امامنا الكاظم عليه السلام مواكباً ومتعايشاً ظلم الطغاة واستبدادهم بل وكفرهم وظلمهم لذا فقد كان يغتنم الفرص للوقوف يوجههم وتأليب الامة عليهم ومن خلال القصص والأحاديث لغرض اصلاح الأمة ووحدتها .

Share |