كربلاء تتحدث/عقيل الموسوي

Mon, 3 Jun 2013 الساعة : 16:40

تيهاً قبل قدومك كنت سيدي وضياعا , تتقاذفني أمواج شوقي للقياك وسكينة صبري بأنتظار ذلك اللقاء العاشورائي العظيم ... لم أجد من يحرك مشاعري على مدى ملايين سنوات عمري سواك , أو يغازل ناظريَّ وهي مشبوحة صوب الطريق القادمة من الحجاز غيرك ... عشقت ذاتك مذ رأيت نورك بعرش الله محدقاً يشع خويطات يتوضأ الكونِ بشررها , وتخطف أبصار الناظرين ... وكنت أول من أتى الله طوعاً لأنال شرف الأقتران بقدسيتكم , فصيرني في قارورةٍ أودعها رسولُه زوجَه لتفور تنوراً يطوف الكونَ يوم اللقاء ... وكان اللقاء ... وكان العناق ... وكان الغزل والتغزل , حين ناديتني كرب وبلا , ولم أشأ مناداتك سيد الشهدا , أذ تلعثم لساني , واهتز من هيبة الطلعة كياني , فرحتُ ألثم نعليك لأزداد شرفا سيدي , وراحت المآقي تنثر دمعاتها حلوىً حسبتها لجةً فكشفت عن ساقي .. أنها حقاً صروحٌ ممردة .. تلك هي دمعات الحوراء وسكينة والرباب , لأتيه ثانية وأذهل بين فرحة اللقاء وزحمة المليك حولك وهول المشهد .. فكانت المثلمة في ضيافتكم , أذ تركتكم دون سقيا .. وأنّى لي سقياكم وقد جفت عروقي ذهولاً من هيبتكم , وتيبست أنفاسي من صلابة شموخكم ... وهنا كان الأيثار والكرم .. فبادرتم لأرواء ضمأي وعطشي بدمكم الزاكي ... لأستفيق من تيه اللقيا وذهوله على صدمة الفجيعة الكبرى , فأضمك بعد غيبوبة قطعتها معاول بني أسدٍ جثةً مخضبةً بدماء الأوداج التي فارقت تاجها محمولاً على نصلٍ يهدى الى الشام ... فكانت لوحةً أراد لها الخالق أن تحاكي الكون وتحكي أحجية الكرامة بكل اللغات , وأحنو على جراحك وهي أوسمة تعكس نور العرش لتستضيء به سدرة المنتهى فتكون ثمارها الأباء وسيقانها البطولة وأغصانها التضحية وأوراقها الخلود ... وأصلها فيك ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها من أراد الى ذلك سبيلا .. ولازلتُ في عناق معك مذ أنختَ رحلك تستريح من لغوب مسّك مدافعا نيابة عن الله عن دينه .. لأنال شرفا مابعده شرف .. فصرتُ قبلةً للأنظار مدى الدهر وعنواناً للكرامة والفداء .. وهاأنذا أسمو نحو العلى بفضلك ياسيدي , بخطىً واثقةٍ .. من مجدكم تستمد عزمها .. ومن شرفكم تصنع ثباتها .. أضم بين جوانحي العاشقين لكم , والمستلهمين قيم البطولة منكم , وأرفد زائريك بعزم الصمود وبهجة النفوس , وأمنحهم سمة الدخول الى جنان الله بختمٍ مداده غبرةٌ عانقت أهدابهم أو لامست أرجلهم صعيداً طيبا .. وتهوي أليّ أفئدةٌ من الناس كل حين .. فألثم جباههم لدلوك الشمس الى غسق الليل ولقاء الفجر .... أنه كان مشهودا 

Share |